لم تكن السائحة السويسرية "كاثرينا فيشر"، وهي ترافق زوجها، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، بالمغرب، وبالضبط بمنطقة "توبقال" التي تبعد عن مراكش بحوالي 63 كيلومترا، لممارسة هوايتها المفضلة في تسلق الجبال، حيث يجد الكثير من السياح من عشاق تسلق الجبال ضالتهم بتلك المنطقة، (لم تكن) تعتقد أنها ستعيش أوقات عصيبة بعد أن كادت تلقى حتفها، بعد أن جرفتها الثلوج من إحدى المرتفعات لمسافة 900 متر تعرضت خلالها لكسر بقدمها اليمنى واستغرق البحث عنها يوما كاملا ونصف اليوم حتى اعتقد الجميع أنها في عداد الموتى. "قضو ليلة الجمعة في خيمة بجبل توبقال، وبعد بزوغ أنوار الصباح انتقلوا إلى منطقة تيزي ن توبقال، وخلال سيرهم في الطريق كانوا يستمتعون بالتقاط بعض الصور، غير أن كاثرينا وزوجها كانا على حافة مرتفع خطير مكسو بالثلوج فانزلقت قدماهما فجأة وجرفتهما الثلوج، غير أن زوجها استطاع التمسك بمقبض يتم الاستعانة به في تسلق الجبال، وكان قريبا فقمنا بإنقاذه، لكن كاثرينا جرفتها الثلوج إلى أسفل الجبل"، هكذا بدأ عمر أيت حماد سرد تفاصيل قصة إنقاذه للسائحة السويسرية "كاثرين فيشر" في إفادته لجريدة "العمق". واسترسل عمر ذو ال25 سنة، والذي يشتغل كمرشد سياحي، ومتسلق جبال محترف، وهو يفصل في قصة سائحة مغامرة كتبت لها حياة جديدة: "لقد جرفتها الثلوج لأسفل الجبل لمسافة 900 متر، لكنني تمكنت برفقة أربعة سياح (3 اسبان وفرنسي)، من إنقاذ زوجها بواسطة حبال التسلق، ثم بدأنا بعد ذلك عملية البحث عن زوجته كاثرينا، واستمر البحث لمسافة 600 متر في منحدر خطير مكسو بالثلوج.. غير أنه استحال علينا متابعة البحث بسبب عدم كفاية الحبال وصعوبة المنحدر التي تتطلب استعمال وسائل تسلق متطورة"، يضيف عمر. وتابع "أيت حماد"، موضحا أنهم عادوا أدراجهم بعد أن فقدوا الأمل في العثور على كاثرينا، "يوم الأحد مع ربعة د الصباح، فطرنا ومشينا أنا وثلاثة ديال المرشدين السياحيين من منطقة امليل، عندهم خبرة في الجبال وعارفين المنطقة مزيان، واختصرنا طريق باش نوصلو للسائحة"، ليضيف أنهم وجدوها لازالت على قيد الحياة في التاسعة صباحا من يوم الأحد في حفرة قامت بإعدادها وسط الثلوج لتحتمي من البرد وهي طريقة لا يقوم بها إلا محترفي تسلق الجبال و المغامرين في المناطق القطبية والباردة جدا. فوجئت كاثرينا بوصول الشبان المغاربة إليها لإنقاذها رغم صعوبة منحدرات أعلى قمة جبلية بشمال إفريقيا، وكانت الفرحة التي غمرتها لا توصف، وبعد أن اطمأن الشبان المغاربة المنقذون المتطوعون على كونها مازالت على قيد الحياة، وتحدثت إلينا حيث كشفت أنها عاشت إحدى أكثر اللحظات صعوبة في حياتها إذ لم يفصلها عن الموت سوى خيط رفيع، بعدما تعرضت لكسر على مستوى قدمها اليمنى. وأوضح عمر في سرده لتفاصيل العثور على "كاثرينا"، لجريدة "العمق"، قائلا: "عطينها شوية د أتاي والعصير وعطيتها حوايجي حيث كانوا دياولها فازكين، وعطيتها الليكات والشال ديالي باش تحس بشوية ديال الدفئ"، مضيفا أن اثنين من مرافقيه كانوا يصارعون الوقت للصعود لقمة الجبل للبحث عن شبكة الاتصالات "الريزو" من أجل الاتصال بالسلطات المحلية والإسعاف. بعد تأخر العثور على "الريزو" لإخبار السلطات بالواقعة، لم يجد عمر وصديقه بُدا من التصرف لإيصال السائحة إلى سفح الجبل خصوصا وأنها كانت تتألم من شدة إصابتها، فبادروا إلى استعمال حبال خاصة بتسلق الجبال من أجل جرها إلى السفح، ليضيف "أيت حماد"، قائلا: "واخا كاع اوصل فريق الإنقاذ راه ميقدروش اطلعو للجبل راه صعيب وخص شي واحد لي فاهم فهادشي ديال رياضة التسلق". وحسب عمر فقد تطلب جرها بواسطة وسائل تستعمل في تسلق الجبال مدة تزيد عن ساعتين من الزمن، حتى اجتازوا بعض المنحدرات الخطيرة وهناك التقوا بمتطوعين اثنين من دوار محادي لجبل توبقال برفقة أربعة من رجال الدرك من فرقة الإنقاذ حيث تم حملها بناقلة الإسعاف لمدة ست ساعات مشيا على الأقدام قبل الوصول إلى مكان المروحية الطبية، وهنا يضيف عمر قائلا: "نظرا لوعورة المسالك وسط الجبال وجد رجال الدرك الملكي صعوبة في المسير وبحكم أننا نحن أبناء المنطقة ألفنا هذه التضاريس فقد حملنا السائحة حتى وصولنا الى مكان المروحية". بعد ساعات عصيبة قضتها السائحة السويسرية "كاثرينا فيشر" وسط جبال توبقال، تمكنت أخيرا من أن تصل إلى احدى المستشفيات بمراكش، بواسطة مروحية الدرك، بعد العمل البطولي الذي قام به عمر أيت حماد وأًصدقاؤه الذين لولاهم لكانت السائحة "كاثرينا" في عداد المفقودين والموتى وتنظاف قصتها إلى حكايات مرتفع يأكل البشر. بعد مرور الواقعة بيومين أكد عمر أنه قام بما قام به انطلاقا من قناعاته بضرورة مساعدة كل من يوجد في وضعية تحتاج تقديم يد العون وخاصة السياح الأجانب الذين يحملون صورة المغرب إلى بلدانهم، وذلك ما حدث فعلا حين احتفى الإعلام السويسري بهذا الشاب المغربي الذي غامر بحياته لإنقاذ "كاثرينا" وأفردت أبرز الصحف السويسرية صفحاتها الأولى للإشادة بالعمل البطولي الذي قام به عمر مع الإعجاب أيضا بروح المغامرة التي تتمتع بها المواطنة السويسرية التي قهرت جبال توبقال واستطاعت أن تجذب انتباه وسائل الإعلام السويسرية إلى موضوع شبه مغمور وجانب من جوانب السياحة بالمغرب ألا وهي السياحة الجبلية التي تبقى أقل اهتماما من السياحة بالمناطق المشمسة. وعلى النقيض من الإعلام السويسري تحاشى الإعلام الرسمي ممثلا في القناة الأولى التي نقلت الخبر، (تحاشى) الحديث عن عمر ورفاقه الذين قاموا بمجهود جبار حيث اكتفى التلفزيون الرسمي ببث روبورطاج يظهر مروحية الدرك مع تعليق مختصر عن إنقاذ سائحة سويسرية.