لم تخرج جموع غفيرة من الجزائريين للتعبير عن غضبها في الشوارع، من ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى عهدة رابعة ربما ليأسها احتمال أن يغير خروجها الشيء الكثير وأيضا ليقينها أن الأمن الجزائري قد أعد ما يكفي من القوة لقمعها، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال قبولها بما يحصل في واقع بلادها السياسي المثير للسخرية وبما يصفه طيف واسع من الشعب "مهزلة الانتخابات" التي يعتبرونها مجرد مسرحية أعدت بدقة للتمديد لبوتفليقة، ولإبقاء الوضع البائس في البلاد كما هو عليه لحقبة أخرى من الزمن. وقالت مصادر جزائرية متعددة إن "وكلاء" الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، يواجهون صعوبات جمة في مقابلة المواطنين الجزائريين خلال الحملة الانتخابية، لإطلاعهم على البرنامج الانتخابي للرئيس المريض والعاجز عن التنقل بنفسه الى داخل البلاد وشرح الموقف بنفسه. واستعصى على عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة، إكمال التجمع الشعبي الذي عقده قبل أيام في محافظة ورڤلة بالجنوب الجزائري. وعلت أصوات شباب غاضبين داخل قاعة الاجتماع لتغطي على صوت سلال. وكان المحتجون يرفعون شعارات مناوئة لوعود الحكومة فيما يخص ملف التشغيل في الجنوب. ورغم ان المقربين من بوتفليقة حاولوا إلصاق تهمة التعرض لتلك التجمعات بمرشحين آخرين إلا أن ظاهرة الاحتجاج تعممت ضد باقي وجوه الحملة الرئاسية لعبد العزيز بوتفليقة.
وبالإضافة إلى ما حصل له في محافظة ورڤلة، فقد رافق تجمع عبد المالك سلال في محافظة برج بوعريريج احتجاجات كبيرة من قبل غاضبين من العهدة الرابعة، مثلما ذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية. ويقول مراقبون إن تكرار الاحتجاجات في أكثر من محطة كشف عن سلوك جديد في التعبير عن الرفض. ويرى هؤلاء أن ما يصفونه ب"ميوعة" خطاب من تولوا الترويج لتجمعات بوتفليقة ومستوى ”التملق” في الترويج لضرورة استمرار الرئيس، انعكس سلبا على صورة بوتفليقة الغائب عن عقد تجمعات بنفسه. ونقل عن شهود عيان أن كلا من عبد العزيز بلخادم وعمار غول وعمارة بن يونس عانوا الأمرّين في اجتماعاتهم الشعبية بالمواطنين حيث غالبا ما وجدوا صعوبة في نهاية اجتماعاتهم للهروب من مطاردات جموع الغاضبين. ولم تقتصر مظاهر الغضب على منطقة دون غيرها، ولا ضد أحد السياسيين دون غيره. وبدأت مظاهر "ملاحقة" عدد من الوجوه التي تنشط حملة الرئيس بوتفليقة تتبين في أولى أيام الحملة الانتخابية يوم ال23 من مارس/آذار، لما واجه رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، ورئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول( وهما من المتحالفين مع بوتفليقة)، موجة من الغاضبين في مدينة سور الغزلان بمحافظة البويرة، وحديث عن مطاردة بالحجارة لموكبهما. ولاحقت احتجاجات الغضب بن يونس وغول إلى مدينة مرسيليا الفرنسية، بعدما سدت حولهما أبواب القاعة الاجتماع بالجالية الجزائرية في المدينة الفرنسية. ونقلت صور مسربة من الاجتماع ردود أفعال غاضبة ضد الرجلين كادت تتطور لاعتداءات جسدية، ونقل شهود أن بين الغاضبين من هو غير متحزب أصلا وبين متعاطف مع حركة "بركات" وعدد آخر من المعارضين. وقالت صحيفة "الخبر" إن إدارة حملة الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة لجأت إلى خيار توجيه "دعوات شخصية" بالنسبة للتجمعات التي ستعقد للجالية على التراب الفرنسي، بهدف تفادي دخول من هم "غير مرغوب فيهم". ولم يسلم عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لبوتفليقة، بدوره من تصرفات شبيهة من قبل جزائريين غاضبين، إما بسبب العهدة الرابعة وإما من حصيلة الرئيس المترشح على الصعيد الاجتماعي. وقال مصدر مطلع إنه جرى "تهريب" بلخادم من داخل أجواء غضب في محافظة الجلفة، وتكرر نفس الأمر مع بعض التجمعات التي عقدها عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (حزب بوتفليقة الحاكم في الجزائر). وقال مراقبون إن إدارة حملة بوتفليقة لبعض ممارسات "التحايل" لتفادي حضور غاضبين محتملين حيث أقدمت خلال لقاء لها مع عدد من الأطباء على استدعائهم بناء على دعوة تقول إنهم سيلتقون مع وزير الصحة الجزائري لتدارس مشاكل القطاع، لكن الحاضرين تفاجؤوا بدخول عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة الذي قدم عرضا أمامهم حول مشروع الرئيس لقطاع الصحة في الخماسي المقبل.