بسم الله الرحمن الرحيم من روائع البيان في القرآن الكريم(3) الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال سبحانه وتعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ 0لدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُومِنُواْ بي¯ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [ سورة البقرة / آية: 186]. ӿ «عندما تقرأ في كتاب الله كلمة " سأل " ستجد أن مادة السؤال بالنسبة للقرآن وردت وفي جوابها " قل ". أو "فقل" كقوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ 0لْخَمْرِ وَ0لْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ.. }[البقرة: 219]. وقوله:{ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ 0لْعَفْوَ.. }[البقرة: 219]. وقوله:{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ.. }[البقرة: 215]. وقوله:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ 0لْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي.. }[طه: 105]. لكن نحن الآن أمام آية جاء فيها سؤال وكانت الإجابة مباشرة:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾. فلم يقل: فقل: إنِّي قريب؛ لأن قوله: "قل" هو عملية تطيل القرب، ويريد الله أن يجعل القرب في الجواب عن السؤال بدون وساطة ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾. لقد جعل الله الجواب منه لعباده مباشرة، وإن كان الذي سيبلغ الجواب هو رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه لها قصة: لقد سألوا رسول الله: أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ لأن عادة البعيد أن يُنادي، أما القريب فيُناجي، ولكي يبين لهم القرب، حذف كلمة "قل" ، فجاء قول الحق: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } [ تفسير الشعراوي/ الشيخ الشعراوي/مج:2.ص:781. بتصرف]
¤¤¤¤ ӿ « فإني قريب.. أجيب دعوة الداع إذا دعان.. أية رقة؟ وأي انعطاف؟ وأية شفافية؟ وأي إيناس؟ وأين تقع مشقة الصوم ومشقة أي تكليف في ظل هذا الود، وظل هذا القرب، وظل هذا الإيناس؟، وفي كل لفظ في التعبير في الآية كلها تلك النداوة الحبيبة: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب. أجيب دعوة الداع إذا دعان }.. إضافة العباد إليه، والرد المباشر عليهم منه.. لم يقل: فقل لهم: إني قريب.. إنما تولى بذاته العلية الجواب على عباده بمجرد السؤال.. قريب.. ولم يقل أسمع الدعاء.. إنما عجل بإجابة الدعاء: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}. إنها آية عجيبة.. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المؤنس، والرضى المطمئن، والثقة واليقين.. ويعيش منها المؤمن في جناب رضيّ، وقربى ندية، وملاذ أمين وقرار مكين.[ في ظلال القرآن/ سيد قطب/موقع التفاسير] ¤¤¤¤ ӿ «وإنما قال تعالى: { فإني قريب } ولم يقل: فقل لهم إني قريب إيجازاً لظهوره من قوله: { وإذا سألك عبادي عني } ، وتنبيهاً على أن السؤال مفروض غير واقع منهم بالفعل، وفيه لطيفة قرآنية، وهي إيهام أن الله تعالى تولَّى جوابهم عن سؤالهم بنفسه إذ حذف في اللفظ ما يدل على وساطة النبي - صلى الله عليه وسلم - تنبيهاً على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء.» [التحرير والتنوير/ابن عاشور/ج1].