الجزء الثالث: بين العاطفة والقانون: تتقاطع هذه المفاسد: العنوسة، انتشار الزنا، إلقاء جثث الأجنة في المزابل، كثرة اللقطاء... تتقاطع مع جزئية كنا قد بدأنا بها: تهديد الجنس البشري، من حيث الوجود، في الصميم عبر الحد من النسل. جانب اجتماعي آخر لانعكاس عمل المرأة: تفشي الطلاق. فالمرأة تشتغل في إطار الندية، ومع ازدياد تغول الحقوق الممنوحة لها، وتقليدها المطابق لنظم الحياة الغربية، وعدم إمكانية قبول عدد كبير من الرجال لهذا الوضع، كثيرا ما يقاوِم بيت الزوجية أسابيع فقط، ثم يؤول للانهيار. جانب آخر: التشتت الأسري وتغريب المجتمع والفتنة المتمكنة من أفراده. فالزوجان عاملان لا يلتقيان إلا نادرا، وكأنهما شركاء في مقاولة، يسيطر عليهما التوتر، لا يمنحان الأبناء من الحنان والرعاية إلا ما سقط سهوا. ثم هات مشاكل الخادمة: شك واضطهاد من طرف الزوجة، استغلال من طرف الزوج، انتقام وتسلق من طرف الخادمة. إن أحدهم قال، على سبيل المزحة والتنكيت، أن امرأة وصفت ابنها بالعاق، فرد عليها أنه يمكن أن يكون عاقا، ولكن لن يكون بحال عاقا لأمه، ربما للممرضة أو الخادمة أو الحاضنة أو الرضاعة... فقد ولدته بعملية قيصرية اختيارا، وأرضعته حليب بقرة مصنوع في لوكسمبورغ فأصبح أخا لعجل هولندي من الرضاعة، وأسكتته ب"سكاتة" مطاطية كاذبة حتى أصيب بمرض "النبص" لازمه حتى الشباب، حيث كلما وجد شيئا وضعه في فمه، ولفته في خرقة، الله يعلم ما بحشوتها، وأحضرت خادمة غريبة تبادله الحنان البلاستيكي والرعاية المتكلفة لا تدري كيف تعامله(الخادمة) أثناء غيابها("الأم")، وأرسلته إلى حضانة لا تدري أمع الكلاب يقضي يومه أم مع القطط؟!... والدة/أُم!.. منتهى الأمومة!!... أعود إلى نظرية المؤامرة لأجمل أن الهدف ألا يقع الزواج، وإذا حصل ووقع ألا يتم الإنجاب. وأسباب هذا ودواعيه ونتائجه قد أفضت فيه، أما وسائل تحقيقه فقد تحدثت عن "تحرير" المرأة من أي قيد في الخروج أو الحركية أو العمل، وبقي أن أشير إلى آليات تنفيذ ذلك(الوصول إلى هذا "التحرير"). لقد تم استغلال جانب الاستلاب والتأثر في بُعد المرأة العاطفي أحسن استغلال بواسطة تصدير النموذج المثالي، سواء بواسطة وسائل الإعلام والترفيه، أو بواسطة الحضور الميداني عبر السياحة الشكلية المدعومة.. وعند تحقق الإثارة والتأثر، يأتي دور أخطبوط جمعيات "المجتمع المدني" المسخرة لتقوم بدور تعميق المفاهيم وترسيخ المكتسبات عن طريق عقد الشراكات، وتبادل الزيارات والتكوينات، وإرسال البعثات... لنجد أنفسنا محاصرين بهذه الجمعيات من الخارج، وقد فرخت لوبيات في الداخل مغرضة قوية ضاغطة وأكثر إلحاحا وصبرا لارتباطها بجهات دولية عليا، تمارس قوة ضغط بالترهيب والترغيب/التمويل، من أجل سن ترسانة من القوانين(على سبيل المثال قانون التحرش(تماما كما الحال بالنسبة لأخيه الأكبر: "قانون الإرهاب" لتصفية المعارضة السياسية) الذي يمكن أن يستغل في أية ظروف لتصفية الحسابات مع الخصوم، وخاصة المسؤولين الإداريين..)، ترسانة من القوانين تغول المرأة وتسيدها وتجعلها مستفيدة من الوضع في كل أحوالها: زوجة، طليقة، موظفة... وتجعل الرجل، بالمقابل، تحت رحمة تقلبات مزاجاتها، وما أكثرها. بالله عليكم نوروني: كيف يفسَّر صرف الأموال الطائلة من طرف جمعيات أوربية وأمريكية وكندية لدعم تعليم متمدرسين يعدون على رؤوس الأصابع في "قرون الجبال"، وعشرات آلاف الأطفال محرومون منه في قلب المدن والمناطق المأهولة، وما ولج منهم المدرسة يعيش اكتظاظا يناهز ستين تلميذا في القسم الواحد؟!. كيف