هو سؤال يمكن وصفه بالأزلي ، ذلك الذي يخوض في العلاقة الجدلية بين الجنس والرياضة أو الرياضة والجنس ، وما علاقة تأثير العلاقات الحميمية على المردود والعطاء الرياضي ؟ سؤال لا طالما طرح بشدة بين عامة الناس ، وخاصة في صفوف محترفي الرياضة...
الشيء الذي جعل العشرات بل المئات من الدراسات الأكاديمية والمخبرية تنكب على الحقل الرياضي الذي أصبح قطاعا محركا للإقتصاد ، خصوصا إقتصاديات الدول المتقدمة، لإيجاد العلاقة الصحيحة والعقلانية بين الرياضة وممارسة الجنس بشكل عادي بين صفوف المحترفين الذين لم ينفكوا عن البحث على جواب شافي يزيح عن كاهلهم عناء الالتزام بالتعليمات بناءً على دراسات، أو تجاهلها والسير بحسب الهوى بناءً على دراسات أخرى.
الرابط بين الرياضة والجنس ، أمر لم يطرح حديثا نتيجة عولمة الرياضة وتطويرها بمساعدة التكنولوجيا و التقدم العلمي ، بل يعود لغابر الأزمان وما قبل الميلاد فمثلا فيلسوف اليونان القديمة أفلاطون نظر وقال ( على المتبارين المشاركين في الأولمبياد تجنب ممارسة الجنس ) لكن وبأطروحة مناقضة ومغايرة تماما جاء بعده بأكثر من 5 قرون الفيلسوف الروماني بليني الأكبر ليجيز ممارسة الجنس وأنها لا تؤثر على أداء الرياضيين، حيث قال ( الرياضيين يستطيعون تجديد حيويتهم واستعادة نشاطهم عبر ممارسة الجنس ).
جدلية هذا الموضوع وهذه العلاقة لم تتوقف أبدا معها البحوث والدراسات. حيث أن دراسات حديثة العهد جائت متوافقة مع طرح الفيلسوف الروماني ، لتطمئن الرياضيين بأن ممارسة الجنس بشكل معتدل قبل ليلة من المسابقة الرياضية ليست له أي تبعات سلبية على مستوى اللاعبين أثناء المنافسات.
وبالتالي هذه الدراسات جائت قاطعة مع شكوك بعض الرياضيين الذين يعتقدون بأن الجنس يقلل من نسبة أو مخزون التستوسترون، الذي يعتبر المسؤول الأول عن تحفيز العضلات وإعضاء القوة ، ما يؤدي إى إنخفاض مستوى وجودة أدائهم على رقعة الميادين. كما أن إختبارات طبية مقارنتية بين من مارس الجنس ومن لم يمارسه قبل التنافس الرياضي ، عملت على قياس الجهد والقوة والقدرة إلى جانب مؤشرات حيوية أخرى، أبانت على أنه لا يوجد أي فرق بين الطرفين من ناحية الأداء والتفوق الرياصي.
ولمزيد من التفصيل كشفت بعض الدراسات أن أخد الوقت الكافي أو المباعدة الكافية بين العلاقة الحميمية والذهاب للتباري الرياضي ، لا يؤثر أبدا على تركيز اللاعبين ومستواهم البدني ، في حين أن ممارسة الجنس قبل مدة قصيرة من اللعب ( ساعتين إلى 3 ساعات ) يكون له أثر سلبي على المخزون الأدائي الجيد للمحترفين، الشيء الذي يؤكد على ضرورية وجود مدة كافية من الاسترخاء والراحة قبل الانخراط في أي نشاط رياضي، ذهنياً كان أو جسدياً.
لكن ونظرا لإرتباط الجنس والرياضة بما هو نفسي بدني والرغبة في الفوز ، فإن بحث أجري سنة 2003 يقول على على أن التأثير السلبي لممارسة الجنس قبل المباريات (أياً كانت)، ليس سوى أسطورة لا وجود لها، بل على العكس إذ أن العلاقة الحميمية تحفز جسد الرجل على إفراز هرمون التستوسترون الذي يعطي ميزة إضافية للرياضي خلال المنافسة. هذا الهرمون الذكوري يفرز بشكل كبير داخل الجسم خلال القذف، ما يساعد على تقوية العضلات ومنحها مزيداً من الطاقة، نفس البحث لم يستبعد لم يستبعد النساء، مؤكدا أنهن يملكن ميزة مغايرة للرجال، حيث يمتلكن مخدّر حيوي يفرزه جسم المرأة خلال الرعشة الجنسية، ولمدة تصل إلى 24 ساعة، يساعد على تحمل أية آلام محتملة في العضلات، خلال ممارسة الرياضة.
وعلى كثرة هذه الدراسات، الحديثة ، وإختلافها على مدى تأثير العلاقات الحميمية على المردود الرياضي للاعبين ، يمكن أن نستخلص خلاصة مهمة وهي : يبقى الحل الأمثل والأقرب ،لتجنب أية عوارض غير محمودة ، هو الممارسة الجنسية المعتدلة، إضافة إلى اختيار التوقيت المناسب الذي يتماشى مع نوع الرياضة المراد ممارستها. ولقطع الشك باليقين وتبرئة الجنس من التأثير السلبي على مردودية الرياضيين يقول الكاتب الأمريكي الكبير ( إيان كيرنر ) أحد إستشاريي شؤون الحياة الجنسية ،إن الأمر لا يتعلق بممارسة الجنس، بل بالنشاطات الموازية للممارسة كالحفلات الصاخبة والرقص والمشروبات، وهي الأمور التي تؤدي مجتمعة إلى التأثير السلبي الذي يُنسَب بعد ذلك زوراً وخطأ إلى الجنس. أما مدرب اللياقة البدنية ( دان ترينك ) فيضيف معطى جديد وهو الجانب النفسي، فيقول إن الحالة النفسية للرياضي تلعب دوراً كبيراً في مدى تأثير ممارسة الجنس على أدائه التنافسي، فإن كان اللاعب يعتقد أن ممارسة الجنس ستؤدي إلى تراجع مستواه، فإن ذلك سيحصل حتى وإن لم يكن حقيقياً، وهو يشبه في هذه الحالة من يرتدي جورباً أزرق ظناً منه أنه جالب للحظ.
أخيرا ننهي بتوصية مهمة ، تعود لصندوق الأممالمتحدة للسكان ، تبرئ ذمة العلاقات الحميمية من عرقلة الرياضيين وخفض مستواهم التنافسي في المحافل الرياضية وهي كالتالي : 15 دقيقة موازية من الجري، 70 نبضة للقلب تتسارع لتصل إلى 120، تقلّصٌ في العضلات وحرقٌ لخمس سعرات حرارية في الدقيقة. ليست أحجية من نوع جديد، وليست حِمية مبتكرة بشكل أو بآخر. إنها بكل بساطة النشاط الجنسي الاعتيادي الذي يقوم به الإنسان، والذي وصفه صندوق الأممالمتحدة للسكان بأنه ( الرياضة الأكثر ممارسة في العالم ).