قبل ان نغوص في الحديث عن ما بات يعرف تحت مسمى البرلمانيين الشباب, لابد ان نقر بالحقيقة المرة التي تختفي وراءها جبال الجليد اللعينة, انه ما من شباب ضمن هؤلاء حصد هدا اللقب عن جدارة واستحقاق, بعيدا عن الولاءات ودرجة القرب الى قيادة, ومنهم من يوجد رفقة ذويهم داخل قبةالبرلمان, وكأن هدا الوطن الممتد من مضيق جبل طارق الى صحاري بير كندوز, لا يتوفر على من هم اهل لدخول البرلمان, على أي حال إن وجد بعض الشباب افرزت اسمائهم داخل اللوائح الوطنية للاحزابهم بطرق ديمقراطية, تتجسد في تجربة واحدة, يعرف الجميع من هم اصحابها, ولأنها واحدة فلا يقاس عليها ولا تمتل معيارا, للان المعايير السائدة هي معايير الانتقاء العشوائي وفقا لرغبات القيادة وللاعتبارات الحسب والنسب. لكن ما يشكل وسمة عار على جبين هؤلاء البرلمانيين الشباب, انهم تكريس لمفهوم الريع السياسي, الدي يسيء الى سمعة شباب اليوم, ممن يتشبعون بقيم الديمقراطية والنزاهة والشفافية, الشباب الدي دفع بإخراج دستور جديد, وطالب بالقطع مع كل الممارسات الريعية, التي حكمت علينا لعقود طويلة بالتخلف والاحتباس الحضاري والاخلاقي مما دفع في وقت سابق ملايين الشباب لركوب قوارب الموت, منهم من تحققت امانيه ببلوغ الجنات الاوروبية, ومنهم من وهب جسده قربانا للآلهة البحر, في سبيل تغيير الوضع المزرى لعائلتهم, التي تتخبط في براثن الفقر والتهميش, نتيجة لسياسات تفقيريه نهجتها الحكومات المتعاقبة, على تسيير الشأن العام الدي يتشبث البعض في جعله شانا خاصا.
ما يحز في نفسي, ان يقبل هؤلاء الشباب البرلمانيين الدين لا يتعرف عليهم حتى اعضاء احزابهم من فرط تواريهم عن الانظار, ولا يظهرون الا مرة في سنة مع افتتاح الدورة الخريفية من كل العام, قلت ان يقبلوا لعب دور كراكز او دمى يتم بها تأتيت الفرق النيابية للأحزاب تحت مسمى الديمقراطية, دون ان نرى او نتحسس لوجودهم بمبادرات قوية وتفاعلات جوهرية.
كما لا تفوتنا الإشارة إلى عامل السن الذي تم تجاهله خلال اختيار أو انتخاب هؤلاء الشباب على رأس اللوائح الوطنية لأحزابهم، فمعظم الشباب البرلمانيين قد تجاوزوا عتبة الخمسة وثلاثين التي نص عليها قانون اللائحة الوطنية، وان حاولنا جاهدين إقناع أو تقبل حقيقة هذا الواقع المرير الذي تعرفه هذه اللوائح، فلابد أن نطرح سؤال بسيطا، ما هي انجازات هؤلاء البرلمانيين على أرض الواقع؟، وللآن هذا التساؤل لا إجابة له، فإننا مرة أخرى سنتعمد غض الطرف عن هذا الجانب، لسبب وحيد ألا وهو، غياب إستراتيجية واضحة لدى هؤلاء الشباب ومشاريع عمل مدروسة بعناية، كما يغيب لدى هؤلاء نظرة استشراقية لمستقبلهم السياسي، تصاحب ولايتهم البرلمانية، عدا سفريات واقامات في أفخر الفنادق العالمية، على حساب دافعي الضرائب.
وما يزيد من تعقيد هذه الظاهرة، هي تلك القطيعة التي يتخذها هؤلاء الشباب، مع هموم وتطلعات الفئة الشبابية المغربية، واضعف الإيمان تبني ملفات الشباب الجاهزة فيما يتعلق بالتشغيل والتعليم والى غير ذلك من الآهات والمشاكل التي تتخبط فيها فئة عريضة من شباب الوطن.
وفي الاخيرة لا يسعني الا أن أذكر الشباب الذين يطمحون الى دخول البرلمان عبر هذه البوابة، أن يكونوا أصحاب مبادىء وطموحات، تتجاوز تلك العقد التي طالما علقت في وجدان السياسي المغربي، والتي تتجسد في اتخاذ صفة البرلماني أو نائب الامة مجرد سياط تجلد به أجساد الضعاف، بل يجب أن نتحلى بقليل من الجرأة في قول الحقيقة والدفاع عنها، والدفع بمسلسل الاصلاح الى الامام، وذلك لن يتأتى الا ان اقتنعنا بأن المقعد البرلماني عبر اللائحة الوطنية ليس امتياز أو نعمة أسقطها الله من السماء، ولكنها مسؤولية ممثلي جيل كامل من الشباب، مسؤولية جسيمة ملاقاة على عاتق هؤلاء الشباب، مسؤولية محصورة بمدة زمنية لا تتعدى خمس سنوات، فاما أن يتبث الشاب أو الشابة نجاعته وعفته اتجاه المال العام، وبذلك تحسب له نقاط اضافية في تاريخه السياسي تدفعه نحو الامام ان دخل الاقتراع المباشر، واما يقبل بنعمة محكوم عليها بالزوال، ومع زوالها تموت زهرة هؤلاء الشباب السياسية.