أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الأربعاء، أن تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، يمثل محورا مركزيا ورئيسيا في البرنامج الحكومي. وقال العثماني، في معرض تقديمه للبرنامج الحكومي، أمام مجلسي النواب والمستشارين، إنه انطلاقا من تشخيص رصيد السياسات الاجتماعية والتحديات القائمة في مجالات التربية والتكوين والخدمات الصحية، ومحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية والقروية والتصدي للهشاشة والفقر ودعم الفئات الهشة وصيانة التماسك الاجتماعي والأسري، فإن البرنامج الحكومي يستهدف، بالإضافة إلى تقليص نسبة الفقر والهشاشة، بلوغ العديد من المؤشرات في مقدمتها رفع نسبة التمدرس في الإعدادي من 88.2 في المائة حاليا إلى 97 في المائة والتقليص من نسبة الأمية من 30 في المائة إلى 20 في المائة. كما يستهدف البرنامج الحكومي، يضيف العثماني، تعميم التغطية الصحية برفعها من نسبة 60 في المائة حاليا إلى 90 في المائة ، ورفع الولوج للخدمات الصحية الأساسية من 60 في المائة إلى 100 في المائة وتقليص نسبة الوفيات لدى الرضع من 27 لكل 1000 ولادة إلى 20 لكل 1000 ولادة ، بالإضافة إلى رفع الولوج للطرق في العالم القروي من 79 في المائة إلى 90 في المائة وكذا تقليص العجز السكني من 400 ألف حاليا إلى 200 ألف. وأوضح رئيس الحكومة أن بلوغ هذه المؤشرات سيتم من خلال العديد من المحاور، يتصدرها "تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015 -2030″، حيث سيتم اعتماد قانون إطار لتنفيذ هذا الإصلاح يركز على ثلاثة محاور أساسية تتمثل في "تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في ولوج التربية والتكوين"، و"تطوير النموذج البيداغوجي وتحسين جودة التربية والتكوين"، وأخيرا "تحسين حكامة منظومة التربية والتكوين وتحقيق التعبئة المجتمعية حول الإصلاح". وأضاف أن بلوغ هذه المؤشرات سيتم أيضا من خلال تحسين وتعميم الخدمات الصحية، إذ يسعى البرنامج الحكومي في مجال الصحة للفترة 2017-2021 إلى استكمال أوراش الإصلاح والبرامج التي انخرطت فيها الحكومة السابقة، خصوصا منها التغطية الصحية الشاملة وتعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية وإصلاح الصحة العامة. فبخصوص التغطية الصحية الشاملة، أوضح رئيس الحكومة أنه سيتم القيام بعدة تدابير، من بينها على الخصوص، استكمال تعميم التغطية الصحية للفئات المستهدفة المتبقية لتشمل أصحاب المهن الحرة (الأطباء، والموثقون، والصيادلة، والمحامون، والمهندسون المعماريون، الخ.) والعمال المستقلين (الفلاحون، البحارة، والصناع التقليديون، وعمال البناء، الخ.) وذوي حقوقهم، وذلك من خلال اعتماد القوانين ذات الصلة، وهو ما سيمكن المنظومة الصحية الوطنية من تغطية أكثر من 90 في المائة من الساكنة. كما سيتم تعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية، وتفعيل مقتضيات الخريطة الصحية، وتكريس صحة الأم والطفل كأولوية وطنية استراتيجية، بالإضافة إلى تعزيز الموارد البشرية الصحية. وفي ما يتعلق بمجال تقليص الفوارق في الدخل ومحاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، قال العثماني إن محاربة هذه الفوارق تشكل محورا أساسيا للعمل الحكومي في الولاية الحالية، وذلك عبر عدد من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التضامن وتقليص الفوارق في الدخل ومحاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، ودعم الفئات الهشة والفقيرة والفئات ذات الاحتياجات الخاصة، وتوفير تمويل البرامج الهادفة إلى محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وإرساء التقائية وتكامل السياسات الاجتماعية العمومية وتطوير حكامة الدعم الاجتماعي وتعزيزه. وأبرز أنه ومن أجل بلورة ذلك على أرض الواقع، ستسعى الحكومة، بالأساس، إلى تنظيم مناظرة وطنية لتطوير نجاعة والتقائية سياسات ومؤسسات وبرامج التنمية الاجتماعية؛ وإحداث منظومة لليقظة الاجتماعية يعهد إليها رصد وتتبع وتقييم وتصنيف الحاجيات الاجتماعية؛ ووضع نظام لرصد الفئات الفقيرة والهشة واعتماد قاعدة معطيات موحدة خاصة بهذه الفئات، وذلك بهدف ضمان استهدافها بشكل أكثر عدلا وفعالية؛ فضلا عن تطوير حكامة ومردودية منظومة الدعم الاجتماعي، وذلك على مستوى المؤسسات، والنظم