إن المجتمع الذكوري بممارسته الاكراه على المرأة، يجعلها في حاجة ملحة وفق قيم ومعايير إلى رجل ما لتتميز عن الأخريات "العوانس" بهذا المنطق تستدمج المرأة تلك الفكرة القائلة بأن وجود رجل في حياتها سيطمئنها عن نفسها، وسيؤمن مستقبلها ويجعلها تستمر، إن هذا الصراع الذي تخوضه الأنثى في البداية ضد بنات جنسها، يستدعي بالضرورة أن تخسر الصراع الآخر -الصراع الطبيعي بين الجنسين- صراع يتطلب بالضرورة أن تحافظ المرأة على سلاحها الأبدي و المتمثل في تميزها كأنثى و الذي تفقده مباشرة بعد دخولها في الصراع الأول. تحضر المرأة في اللاوعي الجمعي كرمز من الرموز، رمز تتعدى دلالته تقسيم العمل بين الجنسين بل تجاوز هذا الأمر وصار أكثر رسوخا في البنيات السوسيوثقافية للمجتمع، إن هذا الرمز لازال يرتبط بالمنزل رغم كل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي، والتي أدت إلى خروج المرأة للعمل وشغلها لوظائف كانت في الماضي حكرا على الرجل، فنجد عبارات من قبيل "بنت دارهم" "بنت الناس" لازالت تردد بين أوساط الشباب، بل نسمعها في بعض الأغاني الشبابية المنفتحة "أنت باغية واحد" "كاينة ولا ماكايناش" والتي تبدو للوهلة الأولى أنها قطعت مع النظرة التقليدية للمرأة، وأنها تطرح الجانب العاطفي الذي صار احد العوامل الأساسية في اختيار القرين أو القرينة بين أوساط الشباب. إن المرأة تمثل في هذا النموذج مقبرة ثقافية للحدوس والاستيهامات، فالرجل يبحث عن شريكة حياته وفق الشكل الذي تحضر به كعلامة من العلامات في اللاوعي، بحيث يجب أن تشبه بشكل من الأشكال النموذج السيكولوجي والذي يتجسد ضمن خانة التحليل النفسي في "عقدة اوديب" إن العلامة يجب أن تكون قابلة لإسقاط الفنتازمات الجنسية والنفسية والثقافية، فرغم اختلاف المحددات الفكرية والعمرية والاجتماعية للنساء، بين نساء صالونات التجميل والرياضة، ونساء الصالونات السياسية، ونساء همهن الركض وراء قطعة الخبز، ونساء حياتهن محض غسيل وطبيخ وتربية البنين ومشاهدة الدرامات المدبلجة... يظل هذا الرمز يتراوح ذهابا وإيابا بين هذه البنيات محافظا على دلالته، ولا يأخذ تلك الدلالة إلا داخل بنية ثقافية مرسخة، فالمرأة لا تشكل علامة إلا بحضورها كعلامة من بين علامات أخرى...