تعتبر أزمة البطالة من بين أهم التحديات التي يجب التصدي لها في الظرف الراهن وفي المستقبل،هذه الظاهرة التي تمس عددا معتبرا من فئات الشعب المغربي بمختلف شرائحه 0 فالبطالة في المغرب كما في جميع الدول تعد السبب الأول في تفشي آفات اجتماعية خطيرة تهدد أمن المجتمع0 ونظرا للعدد المتزايد من خريجي الجامعات المغربية أصبح سوق الشغل غير قادر على استيعاب وامتصاص طلبات الشغل المتزايدة0 إن إصلاح منظومة التعليم والتكوين للرفع من الجود ة وتسريع الجهود الهادفة إلى ملاءمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل لجد مهم في معالجة إشكالية البطالة 0 كما أصبح من الضروري الاعتماد على التشغيل الذاتي وخلق المقاولات الصغرى في استراتيجيات الحكومة لامتصاص هذه الأفواج من المعطلين 0ومن اجل تحقيق ذلك يجب جعل الجامعة مركزا لمناصرة وترقية قيم إدارة الأعمال الصغيرة وإرساء قيم ومنهجية العمل الحر بين أوساط الطلاب وإشاعة روح المبادرة والابتكار للمشاركة في برامج محاربة البطالة 0غير أن البرامج الحكومية التي اعتمدتها في السابق كانت تتم خارج أسوار الجامعات مما يجعل هذه المبادرات ضعيفة المردودية0 لهذا يجب إعادة رسم إستراتيجية جديدة لمبادرة شبيه للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتوجيهها نحو العمل من داخل الجامعات ومعاهد التكوين0 إن التنمية الاقتصادية مرتبطة بوجود مقاولات حديثة وقوية تهدف إلى التموقع بصفة مستدامة في السوق الوطنية وفي الأسواق الأجنبية0 لتحقيق ذلك يجب على الحكومة اعتماد سياسة حكومية إرادية وتفاعلية لدعم العمل المقاولاتي وتشجيع المشاريع الصغرى0 فالمشاريع الصغيرة الفردية المؤسسات الصغيرة هي نواة المنافسة في النظرية الاقتصادية الجزئية و تمثل العنصر الأساسي للاندماج والتنوع الاقتصادي والاجتماعي، كما أنها يمكن أن تمثل المصدر الرئيسي للثروة الاقتصادية والمساهمة في توفير مناصب العمل 0 كما أن المشاريع الإنتاجية الصغيرة هي حجر الأساس في بناء الصروح الاقتصادية حيث إن المصانع الكبيرة والشركات التجارية الضخمة جاءت من مشغل صغير أو من متجر متواضع 0لهذا فالتشغيل الذاتي وخلق المقاولات الصغرى يجب أن يأخذ طابعا إستراتيجيا للدولة لمعاجلة إشكالية الاقتصاد الغير المهيكل ومحاربة البطالة 0لأن النسيج الاقتصادي المغربي الحالي غير قادر على توفير فرص الشغل لكافة الشباب ولقد حاول المغرب من خلال عدة مبادرات ومن أجل تشجيع المقاولات الصغرى على خلق برامج لتحفيز القطاع الخاص ابتداءا من برنامج التشغيل والكفاءات لسنة 2000 ،ثم عقود الإدماج في سوق العمل سنة 2002، حيث شملت هذه العقود عقد بدأ الشغل وعقد تنمية التشغيل وقروضا لتدريب التكميلي, وأدرجت برامج أخرى منها برامج التشغيل الذاتي وبرامج لدعم المقاولين الصغار0 مؤخرا اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي مجموعة من التدابير لإنعاش التشغيل ومعالجة الإشكالات المطروحة لكن كلها تصب في سياق تقني لإعداد اليد العاملة وذلك بدعم التناسب مابين التكوين والشغل وتطوير الجسور مابين الجامعة والمقاولة وإعادة ثقة الشباب العاطل في القطاع الخاص واقتراح إطار