صدقت التكهنات و بتنا نعيش دخولا إجتماعيا ساخنا عنوانه الإحتجاج، بل والإحتجاج بسلاح هجرته الكثير من النقابات ومعها الكثير من الأجراء والموظفين منذ أَشْهَر بنكيران سيف الاقتطاع في وجه المضربين، عملا بمبدإ "الأجر مقابل العمل"، رغم أنه صراحة حق أُريد به باطل ليس إلا، المهم أن رئيس الحكومة اعتبر زمن الإضرابات ولّى لغير رجعة، وبات يتبجح بمناسبة وأحيانا بدون مناسبة بإنخفاض صاروخي ليس في أسعار المواد الإستهلاكية كما قد يحلم البعض ويتمنى وإنما في عدد أيام الإضراب منذ شغل كرسي المسؤولية، وهو الأمر ربما الذي دفعه لإتخاذ الكثير من القرارات اللاشعبية بكثير من الثقة الزائدة، والتي كان آخرها تلك المتعلقة بالتقاعد والتي قوّت موقع معارضيه ومن ضمنهم النقابات العمالية ، حيث أعلن العديد منها عن إضراب وطني بداية الأسبوع المقبل. البداية مع النقابة الوطنية للتعليم العالي والتي دعت الأساتذة الباحثين العاملين بالجامعات والمعاهد العليا المغربية إلى الإضراب لمدة 72 ساعة أيام 23 و24 و25 شتنبر 2014، معلنة رفضها لأي تغيير في سن التقاعد الخاص بالأساتذة الباحثين بعد أن تم تعميم سن التقاعد في 65 سنة منذ اتفاق 29 أبريل 2011، على كل إطارات الأساتذة الباحثين. المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل رفقة المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب عقدا إجتماعا مشتركا يوم الجمعة 12 شتنبر الجاري بالرباط، وعبرا فيه عن رفضهما للسياسة الحكومية اللاشعبية المستندة على الزيادات المتتالية في الأسعار، وطالبا الحكومة بالتراجع الفوري عن هذه الإجراء ات والقرارات والتي تهدف إلى تدمير المكتسبات المتعلقة بالتقاعد، وحددا يوم الثلاثاء 23 شتنبر 2014 موعدا لخوض إضراب وطني إنذاري في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري. المنظمة الديمقراطية للشغل وفي إجتماع مكتبها التنفيذي المنعقد في 14 من هذا الشهر، أعلن انخراطه في إضراب 23 شتنبر بالقطاعات العمومية والجماعات المحلية، واتهمت المنظمة في ندوة صحفية نظمتها بالرباط الحكومة ب"نهج طريقة فريدة في التعاطي مع الملف الاجتماعي مع النقابات ضدا على الدستور وضدا على التوجيهات الملكية"، واتهمتها ب"عدم الاكتراث بالحالة السيئة التي وصلت إليها الأوضاع المعيشية والحياتية للطبقة العاملة ولعموم الجماهير الشعبية"، معلنة "رفضها القاطع" للمقاربة الحكومية لملف إصلاح التقاعد. إتحاد النقابات المستقلة بالمغرب أصدر بلاغا أعلن من خلاله إحتجاجه على ما أسماه بالقرارات التعسفية والفاشلة للحكومة و رفضه تحميل الشغيلة مسؤولية إفلاس صناديق التقاعد، وأعلن التحاقه باضراب 23 شتنبر. الاتحاد الوطني للشغل أعلن بدوره مساندته محطة الاضراب العام في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية ليوم 23 شتنبر 2014، ودعا مناضليه وعموم الشغيلة المغربية إلى الانخراط الكلي والجماعي في هذه المحطة لإيقاف مشاريع مراسيم الثالوث الملعون لافساد الصندوق المغربي للتقاعد، ولصد الزحف الحكومي على القدرة الشرائية والحقوق والمكتسبات. أما النقابة المستقلة للتعليم بالمغرب فقد أعلنت رفضها المطلق لمقترحات الحكومة في ملف التقاعد، ومطالبتها بمساءلة ومتابعة كل المفسدين وناهبي المال العام بصناديق التقاعد وكل من ساهم في تأزيم هذه الصناديق، واسترجاع الأموال المنهوبة والمتابعة الدقيقة لمالية الصندوق المغربي للتقاعد ولتدبيره الإداري، مع رفع هالة الصمت والتعتيم المضروبة على ماليته بعيدا عن التهويل الذي يراد منه الدفع لقبول مقترحات الحكومة، ومطالبتها بتوسيع دائرة الحوار والتشاور مع كافة المتدخلين بما فيهم الموظفون كمعنيين مباشرين، ودعت نساء ورجال التعليم لخوض إضراب الثلاثاء المقبل. إضراب 23 تعبأت له المنظمات النقابية وانخرطت فيه بشكل غير مسبوق، فهل ستبادر الحكومة لإتخاذ إجراء ات وربما للتراجع عن أخرى للتخفيف من حدة الاحتقان والغضب وسط الموظفين والأجراء؟ أم أن الوضع مرشح للتأزم أكثر ولفتح الباب أمام أشواط من جذب الحبل بينها وبين النقابات؟ سؤال ستجيب عنه حتما الأيام القليلة القادمة.