المعلوماتية، وآليات الدعم والاستهداف، وطرق التوزيع، والمراقبة؛ بالإضافة إلى مواصلة دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ وتحسين شروط تطبيق مبادرتي دعم الأرامل وصندوق التكافل العائلي، وكذا تقوية أنظمة الرعاية الاجتماعية ودعم الأسرة والطفولة والفئات الهشة. أما على مستوى الرعاية الاجتماعية، ستعمل الحكومة، يضيف رئيس الحكومة، على اتخاذ العديد من التدابير، من بينها على الخصوص اعتماد وتفعيل القانون المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية ومأسسة الرعاية الاجتماعية؛ وتفعيل المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة؛ وتفعيل القانون المحدد لشروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين؛ وبلورة سياسة وطنية للعناية بالأطفال في وضعية هشة وتوفير الآليات التمويلية للتكفل بالأيتام والأطفال المتخلى عنهم والأطفال في وضعية هشة؛ والرفع من قيمة التعويضات العائلية وعدد الأطفال المستفيدين؛ وتطوير منظومة صندوق التكافل العائلي وإدماج الأمهات المهملات، فضلا عن وضع سياسة وطنية للأشخاص المسنين واعتماد إطار تنظيمي لتدخل الدولة والمجتمع المدني لضمان كرامتهم وحقوقهم، وتفعيل المرصد الوطني للأشخاص المسنين. وبالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة أشار السيد العثماني إلى أنه سيتم تفعيل حصة 7 في المائة من مناصب الشغل لفائدة الشخاص في وضعية إعاقة؛ والبدء في تفعيل مقتضيات القانون الإطار المتعلقة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، لا سيما وضع نظام للدعم الاجتماعي والتشجيع والمساندة لفائدتهم؛ ووضع مخطط عمل وطني للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. أما بالنسبة للمهاجرين المقيمين بالمغرب، قال رئيس الحكومة إنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، ستقوم الحكومة، على الخصوص، بمواصلة تفعيل الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء؛ ودعم الإجراءات المتخذة من أجل تمتيع المهاجرين المقيمين بالمغرب بكافة حقوقهم المتضمنة في المواثيق الدولية كما صادقت عليها المملكة؛ وإطلاق حملات التوعية لفائدة المهاجرين؛ وتمكين أبناء المهاجرين المقيمين بالمغرب من الولوج إلى المدرسة العمومية. وبخصوص محور تقوية الاقتصاد الاجتماعي وتعزيز مساهمته في مكافحة الفقر والتهميش، قال العثماني إن الحكومة ستعمل على تقوية وتنظيم الفاعلين بالقطاع وتوفير مناخ ملائم لتنميته وتثمين المنتوج وتعزيز المبادرات المحلية والمجالية؛ ومتابعة تفعيل مقتضيات القانون المتعلق بالتعاونيات وكذا المرسوم المتعلق بتنظيم وتسيير سجل التعاونيات؛ وإخراج القانون الإطار للاقتصاد الاجتماعي الذي يشمل بالإضافة إلى القطاع التعاوني، المكونات الأخرى، أي مقاولات الاقتصاد الاجتماعي والجمعيات ذات الطابع الاقتصادي وغيرها؛ وتطوير فرص الولوج إلى مصادر التمويل ودعم الشراكات، سيما منها الجهوية والمحلية. وحول تمويل السياسات الهادفة إلى محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي لفئات واسعة من المجتمع، أشار إلى أن الحكومة ستعمل على مواصلة إصلاح صندوق المقاصة من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة إلى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة؛ واستمرارية صندوق دعم التماسك الاجتماعي ؛ وتمويل برنامج وطني مندمج ومتعدد لتأهيل البنيات والتجهيزات والموارد التعليمية والصحية؛ وعقد شراكات بين الدولة والقطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني لإنجاز برامج بتمويل مشترك، في مجال محاربة الفقر والهشاشة. وفي معرض حديثه عن تسريع وتيرة تنمية العالم القروي ودعم التوازن المجالي، قال إن الحكومة ستقوم، على الخصوص، بوضع مخطط تنفيذي لتسريع إنجاز برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي على مدى 7 سنوات (50 مليار درهم)، وتفعيل صندوق التأهيل الاجتماعي، وصندوق التضامن بين الجهات؛ وتعزيز البرامج الحالية الهادفة إلى فك العزلة عن العالم القروي وتنمية المناطق الجبلية، وتشجيع التمدرس والتكوين ومحاربة الأمية، وتفعيل برنامج وطني للمراكز القروية الناشئة وتزويدها بالمرافق والبنيات التحتية الأساسية. كما يتجه مجهود الحكومة، حسب العثماني، إلى مواصلة