يحدثونك عن الجمعة 13 في الأوساط العربية والإسلامية ويربطونها بالتشاؤم، كما يربطونها بالرقم 13 عامة ويحمِّلونهما (الجمعة 13 والرقم 13) محمل انعدام الحظ نظير شيوع الشؤم والتعاسة، وينسون أو يتناسون أنها خرافة من الخرافات وتقليدا غربيا ارتبط بالمسيحية واليهودية منذ غابر العصور. حسب التاريخ والأنطربولوجيا، اختلفت الآراء حول أصل الظاهرة ما بين مصدرها اليهودي أو المسيحي، علما أن هناك من يجمع على أن الخرافة هذه مزدوجة المصدر الذي يجمع بين الديانتين، ويدفع إلى الاعتقاد بأنها (الظاهرة) يوم شؤم وتعاسة ويسقِط عنها صفة السعادة والحظ. ففيما يخص سوء الاعتقاد في هذا اليوم الجمعة 13 واعتباره يوم شؤم وتعاسة بين البشر، يذهب من يذهب إلى كونه اليوم الذي صُلب فيه المسيح عيسى عليه السلام، على الرغم من أن القرآن الكريم يفند فرضية الصلب والقتل ويكذّبهما.. فيما يذهب آخرون إلى أن الجمعة 13 هو اليوم الذي عرضت فيه أمنا حواء على أبينا آدم أكل التفاحة من الشجرة التي حرم الله على آدم الأكل منها، فلما أطاع حواء كان المآل هو هبوط آدم إلى الأرض ليشقى ويتعب، وبذلك كان اليوم يوم شؤم وتعاسة على كل بني البشر على البسيطة، وبه وجب التذكير والذكرى وتخليدها على وجه من الاتعاظ والحيطة من ارتكاب الخطايا المسببة في التعاسة. ومن الاعتقاد الخرافي في الجمعة 13 نونبر من كل سنة، هناك من يربطها اعتقادا منه بالرقم 13 مباشرة، بل ويربطها بالضبط بفرضية مأدبة العشاء السري الذي تناوله عيسى عليه السلام مع الحواريين الاثني عشر الذين كان هو ثالث عشرهم، قبل أن يُنفَّذ فيه الصلب خيانةً وتكالبًا وتآمرا؛ والمهم أن هؤلاء المعتقدين يؤكدون على الرقم 13 وهو عدد المجموعة إجمالا التي كانت في مأدبة العشاء السري هذا. فالكنيسة في الرومان فرضت الصيام في هذا اليوم نذرا لروح المسيح نبي الله عيسى، وتضامنا ضد مبدإ القتل العمد والطرد التعسفي، وفي أدنى الحالات فرضت الصيام في هذا اليوم بتحفظ، وأجازت الأكل من دون تناول اللحوم. أما اليهود حسب معتقدين آخرين، فيعتبرون هم الآخرون الجمعة 13، يوم شؤم وتعاسة بالنسبة إليهم؛ لأن التضامن ضد صلب المسيح أو قتله أو طرده أو الاعتقاد بذلك يعتبر عداءً للمسيحية واليهودية على حد سواء. أما الذين يؤمنون بالخرافة أكثر ويعتقدون في يوم الجمعة 13 يوم حظ ومصدر سعد وحبور ويدعون كل من يؤمن بهم إلى الرَّفل في الحظ الواسع نظير تأبط »صفيحة« حديدية لحافر حصان فقط، أو المشي فوق »بُراز (غائط) بالرجل اليسرى بهدف الفوز والظفر بكل ما يمني النفس به انطلاقًا من ذلك اليوم إلى يوم الجمعة 13 من العام المقبل.. وعلى النقيض من ذلك، ينصح هؤلاء الخرافيون مريديهم بعدم تكسير مرآة في ذلك اليوم الجمعة 13 من كل شهر أو من كل سنة، وعدم فتح مظلة داخل البيت للفوز والظفر بالحظ الوافر. خلاصة القول إن الجمعة 13 من كل شهر أو سنة عنوان للطف و »الظرافة« ومكارم الأخلاق، وهو يوم أصبح الاحتفال به والخلود إلى الراحة في العديد من البلدان الأوربية والغربية منذ مدة، وفي مقدمتها فرنسا التي اعتادت أن تحتفل بهذا اليوم في السنين الأخيرة، بعد أن أصبح تقريبا يوما عالميا يحتفل به كل 13 نونبر من كل سنة وبعد أن آمنت باللطف الذي هو مصدر للسلام، في حين لم تحتفل به بعد ولم تؤمن دول أخرى قوية لا تعرف للطف والسلام طريقا أمثال أمريكا وإسرائيل. وللتذكير، فإن أولى الدول المحتفلة بهذا اليوم والداعية إلى أن يكون يوما عالميا للُّطْف و »الظرافة« ، هي اليابان التي احتفلت به قبل ستين سنة من اليوم، أي بعد أن ذاقت وتذوقت مرارة القبح وشرارة القتل والتقتيل في »هوريشيما« و »نكازاكي« .