وفقًا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية, فإن جماعات يهودية صهيونية متطرفة سوف تقوم في 21 مارس 2010 بمحاولة تدمير المسجد الأقصى تمهيدًا لإقامة ما يسمي بهيكل سليمان المزعوم, وفقًا للصحيفة ذاتها؛ فإن هناك نبوءة لأحد الحاخامات اليهوديين في القرن الثامن عشر ويدعى "جاؤن فلينا" حدّد فيها موعد بناء الهيكل المزعوم يوم 16 مارس 2010. النبوءة المزعومة تقول: إن اليهود سيبدءون في بناء الهيكل -نقلًا عن عادل شهبون– الأهرام 17/12/2009 مع تدشين معبد جور "جوربا" بالحي اليهودي بمدينة القدس, وقد ذكرت وسائل إعلام صهيونية أنه سوف ينتهي العمل في إعادة بناء المعبد اليهودي المذكور "معبد جوربا" في 15 مارس 2010, وكان هذا المعبد قد تَمَّ تدميره عام 1948. بالطبع نحن لا نصدِّق هذه الخرافات الصهيونية, لأنها في النهاية خرافاتٌ، ولكن المشكلة الحقيقية ليس في كونها خرافات, ولكن في وجود جماعات وشخصيات يهودية إسرائيلية أو صهيونية في الداخل الإسرائيلي والخارج تؤمن بذلك وتعمل على تحقيقه, وقد يكون ذلك عن طريق منظمات صهيونية تخطِّط لتنفيذ تلك الخرافة أو حتى شخص غير معروف يؤمن بتلك الخرافة ويقوم بتدمير المسجد الأقصى, وهذا ممكن بالطبع في ظلّ تواطؤ من حكومة إسرائيل, وفي ظلّ عجز وغياب عربي وإسلامي, الأمر الذي يعطي فرصةً حقيقيةً لتنفيذ تلك النبوءة ومن ثم رفع معنويات اليهود بصحة تنبؤات حاخاماتهم ومن ثم صحة المنظور الديني الذي كانت عليه دولة إسرائيل المتطرفة. الأمر بالطبع يستدعي تحركًا دبلوماسيًّا عربيًّا, وتحركًا شعبيًّا عربيًّا وإسلاميًّا لردع هؤلاء اليهود والمتطرفين وردعِ حكومة إسرائيل عن السماح بذلك, وإلا فإن رد الفعل العربي والإسلامي سيكون هائلًا, وحتى الآن لم تتحرك أي حكومة عربية وإسلامية لتحقيق هذا الردع, ولا جماعات شعبية عربية وإسلامية يمكن لها أن تهدِّد بدورها بأعمال إرهابية إذا حدث ذلك, وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها الصهاينة, سواءٌ من حكومة إسرائيل أو من الجماعات اليهودية المتطرفة, وإذا كانت الحكومات العربية والإسلامية عاجزةً عن فعل شيء في هذا الصدَد, فإن عليها على الأقلّ أن تدعم حركات المقاومة الفلسطينيين دعمًا حقيقيًّا يسبب رعبًا لإسرائيل من ردّ الفعل, وإلا فإن هذا الجيل العربي من حكومات وحركات شعبية سوف يتحمل المسئولية التاريخية عن هدم المسجد الأقصى إذا حدث لا قدر الله. وعلينا أن ندرك في هذا الصدد أن نشر تلك النبوءات المزعومة والخرافات الغريبة, هو نوع من قياس ردّ الفعل العربي والإسلامي, فإذا كان ردّ الفعل ضعيفًا أو غير موجود أصلًا, فإن مخطط هدم المسجد الأقصى سوف يستمرّ في طريقه المرسوم, سواء كان ذلك في 16 مارس 2010 أو بعد ذلك. التخطيط لهدم المسجد الأقصى هو عملية مستمرة منذ احتلال القدس عام 1967, عملية يقوم بها عدد من المنظمات الصهيونية المتطرفة وكذلك جماعات بروتستانتية مسيحية تؤمن بما يسمي بالألفية السعيدة, أي أن هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان المزعوم هو مقدمة لظهور المسيح من جديد ووقوع معركة هرمجدون وبداية الألفية السعيدة المزعومة من قبل تيار المسيحية الصهيونية، والذي يؤمن به عدد كبير من البروتستانت, ولم يكن غريبًا أن تكون أول محاولة لحرق المسجد الأقصى والتي تمت عام 1968 قام بها مايكل روهان وهو مسيحي أسترالي بروتستانتي وليس يهوديًّا مثلا!! وتكررت تلك المحاولات لهدم المسجد الأقصى عن طريق منظمات صهيونية متطرفة ولم تتوقف حتى الآن, ولا يمرّ عام إلا وتحدث أكثر من محاولة, أو يتم الكشف عن مؤامرة تستهدف هدم المسجد الأقصى. لا أدري ماذا يقول الزعماء العرب والمسلمون لربهم عندما يقفون ويشاهدون تلك المحاولات دون أن يتحركوا تحركًا جدّيًّا يوقف هذا التآمر. وماذا ستقول الجماعات الشعبية العربية والإسلامية التي لم تولِ هذا الأمر ما يستحقّ من الاهتمام تجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. مسألة هدم المسجد الأقصى مسألة ليست صعبةً على اليهود, ومن الناحية النظرية فإن من السهل على أي شخص يهودي أن يصعد على أحد الجبال بجوار القدس ويطلق صاروخًا على المسجد الأقصى أو أكثر, ولكن ما يمنع ذلك هو الخوف من ردّ الفعل العربي والإسلامي, وبالتالي فإن من الضروري تكثيف الإحساس لدى الصهاينة بأن ردّ الفعل العربي والإسلامي الحكومي والشعبي سيكون مروِّعًا, وبدون ذلك فإن علينا أن نتوقع أن نصحوَ ذات صباح قريب أو متوسط ونفاجَأ بأن المسجد الأقصى المبارك قد تَمَّ هدمُه ونتحمل بالتالي مسئولية ذلك أمام الله ثم أمام الأجيال القادمة للأمة، والتي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الحدث الهائل, الذي سينزع كلَّ غطاء عن الحكومات العربية ويجعلها لقيطةً تمامًا وبلا مشروعية حقيقية أو مزعومة, وساعتها فإن التداعيات على كل الأصعدة ستكون غير محسوبة سلفًا, ولا يمكن إيقاف رد الفعل الشعبي على كل المستويات.