الرباط/6 أكتوبر 2014/ومع/ أكدت السيدة بهيجة سيمو، مديرة مديرية الوثائق الملكية، أن المعرض المتجول الذي سيحتضنه متحف اللوفر بباريس ومتحف محمد السادس بالرباط، حول "المغرب الوسيط إمبراطورية ممتدة من إفريقيا إلى إسبانيا"، يشكل فرصة لإبراز المعالم التاريخية وعراقة الدولة المغربية واستمرارية وحدتها الترابية والسياسية وإشعاعها الحضاري، كما يبين الروافد الثقافية التي نهلت منها هذه الحضارة في تلاقحها مع محيطها الإقليمي والدولي بالتأثير أحيانا والتأثر أحيانا أخرى. وقالت سيمو، المندوبة العامة للمعرض، عن المغرب، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا المشروع الثقافي غير المسبوق، بقدر ما يسمح للزائر الأجنبي بالاطلاع على صفحات مشرقة من تاريخ المغرب ويعينه على الفهم الجيد لحاضره، فإنه يشكل للمغاربة أيضا فرصة سانحة للعناية بتراثهم وإيلائه الاهتمام اللازم والعمل على ترميمه والحرص على صيانته وحفظه. كما سيمكن المغرب، من جهة أخرى، من الانخراط في تطوير مجال التحافة لتربية الأجيال على تذوق الفنون وعلى ثقافة المتاحف حفظا للذاكرة التاريخية والهوية الوطنية. وسجلت أن هذا المعرض، الذي تنظمه المؤسسة الوطنية للمتاحف ومتحف اللوفر، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ورئيس الجمهورية الفرنسية، بباريس من 17 أكتوبر 2014 إلى 19 يناير 2015، وبمتحف محمد السادس بالرباط من 2 مارس إلى فاتح يونيو 2015، يستجيب للتوجهات السامية لصاحب الجلالة الرامية إلى تطوير الثقافة كرافعة للتنمية وعامل من عوامل اقتسام المعارف وتقريب الشعوب والأمم فيما بينها. وذكرت بأن الرعاية الملكية السامية التي خص بها جلالته مجال المعرفة والثقافة "لتشهد على ما يوليه جلالته من اهتمام للتراث المغربي بشكل خاص وللفنون الإسلامية بشكل عام. فمنذ تربع جلالته على عرش أسلافه الميامين لم يأل جهدا في التأسيس لثقافة مغربية تقوم على السخاء والتسامح والانفتاح واقتسام المعارف". والواقع أن هذه القيم، تضيف السيدة سيمو، تجد بالفعل تجسيدا لها في هذا النوع من التظاهرات ذات الصبغة الثقافية والكونية. وأضافت أن المبادرة تندرج ضمن الإنجازات الملكية التي تهم صيانة التراث المكتوب والمنقول مساهمة في حفظ الذاكرة المغربية، حيث فتحت المكتبة الوطنية للمملكة أبوابها، وكذا الأرشيف الوطني، كما عرفت مديرية الوثائق الملكية تنظيما جديدا محكما على عهد جلالته، وأسس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، ومتحف محمد السادس الوطني للفنون المعاصرة، وغيرها من المنشآت الثقافية. وعن اختيار هذه المرحلة المتعلقة بتاريخ المغرب الوسيط كموضوع لهذا المعرض، توضح السيدة سيمو أن الأمر نابع من الوعي بأهمية الفترة بالنسبة لتاريخ المغرب ككل، حيث تمكن المولى إدريس الأول من تأسيس دولة مستقلة عن مركز الخلافة بالمشرق. وتواصل منذ ذلك الوقت صرح البناء على الصعيد المؤسساتي والمذهبي والعقائدي، قبل أن يتكرس هذا التوجه مع إقامة دولة مركزية مع المرابطين وحدت مجموع التراب وجعلت من المذهب المالكي المذهب الرسمي للدولة. وقد تعزز البناء الحضاري المغربي ببسط نفوذ الموحدين على كل بلاد المغارب من طنجة إلى برقة ومن تخوم بلاد السودان إلى الأندلس. وبعد نهاية الموحدين، تضيف المندوبة العامة للمعرض، انقسم المجال السياسي إلى ثلاث دول : الدولة الحفصية بإفريقية، والزيانية بالمغرب الأوسط، والمرينية بالمغرب الأقصى. وقد عملت هذه الدولة الأخيرة على ترسيخ دعائم الحكم بالمغرب المتمثلة في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني. وهو الصرح الذي قامت عليه الهوية المغربية وشكل عماد خصوصيتها إلى اليوم.