قدم السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المعينة من قبل الملك في 5 أبريل 2017، برنامجا حكوميا تضمن العناصر الكبرى المؤطرة لأجندة السلطة التنفيذية على مدى خمس سنوات القادمة، أمام البرلمان المغربي بغرفتيه مساء الأربعاء 19ابريل 2017، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 88 من الدستور الذي ينص على أنه: "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح برنامج الحكومة". وقد أفردت الحكومة في برنامجها –الى جانب شدرات هنا وهناك من مضامينه- حيزا خاصا للبيئة والتنمية المستدامة،تجسد ذلك في تخصيص حوالي 2 بالمئة من مجموع البرنامج و13 بالمئة من مضمون المحور الثالث من هذا البرنامج. أدرج هذا الموضوع في النقطة الثالثة المعنونة ب" تعزيز التنمية المستدامة والتأهيل البيئي"من المحور الثالث،من هذا البرنامج،المتعلق ب"تطوير النموذج الاقتصادي والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة"وتمكن دراسة هذا الجانب من البرنامج الحكومي أن نهوض الحكومة بقضايا البيئة والتنمية المستدامة خلال ولايتها سيكون من خلال ثلاث مرتكزات أساسية. من المفيد قبل تناول هذه المستويات أن نشير الى المرجعيات التي اعتمدت في بلورة ما يمكن وصفه بركائز سياسة عمومية في المجال البيئي-كما وردت في ذات البرنامج- وهي : - توجيهات الملك بشأن تكريس الانخراط الإرادي للمغرب في الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. - التزامات المغرب الدولية الواردة في اتفاقية الأممالمتحدة الإطار حول التغيرات المناخية. - التزامات المغرب بنتائج مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ في دورته 22 بمراكش. أما بخصوص المرتكزات الثلاث فهي بناءا على مضمون البرنامج الحكومي: أولا:تفعيل الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والتأهيل البيئي عبر مستويين: أولها:تنزيل القوانين والاستراتيجيات والمخططات البيئية المراكمة في هذا الإطار كالقانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة،الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة،المخططات الوطنية للنفايات الصلبة والصناعية،المخططات الوطنية للتطهير الصلب والسائل، ومعالجة المياه العادمة... ثانيها:تعزيز الإطار المؤسساتي والمالي للتتبع ورصد الواقع البيئي والتنمية المستدامة وطنيا وترابيا(تفعيل المراصد المحدثة وخلق مراصد أخرى،دعم وتفعيل صناديق البيئة والتنمية المستدامة،تعبئة موارد مالية إضافية...). ثانيا : تنمية العرض المائي بخصوص هذا المرتكز نص البرنامج الحكومي على حزمة إجراءات: 1-إجراءات تهم تدبير الطلب على الماء سواء الموجه للشرب عبر الرفع من مردودية شبكات التوزيع أو السقي بتوسيع دائرة الري التنقيط. 2-إجراءات تهم تدبير العرض المائي وتتعلق بتعزيز البنيات التحتية لتعبئة الموارد المائية وتنويع مصادر التعبئة ... 3- إقرار حكامة مائية من خلال اعتماد المخطط الوطني للماء وتفعيل برنامجه ثالثا : تعزيز النهوض بمجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية لتحقيق ذلك سطرت الحكومة في برنامجها عدة تدابير يمكن تصنيفها الى: تدابير تشريعية ومؤسساتية تدابير مالية واستثمارية تدابير عقارية تبرز قراءة هذا المحور أن معدي البرنامج الحكومي أعادوا صياغة الإستراتيجية الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة2016-2030التي سبق وأن أعدتها كتابة الدولة المكلفة بالبيئة خلال الحكومة السابقة. وبالضبط شهر يوليوز 2016. كما أن المرتكز الثاني المتعلق بتنمية العرض المائي والثالث المتعلق لتعزيز النهوض بمجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية لا يعدو أن يكون تكرارا فقط لمضمون هذه الإستراتيجية. كما تجدر الإشارة الى أن الرهانات الاقتصادية المحكومة بالأبعاد الكمية للتنمية المشار إليه في هذا التصريح من شأنها ان تقوي من الانعكاسات السلبية على المنظومة البيئية (كرهانات السكن،الفلاحة،التصنيع،السياحة).وتفرغ رهان الحماية والنهوض بالبيئة والتنمية المستدامة من مضمونه.