تأهيل التجهيز وتعزيز الاستثمار في البنيات التحتية واللوجيستيكية وتطوير منظومة النقل والنهوض بالصادرات المغربية وإعطاء انطلاقة جديدة لقطاع السياحة عبر إعادة إطلاق دينامية الاستثمار ومواصلة إنجاز البرنامج المسطر في رؤية 2020، خصوصا من خلال وضع مدونة مشجعة للاستثمار السياحي. وتعهد البرنامج الحكومي بتنزيل إصلاح شامل لقطاع العقار، وتحسين حكامته وتسهيل تعبئته لفائدة المشاريع الاستثمارية وتعزيز آليات المراقبة للحد من المضاربة التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتسريع عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لذوي الحقوق المستغلين ومراجعة النصوص الخاصة بنزع الملكية، بما يعزز حماية حقوق الملاك. وفي باب النهوض بالشغل والإدماج المهني، سطر البرنامج الحكومي، أولويات السياسة العمومية في مجال التشغيل، في النهوض بالتشغيل وبعلاقات الشغل وتجويد برامج إنعاش الشغل وتحسين أداء مؤسساته وتطوير شروط العمل اللائق عبر تفعيل استراتيجية التشغيل في أفق 2025 وربطها بالإستراتيجيات القطاعية وتعزيز دور الجهات والجماعات الترابية في هذا المجال. وشدد العزم على ربط منظومة التربية والتكوين ومحو الأمية بالتشغيل، ومراجعة آليات الوساطة سواء تعلق الأمر بالوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات أو بمؤسسات الوساطة بالقطاع الخاص، وتقييم أداء وفعالية الوكالة الوطنية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة لتحسين حكامتها، ومراجعة وتجويد التحفيزات القطاعية والمجالية وربطها بإحداث فرص شغل. وكشف رئيس الحكومة عن إطلاق برنامج لتطوير التشغيل الذاتي للشباب في المناطق القروية عبر إصدار طلب مشاريع موجه لحاملي المشاريع في المناطق القروية، وتقديم دعم مالي للمشاريع المختارة ومواكبة حامليها بتكوين إلزامي، وتعزيز القابلية للشغل عبر إحداث نظام تدريب لدى الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، ودعم ومواكبة المبادرات الشبابية للتشغيل الذاتي وإنشاء المقاولات، وتفعيل مقتضيات مرسوم الصفقات العمومية المتعلقة بتخصيص 20 في المائة من الطلبيات للمقاولات المتوسطة والصغرى. ومن جهة أخرى، تعهد البرنامج الحكومي بمواصلة تطوير وملاءمة تشريع الشغل والنهوض بالعمل اللائق وإرساء علاقات مهنية مستقرة عبر مراجعة مدونة الشغل وفق مقاربة تشاركية مندمجة وتقوية جهاز مفتشية الشغل والرفع من تغطية المراقبة للمؤسسات الخاضعة للتشريع الاجتماعي وتوسيع وتحسين الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. وفي هذا الصدد، ستعمل الحكومة، يضيف العثماني، على إخراج نظام التغطية الاجتماعية للعمال المستقلين وأصحاب المهن الحرة إلى حيز الوجود؛ وتحسين وتبسيط شروط الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل؛والقيام بإصلاح شمولي ومستدام لنظام المعاشات. وعلى صعيد تعزيز التنمية المستدامة والتأهيل البيئي، حدد العثماني أهم محاور البرنامج الحكومي في تفعيل الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والتأهيل البيئي وتفعيل مقتضيات القانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة؛ وتدعيم السياسة الوطنية في مجال تغير المناخ وتنمية العرض المائي واعتماد المخطط الوطني للماء وتفعيل برامجه، ومواصلة تعزيز البنية التحتية والمنشآت المائية، من خلال مواصلة إنجاز السدود الكبرى، بإنجاز 15 سدا مبرمجا بمعدل 3 سدود في السنة في الفترة الممتدة بين 2017 و2021؛ وإنجاز عشرة سدود صغرى سنويا للمساهمة في تلبية الحاجات إلى الماء الشروب بالعالم القروي والري وتغذية الفرشات المائية. وأشار إلى عزم الحكومة تكريس النموذج المغربي في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية عبر تنزيل وتسريع مخططات الطاقات المتجددة، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، وذلك من أجل رفع حصة الطاقات المتجددة من 42 بالمائة من القدرة المرتقبة سنة 2020 إلى 52 بالمائة في أفق 2030؛ وإتمام بلورة الإستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية، وتفعيل الشطر الأول من هذه الإستراتيجية في إطار "عقد-برنامج" للفترة الممتدة ما بين 2017 و2021 بين الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية والحكومة والجماعات الترابية.