احتشد العشرات من المتظاهرين أمام مبنى البرلمان بالرباط، مساء اليوم الإثنين، احتجاجا على استمرار اعتقال شباب الفيسبوك لأزيد من 6 أشهر، على خلفية تدوينات فيسبوكية غداة مقتل السفير الروسي بتركيا، واصفين اعتقالهم ب"الفضيحة والمهزلة". المتظاهرون رفعوا شعارات غاضبة تعتبر اعتقال الشباب الفيسبوكيين بأنه اعتقال سياسي وليس قانوني، مرددين هتافات من قبيل: " اعتقلهوم سجنهوم.. ولاد الشعب يخلفوهم"، "وسطيين معتدلين.. ولسنا إرهابيين"، "إدانة صريحة.. لبلاغ القضية"، "المعتقل خلا وصية.. لا تنازل عالقضية"، "الحرية الحرية.. لشباب الوسطية"، "عاش الشعب عاش عاش.. المغاربة ماشي أوباش". الوقفة التي دعت لها منظمة التجديد الطلابي بتنسيق مع شبيبة العدالة والتنمية، شاركت فيها عائلات المعتقلين الذين أتوا من الشمال والجنوب للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم، وتوجيه مناشدة إلى الملك محمد السادس بالتدخل لإنقاذ المعتلين المضربين عن الطعام لليوم السادس على التوالي، كما حضر الوقفة برلمانيون وحقوقيون ونشطاء من مختلف الحساسيات السياسية. مناشدة إلى الملك محمد شطيبات، شقيق المعتقل أحمد شطيبات من مدينة طنجة، ناشد في كلمة له باسم عائلات المعتقلين، الملك التدخل العاجل لإنقاذ ذويهم من الخطر قبل فوات الآوان، معتبرا أنه في أي لحظة قد يقع مكروه لهم بسبب استمرارهم في الإضراب عن الطعام. وأضاف المتحدث، أن المعتقلين أكدوا لعائلاتهم صباح اليوم الإثنين، أنهم لن يتراجعوا عن خطوة الإضراب عن الطعام حتى إطلاق سراحهم، لافتا إلى أنهم يفضلون الموت في السجن على أن ينعتهم أي أحد بالإرهاب. شطيبات اعتبر أن الإرهاب الحقيقي هو اعتقال شباب أبرياء، متسائلا بالقول: "هل يعقل أن يكون شاب منتمي لشبيبة تربت على الأخلاق والديمقراطية، ومتطوع في الهلال الأحمر، وله إجازة في القانون، أن يكون له فكر إرهابي ويؤمن بالتطرف، هذا غير منطقي وغير معقول". وأكد على براءة شقيقه وباقي المعتقلين من التهم الموجهة إليهم، معتبرا أن اعتقالهم تم بناءً على "حسابات سياسية ضيقة ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل"، مناشدا كل الهيئات الحقوقية والسياسية والمدنية والمناضلين، بأن لا ينسوا المعتقلين، مؤكدا استمرار عائلاتهم في النضال إلى حين إطلاق سراحهم، على حد قوله. إساءة لوجه الدولة المغربية البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، انتقدت استمرار اعتقال شباب الفيسبوك المنتمين لشبيبة البيجيدي، معتبرة أن اعتقالهم يسيء لوجه الدولة في الداخل والخارج، مشيرة إلى أنه لا يشرف الدولة المغربية اعتقال شباب أبرياء لاستهداف حزب معين. وحملت ماء العينين في كلمة لها خلال الوقفة، الدولة المغربية مسؤولية السلامة الجسدية للمعتقلين أو أي ضرر يمكن أن يمسهم بسبب إضرابهم عن الطعام ، معتبرة أنه لا أحد اليوم يمكنه أن يقتنع باعتقال هؤلاء الشباب مع إمكانية متابعتهم في حالة سراح في ظل توفر كل الشروط. وأردفت بالقول: "لا يشرف الدولة المغربية ترويج صورة عن هيئة سياسية تترأس الحكومة المغربية ويوجد في البرلمان أكبر فريق نيابي ينتمي لهذه الهيئة، أنها حاضنة للإرهاب وشبابها إرهابيين، وإذا صح هذا فعلى الحكومة