قد يتسبب فيلم كوميدي على نسق أفلام هوليوود بتصعيد أمني خطير في شبه الجزيرة الكورية، مع تهديد كوريا الشمالية برد «حازم لا يرحم» على الولاياتالمتحدة، إذا لم تمنع عرض الفيلم الذي تدور أحداثه حول محاولة اغتيال زعيمها كيم يونغ أون، وتحذيرها بأن عدم قيام الحكومة الأميركية بمنع عرض الفيلم يشكل «عملاً من أعمال الحرب». وفي تعليقها على رد فعل بيونغ يانغ الغاضب، رجحت صحيفة «غارديان» البريطانية أن يكون الفيلم قد ضرب على وتر حساس في بلاد تسودها ثقافة عبادة الفرد، في حين أشارت صحيفة «ديلي ميل» إلى تزامن هذه التهديدات مع إحياء الذكرى ال 64 لاندلاع الحرب الكورية، التي أودت بحياة أكثر من 1.2 مليون جندي وملايين من المواطنين الكوريين، وتدمير مدن عدة بما في ذلك بيونغ يانغ من قبل القوة الجوية الأميركية. والتهديدات التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية عن متحدث باسم وزارة الخارجية لم تذكر تحديداً اسم الفيلم، إلا أن المعلقين متفقون على أن المقصود به فيلم «المقابلة» الذي سينطلق في دور السينما الأميركية أكتوبر المقبل من بطولة سيث روغن وجيمس فرانكو. وتدور أحداث هذا الفيلم الهزلي حول إعلاميين يعملان في إحدى المحطات التلفزيونية، تمكنا من الحصول على مقابلة حصرية مع الزعيم كيم، قبل أن تجندهما وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لاغتياله. صورة نمطية والفيلم القصير المعروض للترويج للفيلم في وسائل الإعلام يظهر صورة نمطية لكوريا الشمالية، كما هي الحال مع كل أفلام هوليوود، حيث يقول العميل السري للإعلاميين إن كوريا الشمالية «البلد الأكثر خطورة على وجه الأرض»، وينبغي وقف كيم عند حده لأن: «شعبه يصدق كل ما يقوله لهم، بما في ذلك أن بإمكانه التحدث إلى الدلافين، أو أنه لا يبول أو يتغوط». ورأت «غارديان» أن الفيلم باستهزائه بالقائد الأعلى لكوريا الشمالية، كإنسان عادي لا يختلف عن غيره من البشر، ربما ضرب على وتر حساس لدى النظام، الذي ينظر إلى الضحك على قائده الأعلى بكثير من القنوط والجدية، وحتى بحالة من الارتياب والشك من تهديدات متصورة على سلامته. وقد شنت كوريا الشمالية هجوماً كاسحاً على الفيلم، على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية لم تذكر اسمه، حيث قال: «الجنون المستفز المتهور للولايات المتحدة في تعبئة صانع أفلام من رجال العصابات لتحدي القيادة في كوريا الشمالية يثير عاصفة من الكراهية والغضب بين شعب كوريا الشمالية وجنودها»، وأضاف: «إن صنع مثل هذا الفيلم السينمائي الذي يصور هجوما على قيادتنا العليا يعد من أكثر الأفعال الإرهابية وحشية وعملا من أعمال الحرب، لا يمكن التساهل حياله على الإطلاق». ويلعب الممثل الأميركي من أصل كوري راندال بارك دور شخصية كيم في الفيلم، حيث يظهر بصورة نمطية أخرى، وهو يدخن سيجارا بنهم، فيما الاعتقاد السائد في كوريا هو أن كيم البالغ من العمر 31 عاما يفضل تدخين السجائر. وهذه ليست المرة الأولى تسخر فيها كوميديا هوليوود من أحد أعضاء سلالة كيم. فوالده، كيم يونغ إيل، كان هدفا لعملية اغتيال في فيلم الدمى «تييم أميركا: وورلد بوليس». ويصور الفيلم كيم يونغ إيل كمستبد وحيد يغضب على مفتش الأممالمتحدة هانز بليكس، ويُقتل في آخر الفيلم ليخرج مخلوق صغير غريب من داخله يتمكن من النجاة والهروب على متن مركبة صواريخ، متوعداً الجمهور بالعودة. ذكرى أليمة لكن هذه الكوميديا الأخيرة لجيمس فرانكو، حول تدبير مكيدة لاغتيال كيم يونغ أون، تأتي فيما تسترجع الكوريتان ذكرى اندلاع الحرب الكورية التي دامت ثلاث سنوات. وكوريا الشمالية تعهدت ب «الانتقام» من الولاياتالمتحدة لتورطها في سفك الدماء حلال الحرب. وفيما كان يجري تسيير تظاهرات جماهيرية حاشدة، نشرت صحيفة حزب العمال الكوري الشمالي الحاكم صورة غير مؤرخة لكيم يونغ أون وهو في زيارة لموقع إنشاء لميتم في عاصمة كوريا الشمالية. وتعليقاً على الفيلم، قال كيم ميونغ شول، المتحدث غير الرسمي باسم بيونغ يانغ، لصحيفة «ديلي تلغراف» إن حبكة الاغتيال في الفيلم تظهر السياسية الخارجية البائسة لأميركا ككل، مضيفا: «هناك سخرية في حبكة القصة تظهر حالة اليأس لدى الحكومة الأميركية ومجتمعها، فأي فيلم عن اغتيال زعيم أجنبي يعكس ما فعلته الولاياتالمتحدة بأفغانستان والعراق وسوريا وأوكرانيا. ودعونا لا ننسى من قتل الرئيس الأميركي جون كيندي»، طالباً من أوباما توخي الحذر من الداخل الأميركي. الشخصية الشهيرة كيم يونغ أون المولود في 1983 هو زعيم كوريا الشمالية حالياً، وثالث أبناء الزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم يونغ إيل الذي أعلنت وفاته في 28 ديسمبر 2011. وفي 30 ديسمبر 2011، عينه المكتب السياسي لحزب العمال القائد الأعلى للجيش. وفي 11 أبريل عام 2012، انتخبه المؤتمر الرابع لحزب العمال في كوريا الشمالية الأمين العام الأول للحزب. ورقي إلى منصب مارشال في الجيش الكوري في 19 يوليو 2012 مما عزز من موقعه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويقال إنه حائز على شهادتين، واحدة في الفيزياء وأخرى بصفة ضابط في الجيش. في 26 يناير 2013، اصدر أوامره بالاستعداد لاختبار نووي جديد، وهدد الولاياتالمتحدة بهجوم نووي استباقي في مارس 2013. وتحدثت الأنباء عن تصفيات بعد توليه السلطة كان أبرزها إعدام عمه جانغ سونغ تايك.