بعد صدمة مدوية تلقاها الاتحاد الأوروبي عقب نتائج استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد، حذر خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون من انعكاسات سلبية تلحق القرار، ومن شأنها أن تزيد من أزمة الاتحاد الأوروبي. التحذير، الذي دفع مسؤولين التكتل إلى مطالبة المملكة المتحدة بتعجيل خروجها، أسفر عن توقيع لعريضة إعادة الاستفتاء لتتجاوز عتبة المليون توقيع، اليوم السبت، في أعقاب قرار الرحيل. طلاق غير رجعي "لم تكن علاقة حب ناجحة بكل الأحوال" هكذا وصف جون كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية "طلاق" بريطانيا من الاتحاد الأوربي. وفي ظل هذا الوضع يتعرض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي أعلن استقالته من منصبه، لضغوط متزايدة من طرف دول اليورو التي تطالب مطالبة بتعجيل إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ظل تحذير المسؤولين في بروكسل من أي مماطلة قد تطيل إجراءات ذلك. وعقد يونكر اجتماعا طارئا مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس الوزراء الهولندي مارك روتا وصرح المسئولون، عقب الاجتماع، بأنهم يأسفون لقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. وطلب المسئولون في تصريحاتهم من الحكومة الاستجابة لمطلب الشعب البريطاني في أقرب وقت ممكن وتعجيل الرحيل، وأن أي تأخير سوف يطيل من مسألة خروجها من الاتحاد. وذكر أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع كاميرون في فبراير الماضي، والذي يهم حماية المركز المالي للندن، والحد من الهجرة غير الشرعية إلى المملكة المتحدة، والحق في عدم الدخول في تقارب كل ذلك "سينتهي"، وأنه لن تكون هناك أي تفاوض مرة أخرى. من جهته دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو، اليوم السبت، الاتحاد الأوروبي لتسريع تحديد شروط خروج بريطانيا من الاتحاد، قائلا إن "المفاوضات يجب أن تنطلق بسرعة للصالح العام". وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الدول الخمس المؤسسة للاتحاد الأوروبي ترغب في أن تبدأ بريطانيا سريعا عملية الخروج من الاتحاد. وفي باريس قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن خروج بريطانيا من الاتحاد يجب أن يتم "بشكل منظم"، مضيفا أن نتائج التصويت تطرح "تساؤلات كبيرة على العالم ويجب استخلاص كل الدروس والعبر منها." وحسب المادة 50 من معاهدة لشبونةبريطانيا يجب أن تشرع في مفاوضات حول خروجها من الاتحاد الأوروبي لمدة سنتين. حلم بالرجوع لعل الندم خيم على نفوس البريطانيين بعد نتائج "البريكسيت"، حيث نشرت العديد من وسائل الإعلام المحلية مقابلات مع ناخبين صوتوا مع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يبدون ندمهم على ما فعلوا، فيما يقول بعضهم إنه تعرض للخديعة من قبل الحملة الداعمة للانفصال. ووقع أكثر من 1.2 مليون بريطاني من مختلف أنحاء المملكة المتحدة على العريضة يطالبون فيها بإعادة إجراء الاستفتاء من جديد لعدم إدراك الكثير من البريطانيين عواقب الخروج التكتل. وأبدت سيدة بريطانية ندمها لتصويتها بالخروج، وقالت لقناة "إي أي في" المحلية إنها "مصدومة"، وتتمنى لو تتاح لها الفرصة وتعود إلى صندوق الاقتراع وتصوت للبقاء. و أطلق الناشطون البريطانيون العريضة، مساء الجمعة، لتجمع تواقيع أكثر من 1.2 مليون شخص من مختلف أنحاء بريطانيا خلال ساعات الليل. وتتيح القوانين في بريطانيا لأي مواطن أن يقوم بإدراج أي عريضة أو مطالبة يرغب بها على الموقع، وفي حال جمعت 10 آلاف توقيع فأكثر يتوجب على الحكومة أن ترد على مضمونها، أما إذا جمعت 100 ألف توقيع فأكثر فيتوجب على مجلس العموم أن يحدد موعدا لجلسة يتم فيها مناقشة مضمون المطالبة أو فحوى العريضة. ويهدد رحيل بريطانيا وحدة المملكة المتحدة، فمن المتوقع أن تطالب اسكتلندا، التي دافعت على البقاء في الاتحاد الأوربي، باستفتاء رابع للبقاء أو الاستقلال عن بريطانيا، كما أن هناك احتمالات فتح المجال أمام دول أخرى قد تطالب بالخروج من الاتحاد ومن الممكن أن تجري فيها استفتاءات مشابهة.