تقديم استقالتها وعلى الهيئات السياسية الانسحاب من البرلمان". وأضافت:"من العيب أن نذهب للمنتديات الدولية ونعرض تقارير حقوق الإنسان لنقدم وجها غير حقيقي لدولة تحترم الحقوق والحريات، باسم حكومة يتزعمها فصيل سياسي مستهدف بهذه الطريقة الذي لم تعد تصلح حتى لسنوات الرصاص التي مر منها المغرب"، وفق تعبيرها. "الملف سياسي" رئيس منظمة التجديد الطلابي، رشيد العدوني، اعتبر في كلمة له في الوقفة، أن المعتقلين أرادوا بهم تصفية حسابات سياسية ضيقة، مشيرا إلى أنهم "ضحايا اعتقال سياسي ومحاكمة سياسية وتعسف واضح في تطبيق القانون"، معلنا دعم ومساندة منظمته مع المعتقلين الذين يوجد من ضمنهم عضو بالمنظمة المذكورة. وأضاف المتحدث بالقول: "الشباب المعتقلين تربوا إلى جانبنا على قيم الوسطية والاعتدال وخدمة الوطن واستقراره وإصلاحه والدفاع عنه، وهؤلاء الشباب كانوا وسيظلون حصنا منيعا ضد كل أنواع التطرف والظلم، بدءاً من ظلم وحكرة الدولة، وصولا للإرهاب الذي يمارسه أي كان ضد أي كان". العدوني اعتبر أن المتابعة السياسية للمعتقلين تأسست على بلاغ وصفه ب"الفضيحة"، مشيرا إلى أنه سرعان ما انكشفت كواليس صياغة هذا البلاغ، مردفا بالقول: "حرام اليوم يبقاوا المسؤولين مصرين على متابعة الشباب على أرضية هشة وخروقات جمة"، مؤكدا أن المعتقلين بعيدين كل البعد عن الإرهاب وعن أي شبهة للتطرف، وفق تعبيره. وتابع قوله: "لأول مرة نسمع أن النيابة العامة تتلقى التعليمات من وزارة الداخلية، ولأول مرة نسمع أن القانون الأصلح للمتهم يُطبق بشكل عكسي، على المسؤولين تحمل مسؤولياتهم السياسية والقانونية والإنسانية، لأننا اليوم لم نعد أمام معطى اعتقال سياسي، بل أمام كارثة إنسانية، لأننا أمام إضراب مفتوح عن الطعام، تُدمر فيه صحة الشباب يوما عن آخر". "تناقض" النيابة العامة اعتبر عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الفيسبوك، محمد أمكراز، أن ملف المعتقلين هو ملف سياسي بامتياز، لافتا إلى أن النيابة العامة تتناقش في توصيفها للتهمة الموجهة إلى المعتقلين، قائلا في هذا الصدد: "إن النيابة نفسها مقتنعة بأن هؤلاء المعتقلين ليسوا إرهابيين، خصوصا بعدما تم نقلهم من سجن سلا 2 المخصص لمعتقلي قانون الإرهاب إلى سجن سلا 1 المخصص لسجناء الحق العام". وقال المحامي خلال ندوة صحفية نظمتها عائلات المعتقلين، مساء الاثنين بالرباط، إن النيابة العامة انتقلت من متابعة الشباب بتهمة "الإشادة بعمل إرهابي" إلى "التحريض عليه"، مشيرا إلى أن "الملف المقدم إلى المحكمة لا يوجد فيه دليل على أن هناك فعلا إرهابيا أو التحريض عليه من قبل هؤلاء الشباب"، واصفا المعتقلين بأنهم شباب معروفين باعتدالهم وينتمون لمدرسة معتدلة وسطية، وبعيدين كل البعد عن الفكر الإرهابي. وتابع قوله: "إن ذنب هؤلاء الشباب الوحيد هو مشاركتهم صورا ومقولات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لواقعة اغتيال السفير الروسي بتركيا، على غرار العديد من النشطاء"، متسائلا بالقول: "لماذا اعتقلت السلطات شباب العدالة والتنمية دون سواهم، رغم أن الفيسبوك كان مملوءا بصور أفضع مما نشرها الشباب، والذين بالمناسبة لم تتعدى مدة نشرهم لتلك الصور ما بين 7 إلى 10 دقائق فقط".