مؤسساتي جديد لإنعاش الشغل. لكن يتضح هنا أن المشروع الحكومي لم يقدم خطوات عملية حول الدور الذي يمكن للجامعات ومؤسسات التعليم العالي أن تقوم به لزرع ثقافة الريادية وتشجيع الطلبة على خلق مقاولات صغرى0 لهذا يجب إعادة رسم إستراتيجية جديدة ومبادرة شبيه للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتوجيهها نحو العمل داخل الجامعات ومعاهدا لتكوين لتشجيع المقاولات الصغرى وبرامج التشغيل الذاتي0
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لها أهمية و دور مهم في التنمية الاقتصادية و إحداث مناصب شغل في ظل التحديات المستقبلية التي تواجهها البلدان النامية، لهذا فدور الجامعات جد مهم في حاضنة هذه المؤسسات الصغيرة ويجب تشجيع عقلية وثقافة المبادرة الحرة داخل هذه المؤسسات لتطوير هذا القطاع في المستقبل0 في الولاياتالمتحدة على سبيل المثال تعمل الجامعات بتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات العمومية على تشجيع الطلبة على خلق مقاولات صغرى0 هناك مكاتب تعمل بتعاون مع المؤطرين والأساتذة على توجيه الطلبة وتقديم الدعم المادي والمعنوي والمساهمة في إنجاح الفكرة0 أكثر من ذلك هناك مادة خاص يتم تدريسها حول طريقة التفكير في تطور الأفكار وتقيم مدى عمليتها على مستوى التجاري0 هذه المادة ريادة الأعمال entrepreneurship أصبحت مادة ضرورية ومهمة في المقررات الدراسية0 لان تدريس مثل هذه المواد تساعد فيزرع ثقافة الريادية عند الطالب والتعرف على المهارات والمعارف الخاصة بعالم الأعمال والاعتماد على النفس في إنشاء المشاريع الصغيرة، بالإضافة إلى التخطيط ودراسة الجدوى واحتياجات سوق العمل 0كما أن تعريض ريادة الأعمال كخيار عملي في سن مبكر لطلاب سيساهم في تطوير المهارات التي يحتاج إليها الإنسان ليصبح قائدا ناجحا في وقت لاحق في الحياة0أثبتت هذه الإستراتيجية نجاعتها في تشجيع الإبداع والعمل التكاملي بين جميع القطاعات وكذا بين الطلبة و الاساتذة0 فأغلب المقاولات الكبرى فيا لولايات المتحدة هي نتيجة عمل جاد داخل الجامعات0 فشركة غوغل (بالإنكليزية: Google) كانت بدايتها في ينايرمن عام 1996 كمشروع بحث بدأه "لاريبيج" وسرعان ماشارك فيه 'سيرجيبرن،' ذلك حينما كانا طالبين يقومان بتحضير رسالة الدكتوراه بجامعة "ستانفورد" بولايةكاليفورنيا0 فيسبوك (بالإنجليزية: Facebook) أشهر موقع للتواصل الاجتماعي، انطلق هذا الموقع للتواصل الاجتماعي داخل جامعة هارفارد0 هذه أمثلة للدور الذي يمكن للجامعات أن تلعبه في حضانة الإبداع ودعم المقاولة الصغرى0
فضلا عن النتائج المباشرة والمفيدة للاقتصاد الوطني و ذلك بخلق فرص شغل وتحقيق النجاح الاقتصادي والاجتماعي على النطاق المحلي والوطني سيكون لهذه البادرة أيضا تأثير ايجابي على الطالب بتعزيز ثقافة ريادة الأعمال وتوسيع القدرات التعليمية والخبرات القيادية 0وبذلك سيتمكن المغرب من ربح رهان التنمية في أفق سنة 2025، على الحكومة القيام بمجهودات لإدماج ريادة الأعمال في البرامج التعليمية والعمل على إحداث وكالة تنمية لدعم وتشجيع كل مبادرة لخلق المقاولات الصغرى من داخل الجامعات ومعاهد التكوين0