تشهد الساحة الجزائرية جدلاً كبيراً حول مدى جدوى الانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من ماي المقبل، وسط شبح العزوف الشعبي الذي وصل مستوى قياسياً في آخر اقتراع جرى عام 2012. ولجأت السلطات الجزائرية الى خطوات عدة لحث الناخبين الجزائريين على الاقتراع، كان أبرزها دعوة محمد عيسى وزير الشؤون الدينية الجزائري للمؤذنين والأئمة وأسرة المساجد العمل "مع كل شرائح المجتمع من أجل المشاركة الايجابية في الانتخابات التشريعية المقبلة التي تمثل أهمية كبرى للجزائر" على حد وصفه. وحسب عيسى "هناك حملة مغرضة تطال هذه الانتخابات عبر الشبكات الاجتماعية يقودها أشخاص مجهولون يحملون أسماء جزائرية ويهاجمون المسار الانتخابي ويروجون لمقاطعتها ويشككون في نتائجها ونزاهتها ومحاولة لإجهاض مسار الإصلاح السياسي في البلاد". وتعيش الحملة الانتخابية لبرلمانيات الجزائر والتي انطلقت في التاسع من أبريل الجاري أسبوعها الثاني، وسط تناقل وسائل الإعلام المحلية لأنباء تفيد بعدم اهتمام الشارع الجزائري بالانتخابات، رغم حماسة الأحزاب ومرشحيها في خطاباتهم ومهرجاناتهم التي جابوا من خلالها كافة جهات البلاد للترويج لبرامجهم والحث على المشاركة. وموازاة مع ذلك تتوالى التصريحات الرسمية خاصة من قبل رئيس الوزراء عبد المالك سلال ووزير الداخلية نور الدين بدوي بالدعوة إلى المشاركة الشعبية القوية في هذا الاقتراع الذي وصفاه ب "المصيري والهام" في بناء مؤسسات الدولة. وأعلنت وزارة الداخلية الجزائرية تسجيل قرابة 12 ألف مرشح للسباق يمثلون 53 حزبا وعشرات القوائم المستقلة يتنافسون على أصوات أكثر من 23 مليون ناخب مدعوين لصناديق التصويت في الرابع من ماي المقبل لتجديد عضوية 462 نائبا في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) لولاية من خمس سنوات. وصرح أحمد أويحي أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني أحزاب الائتلاف الحاكم) أن "العزوف الانتخابي يخوّف الجميع لأنه يمثل طعناً في مصداقية الانتخابات". ولجأت السلطات الجزائرية بإنشاء هيئة عليا مستقلة ودائمة لمراقبة الانتخابات والتي أقرها تعديل دستوري جرى في البلاد مطلع العام 2016 وتم تعيين عبد الوهاب دربال وهو وزير إسلامي سابق على رأسها، استجابة النظام الحاكم لمطلب المعارضة. واعتبرت المعارضة إنشاء هذه الهيئة "التفافا" على مطلبها كون وزارة الداخلية مازالت لها صلاحية التنظيم التي كان يتوجب إسنادها للهيئة وإخراج الحكومة نهائيا من العملية الانتخابية. من جهة أخرى أطلقت السلطات أسابيع قبل هذه الانتخابات حملة إعلامية ضخمة متواصلة إلى الآن عبر التلفزيون والإذاعات الحكومية إلى جانب لافتات كبيرة في الساحات والشوارع الرئيسة للمدن تحت شعار "اسمع صوتك" تحث الناخبين على الإقبال بكثافة على التصويت. وكخطوة رابعة اعتبر مراقبون ترخيص السلطات للأحزاب الإسلامية بتشكيل تحالفات ودخول الانتخابات بقوائم موحدة قرارا يصب في تجاه فسح المجال لمشاركة أكبر شرائح المجتمع في الانتخابات على اعتبار أن الإسلاميين لهم قدرة كبيرة على التجنيد. كما لجأت الحكومة إلى خطوة خامسة لضمان مشاركة أوسع في التصويت إذ راسلت وزارة الإعلام قبل أيام مسؤولي وسائل الإعلام تدعوهم إلى حجب خطاب المقاطعة وعدم الترويج له لكن أصحاب خطاب المقاطعة -وأغلبهم ناشطون مستقلون- يخوضون معركة موازية على شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.