مخيف ومزعج، مقلق إلى درجة الرعب، ذاك الذي يحدثه الرقم 13 في العالم الغربي، وإلى درجة تملك معها اسما للحالة التي يثيرها في الناس "ديكتروفوبيا"، وهو التوصيف اللاتيني للمفعول الذي تحدثه الخرافة الآتية من الأساطير الإغريقية القديمة التي انبثقت من أن يصادف الجمعة يوم الثالث عشر في الشهور، هو خوف غير عقلاني لكن موجود. حسابيا، يحدث وقوع الجمعة الذي يصادف الرقم 13 مرة أو مرتين خلال العام الواحد، وعلى مر العصور أحدث هذا الموعد الزمني "غير المرغوب فيه" الرعب في نفوس الكثير ممن استمالتهم الخرافة، إلى درجة التخلف في القيام بأعمالهم ذاك اليوم على غير العادة. لم يمنع تمدن العالم الغربي من أن يشكل لديه الرقم 13 فأل شؤم، إلى درجة عدم رغبة الناس في الارتباط بهذا الرقم، وهكذا، فإنهم: يتجنبون أن يكون رقم منزلهم 13، أو رقم غرفتهم في الفندق13، كما أنهم لا يرغبون في تناول الطعام على مائدة عليها ثلاثة عشر شخصا. أرجع بعض الباحثين مصدر التشاؤم إلى ما يحدثه الرقم 13 ولا زال الاعتقاد به في الغرب، إلى السريان. كان السريان في بداية المسيحية يستعملون القوى العددية للأرقام، وبما أن يوم الأحد يعتبر يوم راحة لا يجوز العمل فيه وتخصيصه كيوم للعبادة، فإن هذا أوصلهم إلى الاعتقاد بأن من يعمل يوم الأحد سيصيبه الشؤم والحزن ولن يوفق في عمله في يوم الأحد، فغضب الله سيحل عليه، فيما فسروا بأن ليوم الأحد قوة عددية هي الرقم 13، بل وفصلوا في تفسيرهم على هذا المنوال: حيث إن الألف لكلمة (الأحد) تقابل رقم واحد، والحاء هي رقم 8 والدال رقم 4، ليستخلصوا إلى مجموع القوى العددية ليوم الأحد وهو 13. ولا تنتهي حكاية هذه الأسطورة عند السريان فقط، وكأن الأسطورة تأبى إلا أن تواصل حكايتها: كانت تجتمع الساحرات في روما القديمة ضمن مجموعات تضم 12، أما الرقم 13 فإنهن كن يخصصنهن للشيطان. وفي أقصى شمال الكرة الأرضية، كان الإسكندنافيون قديما يعقدون حبل المشنقة 13 عقدة. بينما يعتقد البعض أن حواء أعطت آدم التفاحة ليأكلها يوم جمعة، ويعتقد أيضا أن قابيل قتل هابيل في مثل هذا اليوم. بل إنهم يميلون، وكأنهم يصرون، على الاعتقاد أن ذاك اليوم كان يوم جمعة 13 من الشهر. أما الإنجليز فإنهم يتشاءمون من هذا الضيف غير المرغوب فيه: في اعتقادهم الجمعة 13 يشبه التلميذ يهوذا الإسخريوطي الذي يعتقد أنه المسيح الذي صلب كذلك يوم جمعة. ورغم كونها أساطير فقط، إلا أن البعض، وفي غياب منحها أي تفسير عقلاني، فإنه يحاول إيجاد أجوبته ومبرراته في أحداث وقعت، "ومن الصعب تجاهلها" في مثل هذا اليوم "المشؤوم"، في طريقة لمنح "شرعية" هذا الاعتقاد اللاعقلاني: - في العام 1970، انطلقت مركبة "أبولو 13" في تمام الساعة 13 و13 دقيقة، إلا أنه عند ثلثي المسافة إلى القمر وقع انفجار في المركبة أجبر الرواد على قطع رحلتهم في 13 أبريل. - لا أحد يحمل الرقم 13 في سباق السيارات "فورمولا -1" بعد أن وقعت حادثتان مروعتان عامي 1925 و1926 وكانت سيارتا كلا السائقين تحمل الرقم 13. - اصطدم سائق سيارة الأميرة الراحلة ديانا بدعامة في النفق رقمها 13 ما تسبب في وفاتها. - تخلو قاعات السينما في بريطانيا من مقعد برقم 13، كما تخلو فنادق أمريكا من الطابق 13، ولا يوجد في طائرات الشركات الفرنسية من المقعد 13 وأحيانا يستبدل الرقم 13 بالرقم 12A. كما أنه كان قد أعلن عن وفاة مغني الراب المعروف توباك أمارو شكور في الجمعة الثالث عشر من شتنبر 1996.، وكان إعصار قد بلغ اليابسة في جنوبفلوريدا في الجمعة الثالث عشر من غشت 2004، ثم بعده الإعصار الذي ضرب بوفالو، نيويورك في الجمعة الثالث عشر من أكتوبر 2006. ومستقبلا ! (أي نعم !) يعتقد أن الكويكب أبوفيس سيقترب من الأرض، أقرب من مدارات أقمار الاتصالات، في الجمعة الثالث عشر من أبريل 2029 ! يتشاءمون في الغرب عموما من الرقم 13، إذا وقع في يوم جمعة. وحسب ما سبق وأن أوردته صحيفة "نيو يورك هيرالد"، فإن المعدل اليومي للزواج في مدينة نيويورك وصل إلى 150 زيجة، فيما لا يكاد يتخطى ال 60 يوم الجمعة. والخوف من مصادفة تاريخ 13 يوم جمعة ليس اعتياديا بل إنه وصل إلى درجة تشخيصه ضمن قائمة الأمراض اسمه "باراسكافيدكاتريافوبيا" ويعانيه، في الولاياتالمتحدة وحدها، 21 مليون شخصا، حيث تتراوح حالاتهم خلال هذا اليوم بين التوتر الخفيف والاضطراب والإحساس القوي بالتشاؤم والذعر وفق ما شخصه عالم نفس أمريكي، ويورد طبيب دونالد دوسي (أمريكي): "إن بعضهم لا يترك سريره أو يغادر منزله، في حين يقوم آخرون بكل أنواع الطقوس لصد تأثيرات هذا اليوم."