حذر سياسيون وفاعلون حقوقيون بإقليم تنغير من تطور نزاعات قبلية في المنطقة إلى "حرب أهلية" بعد أن لجأت أطراف متصارعة من قبائل آيت عيسى أوبراهيم من جهة وقبائل آيت علا وآيت محند من جهة أخرى إلى شن هجومات وهجومات مضادة ضد السكان من الطرفين، إذ تطور الأمر من مجرد صراع عاد على الأراضي السلالية إلى الانتقام، عبر تنظيم حواجز في الطرق والتنكيل بركاب سيارات أو حافلات تخضع إلى تفتيش دقيق بحثا عن ركاب ينتمون إلى هذه القبيلة أو تلك. وقال علي الموسوي، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية، في اتصال هاتفي أجرته معه "الصباح"، إن هذا الصراع القبلي تطور إلى ما لا تحمد عقباه، وتدخل السلطات محتشم وغير كاف، "ما نخشاه اليوم هو أن تنتقل العدوى إلى المناطق الأخرى، وأن تصبح في المنطقة حرب أهلية، لأننا بالفعل نرى بوادرها". وزاد الموسوي أن ممتلكات مواطنين خربت وكذا معدات جماعات، كما تضررت سيارات مهاجرين جاؤوا من أجل قضاء عطلتهم الصيفية إلا أنهم فوجئوا بالصراع بين قبائلهم يتأجج، "رأيناهم يجرون مواطنين بالحبال ويكسرون سيارات ويفتشون حافلات وسيارات أجرة إن كان فيها راكب ينتمي إلى قبائل عدوة، كما اعترضوا سبيل النساء، وحتى عابري الطريق الرئيسية ممن لا ينتمون أصلا إلى المنطقة، ومن يرفض الوقوف عند الحواجز التي ينصبونها تتعرض سيارته للضرب بالحجارة". وأوضح الموسوي أن الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية حذرت من أي تطور للأحداث التي تعرفها المنطقة إن لم تتدخل السلطات لوضع حد لهذا النزاع، مضيفا أن بعض المتضررين طرقوا باب العامل إلا أنه طالبهم بإحضار من اعتدى عليهم، "هذا رد اعتبرناه تهكميا، لأنه إذا كان المتضرر قادرا على اقتياد المعتدي عليه الذي يكون غالبا مسلحا، فلم سيلجأ أصلا إلى التشكي؟" يقول الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية، الذي أصدر بيانا يستنكر فيه ما يجري، ويدعو وزير الداخلية إلى التدخل العاجل لتوقيف ما وصفها بالمأساة وفتح تحقيق نزيه في النوازل الحاصلة لمعرفة الأسباب الحقيقية الواقفة وراء هذه الأحداث، وكذا حيثيات تعامل السلطات المسؤولة معها، وكيفية درئها والوقاية منها مستقبلا. وأضاف المسؤول الحزبي نفسه أن جميع الأحزاب اتخذت موقفا حياديا تجاه القبائل، "لكننا ننبذ العنف، لأنه إن كنا محايدين بالنسبة إلى الصراع حول الأراضي، فإننا نستنكر تحول هذا الصراع إلى انتقام ونهب وتخريب، والسلطات تتفرج على ما يجري". من جهة أخرى، أشار بيان الحزب نفسه إلى أن بعض الجماعات التابعة لإقليم تنغير تشتعل هذه الأيام بأحداث غير مسبوقة تقودها فرق مدججة بالأسلحة تحت مرأى ومسمع من السلطات المحلية والإقليمية، مؤكدا أن مواطنين اختطفوا وآخرون ضربوا وأضرمت النيران، وتعرضت عربات على الطرقات إلى توقيف إجباري واستنطاق المارة، كما تم الهجوم على مؤسسات عمومية وسلبت وخربت، وهي كلها، يقول البيان نفسه، أحداث روعت كل سكان المنطقة إلى درجة نزوح المواطنين عن بيوتهم، وإقامة فرق للحراسة والمراقبة من طرف بعض القبائل، مما ينبئ بفتن قبلية لا تبقي ولا تذر. ويجدر بالذكر أن رؤساء جماعات وجهوا شكايات في الموضوع إلى الوكيل العام للملك باستئنافية ورزازات وعامل إقليم تنغير يطالبون فيها بالتدخل العاجل لوضع حد لما تعرفه جماعاتهم من نهب وتخريب واعتداءات على المواطنين.