في هذه الأيام لا تكاد تخلو جل الجرائد اليومية من أخبار من قبيل "امرأة تلد في مصعد" أو "سيدة تضع مولودها في الشارع العام" أو "امرأة تلد داخل حافلة عمومية" أو ما شابه ذلك مع توجيه الاتهام مباشرة إلى الكوادر الطبية بالمسؤولية عن هذه الحوادث حتى و إن لم تصل السيدة إلى المستشفى العمومي أو المركز الصحي القريب منها, فيبدو بأن الأطباء أصبحوا هم المسئولين عن مباغتة المخاض لأي سيدة حامل في المكان غير المناسب للولادة. و يبدو بان الوزارة الوصية على القطاع الصحي بالمغرب و التي يرأسها طبيب و هو "الحسين الوردي" تسعى إلى خلق مواجهة مباشرة بين الأطر الطبية و المواطن, فأغلب المواطنين المغاربة عندما يذهبون إلى المستشفى العمومي و يجدون مثلا "السكانير" معطلا فأول شيء يبدؤون به هو سب الطبيب و الممرض كأنهما المسئولان عن صيانة الأجهزة الطبية أو توفيرها إن غابت,بدلا من الاتجاه إلى المسئولين بوزارة الصحية و التي يتجلى دورها في تجهيز المستشفيات بالأدوات التقنية اللازمة لكي يؤدي الطبيب عمله في أحسن الظروف, و يتناسى المواطن المغلوب على أمره بان الطبيب مواطن مثله مثل جميع المواطنين يعاني من نفس المشاكل التي يعانيها المواطن العادي. فقد اهتدى صاحبنا السيد "الحسين الوردي" هذه الأيام إلى حل يسكت به المواطنين و هو توقيف الأطباء و إصدار عقوبات تأديبية في حقهم عند كل حادث يقع في المستشفيات و اتخاذهم أكباش فداء و الحائط القصير الذي يقفز عليه, بدل البحث عن حلول جذرية لما تعاني منه المنظومة الصحية بالمغرب من مشاكل و صعوبات. فالظروف التي أصبح الأطباء يعملون فيها خاصة بالقطاع العام لم تعد تغري أحدا و الدليل على ذلك المباريات التي تجريها الوزارة للتوظيف و التي أصبح يتقدم لها عدد اقل من المناصب المطلوبة و تكاثر عدد الاستقالات من القطاع,فالخوف كل الخوف أن يهرب جل الأطباء من القطاع العام خاصة مع كل الإغراءات التي أصبح يقدمها القطاع الخاص فتصبح صحة المواطن البسيط في مهب الريح. فكيف يعقل بان يشتري الطبيب من ماله الخاص مستلزمات عمله في المستشفى العمومي و يضطر إلى دفع أجور عاملات النظافة من آجره الذي لا يكفيه أصلا للعيش الكريم ,بالإضافة إلى معاناة بعضهم من تسلط بعض مندوبي وزارة الصحة. صحيح بان هناك أطباء يسيئون إلى القطاع الصحي بتصرفاتهم غير المقبولة تجاه المواطنين و لكن هذا لا يجب أن يدفعنا إلى التعميم,فهناك و الحمد لله طاقات شابة تعمل بجدية و بكل شرف و نزاهة يلزمها فقط بعض العناية و الاهتمام و توفير جميع لوازم العمل الضرورية لممارسة المهنة و العيش الكريم. فلا نريد أن يأتي يوم فتصبح فيه مهنة طبيب تهمة أو جريمة.