برمجت وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس مجموعة من العمليات الهادفة إلى رد الاعتبار للمباني المهددة بالانهيار بالمدينة العتيقة وترميمها وشرعت في تنفيذ بعضها من أجل حماية هذا النسيج العمراني وصيانته من الضياع. وتهم عمليات إنقاذ وترميم المباني المهددة بالانهيار بالمدينة العتيقة لفاس (فاسالمدينة والمشور فاس الجديد) والتي يتم تنفيذها في إطار الاتفاقية التي تم توقيعها خلال شهر مارس الماضي تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس 3666 بناية مهددة بالانهيار. وحسب معطيات تم تقديمها أمس الثلاثاء خلال يوم دراسي نظم احتفاء بالذكرى 25 لتأسيس وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس فإن التكلفة المالية الإجمالية لهذا التدخل، الذي يستهدف بالخصوص إعطاء دفعة قوية لبرنامج ترميم وصيانة المباني التاريخية بالمدينة العتيقة لفاس وحماية النسيج العمراني والمحافظة عليه من الضياع، تقدر ب 330 مليون درهم . وتنفيذا لهذا المشروع اعتمدت وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس مقاربة ترتكز على تصنيف البنايات المهددة بالانهيار وفق درجة الخطورة وكذا نوع التدخلات التي تتطلبها إلى جانب العمليات التقنية المصاحبة لدعم وتقوية هذه البنايات . وحسب الدراسات التقنية التي انجزتها الوكالة فإن عدد البنايات التي تصنف ضمن فئة الدرجة الأولى من الخطورة بالمدينة العتيقة والمشور فاس الجديد يقدر ب 2029 بناية، موزعة ما بين 1586 بناية تحتاج إلى إعانات الإصلاح و300 بناية تتطلب تدخلات مباشرة بالإضافة إلى 143 بناية يجب هدمها . وتقدر الكلفة المالية لهذه العمليات ب 245 مليون درهم موزعة ما بين 127 مليون درهم كإعانات للإصلاح و 21 مليون كتكلفة لعمليات هدم البنايات التي وصلت إلى مرحلة متقدمة من التدهور والهشاشة بالإضافة إلى 60 مليون درهم ستوجه للتدخلات المباشرة و30 مليون درهم للمصاحبة التقنية والدراسات فضلا عن 7 ملايين درهم للمواكبة الاجتماعية لقاطني هذه البنايات. أما البنايات التي تصنف ضمن الدرجة الثانية والثالثة من الخطورة فتقدر ب 1937 بناية خصص لها غلاف مالي يصل إلى 55 مليون درهم ستوجه للمراقبة والتتبع وإنجاز الدراسات والمواكبة الاجتماعية والقانونية . وقد انطلقت العديد من المشاريع والعمليات التي يشرف عليها خبراء وتقنيو الوكالة خاصة في الشق المتعلق ببرنامج إعانات الإصلاح حيث تم الانتهاء من 17 عملية لحد الآن من أصل 128 عملية تم إطلاقها وهمت 106 بناية بفاسالمدينة و 22 بناية بالمشور فاس الجديد . أما بالنسبة لبرنامج التدخلات الاستعجالية فقد تم الانتهاء من 114 عملية من مجموع 116 عملية بكل من فاسالمدينة ( 80 بناية ) والمشور فاس الجديد ( 36 بناية ) في حين شمل برنامج الهدم 12 بناية لحد الآن تم الانتهاء من هدم 7 بنايات كلها بفاسالمدينة . وإلى جانب البنايات المهددة بالانهيار تهم الاتفاقية التي تم التوقيع عليها خلال شهر مارس الماضي تنفيذ عمليات وتدخلات خصص لها غلاف مالي يقدر ب 285,5 مليون درهم وتتعلق بصيانة ورد الاعتبار لبعض المدارس العتيقة ( 5 ) والأبراج ( 4 ) والفنادق ( 3 ) والمدابغ ( 3 ) والأسوار ( 2 ) والقناطر ( 2 ). وسيتم تمويل هذه العمليات من طرف مجموعة من الشركاء. يذكر أن عملية رد الاعتبار لمدينة فاس، المصنفة من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو ) منذ سنة 1981 ضمن التراث العالمي الإنساني، ترتكز على مقاربة مندمجة تهتم بالنسيج العمراني العتيق للمدينة القديمة في شموليته سواء تعلق الأمر بالبنايات التاريخية او بالفضاء الحضري بكل مكوناته كالأسوار والمواقع التاريخية والتجهيزات الأساسية والمدارات السياحية . وتعكس المدينة القديمة لفاس والتي تمتد على مساحة تقدر ب 280 هكتارا ويقطنها حوالي 160 ألف نسمة بحق غنى وتنوع وعراقة التاريخ المغربي بما تتوفر عليه من مآثر تاريخية ومعالم حضارية ومبان أثرية تختزل خبرات ومهارات عريقة في مجالات الثقافة والهندسة المعمارية وفن العيش . ويروم مشروع إنقاذ وترميم النسيج العمراني للمدينة العتيقة لفاس، الذي تشرف عليه وتدبره وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس والذي يمول من طرف السلطات العمومية والعديد من الشركاء الدوليين، إنقاذ هذا النسيج المهدد بالانهيار وترميمه وصيانته وبعث الحركية فيه دون المس بقيمته الحضارية والتاريخية . وحسب المدير العام لوكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس السيد فؤاد السرغيني فإن ظاهرة البنايات المهددة بالانهيار بالمدينة القديمة تكشف بالملموس عمق الإشكالية الحقيقية للنسيج العتيق والصعوبات التي تعترض كيفية التعاطي معه، على اعتبار أن هذا النسيج ليس مجرد ملجأ لشريحة من السكان اتخذته سكنا لها ولكنه واقع اجتماعي واقتصادي قائم يحتاج إلى تصورات جديدة ومبتكرة لمعالجته . وأكد أن عمليات ترميم وصيانة المباني التاريخية والأثرية بمدينة فاس تستهدف رد الاعتبار للنسيج العتيق لهذه المدينة في إطار عملية تنموية شمولية لا يمكن حصرها في الجانب التقني بل تتجاوزه لتشمل كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية بهدف تحقيق تنمية مستدامة تدمج هذا التراث الأصيل في مسلسل النهوض بهذه المدينة المصنفة ضمن التراث العالمي الإنساني.