أكدت انتخابات مندوبي التعاضدية العامة لرجال التعليم التي جرت أطوارها الأربعاء أن التحكم ملة واحدة، ولا فرق بين حزب مصنوع على عين السلطة، وبين نقابة تدعي الدفاع عن حقوق الشغلية والطبقة العاملة. لقد شهد اقتراع 11 ماي 2016م مذبحة حقيقية للديمقرطية، وكشف عن استفحال مرض التحكم في أوصال من دأبوا على تدبير الشأن التعاضدي لسنوات خلت، كما فضح زيف الشعارات المرفوعة، وأبرز بما لا يدع مجالا للشك أن الوضعية الكارثية للتعاضدية العامة، وضعف الخدمات المقدمة للمنخرطين ما هي إلا نتيجة حتمية لمثل هاته السلوكات التي لا تمت للديمقراطية بصلة. في اقتراع اليوم حضر المنخرطون بكثافة، وغابت أبسط ضمانات النزاهة والشفافية؛ فعلى صعيد ورزازات مثلا (وهي حالة عامة في مختلف مكاتب التصويت) تم تخصيص مركز وحيد، وصندوق فريد صغير لمديرية إقليمية مترامية الأطراف، صندوق يلخص توقعات المشرفين على العملية الانتخابية، والذين يبدو أنهم فوجئوا بالمشاركة الكثيفة للمنخرطين. أوراق تصويت غير مختومة، ولوائح ناقصة لم ترد فيها أسماء كثير من المنخرطين، بينما يكتفي الناخبون الواردة أسماؤهم بالإدلاء بأصواتهم دون أي توقيع أو بصم كما يحصل في أبسط الديمقراطيات. ويبقى أبرز مظاهر التحكم والفساد الذي شاب العملية الانتخابية لاقتراع 11 ماي هو رفض حضور المراقبين، إذ تجري الانتخابات تحت إشراف لجنة تم تعيينها من قبل الساهرين على تدبير شأن التعاضدية، وفي غياب تام لأي مراقب ينوب عن المرشحين لشغل المناصب المتنافس حولها، مما يهدد العملية برمتها ويشكك في نزاهتها، فلا ضمانة لأحد بأن عملية فرز الأصوات ستكون سليمة من أي تزوير، وهذا ما دفع عددا من المنخرطين إلى الاحتجاج أمام مكتب التصويت بورزازات. وقد عمل أحد المرشحين على استدعاء المنتدب القضائي لتسجيل محضر رفض ممثل له، كما اجتهد في استصدار حكم قضائي مستعجل بحضور المنتدب القضائي مرحلة فرز الأصوات في محاولة لحماية أصوات الناخبين من أي تزوير. ومهما كانت النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع يبقى السؤال مطروحا حول دواعي تغييب أدنى شروط المنافسة الديمقراطية في انتخابات من المفروض أن تكون نموذجية لارتباطها بفئة رجال التعليم. إن مهزلة اليوم تستدعي ثورة حقيقية في صفوف المنخرطين في التعاضدية العامة للقطع مع منطق التحكم، وإرساء قواعد تنافس ديمقراطية تفرز منتدبين قادرين على المرافعة من أجل تمكين المنخرطين من خدمات تليق بهم، وهيآت لاتحوم الشكوك حول تدبيرها للشأن التعاضدي.