يفسَّر صرف الأموال من طرف نفس الهيآت أو مثيلاتها على منتديات التربية الجنسية والوقاية من الأمراض التناسلية، في مراكز صحية تفتقر إلى الأدوية اليومية الأساسية بقدر ما تفتقر إلى الأطقم الطبية العامة، بقدر ما تفتقر إلى التجهيزات الأساسية البدائية. الأحمق-الأعمى-الأصم(في نفس الوقت) يستنتج ويفهم! عُقدت شراكة بين مؤسسة كندية ومؤسسة عمومية مغربية في ميدان من الميادين، وعند الاجتماع الأول لتفعيل بنود الشراكة لاحظ وصي الطرف الكندي غياب النساء فنهر الجميع: أين النساء؟ وفي الاجتماع المقبل، أحضرت له باقة منهن "معصرنات" مجملات، فهدأ روعه واستكان. في اجتماع آخر لنفس المؤسسة(المغربية) كانت مدعوة له شخصيات مركزية، استدعيت موظفات المؤسسة، ومنهن أطر عليا، بلباسهن التقليدي ليزين ممر المدعوين!!.. من جهة أخرى، وفي مجال الترسانة القانونية التفضيلية، على سبيل الذكر لا الحصر، المطلَّق يخرج مما رُزق شعرةً من عجين ويؤدي أموالا طائلة لا طاقة له بها لقاء "المتعة"، ولا أدري، والله، أين هي هذه المتعة. في سياق متصل، وفي إطار "التمييز الإيجابي"(مراكز البحوث دائما)، في الحركة الانتقالية لنساء التعليم مثلا الالتحاق بالزوج فوق كل اعتبار ويساوي 16 سنة من الأقدمية في المنصب، وللعازبة 10 نقاط وللأرملة 8 نقاط وللمطلقة 8 نقاط مع امتياز دون قيد أو شرط بخلاف الأرمل والمطلق... ويجب ألا ننسى: إما أن تعمل المرأة حسب هواها أو تستخدم سلاح التحرش.. ولا ندري حقيقة معنى هذا التحرش، ومن يتحرش، بالتالي، بالآخر؟!.. "التمييز الإيجابي" يكون أكثر جلاء عند التحدث عن الكوطا، المنافي الوجودي للديمقراطية والاستحقاق والكفاءة، الذي يضمن للمرأة نصيبا مفروضا، ويجعلها تنافس في النصيب الباقي!!.. إن مردودية عمل المرأة يكفي شاهدا عليها تدن مستوى الخدمات في مختلف المرافق التي يكثر فيه ذلك العنصر. ولعل التعليم والصحة لهما الريادة والسبق. إن المرأة لا تتبنى العمل الذي تؤديه كي تطوره وتجتهد فيه أو تبدع. بل لا تحل أدني مشكلة طارئة خارجة عن نطاق الروتين الآلي في حدوده الدنيا. إنها في أحسن الأحوال مياومة. فهي لا ترى في العمل إلا فرصة للهروب من المنزل وملاقاة "الأصحاب" وتقمص دور غربي عصري يكون فيه اتباع الموضة أقدس عندها من اتباع الشرع، واستلام الأجرة نهاية الشهر من أجل الاستقلال المادي. إن أحسن أوقات العمل عندها هو وقت الخروج، لمن تحترمه، وأحسن أيامه أيام العطل و"الإضرابات". ولا تناقض هنا مع الهروب من المنزل لأن الهروب يكون قد تحقق وتحقق هدفه إبان أوقات العمل أيام العمل. إن المرأة تغلب عليها الأنانية والعجب والغرور وعدم التسامح، وقد تلاحظ ذلك عند التسوق ومدى تسامحك أنت في ثمن البضاعة وفي جودتها، ومدى تشددها هي فيهما معا: تريد بضاعة خالية من العيوب بأرخص ثمن. أو انظر إلى عبور الطريق: تعبر من أي مكان، وفي أي زمان، وبمشية الخيلاء، وكأنها تعرض الأزياء! في حين أنك تتأنى وتنتظر وقوف السيارات، وعند العبور تحث الخطى. أما إذا كانت سائقة فلا يمكن أن يضاهيها في السبق واجتزاء حقوق الغير إلا سائق الطاكسي. وهذه الصفات يكون ضررها أكبر بقدر تواجد الموصوف في الشارع والعمل، لذا، ولتفادي هذه الطباع الحادة وتأثيراتها، تم تقنين حركاتهن للتقليل منها وتجنيب المجتمع تأثيراتها(من خلق هذه الطباع وهو أعلم بها، هو من شرع الضوابط). لا يمكن الفصل بين خروج المرأة للعمل بشكله المطلق الحالي، والفساد المنتشر المتحدث عنه، لأنهما يكونان حزمة أو رزمة واحدة، وضعا في صفقة واحدة وسياق واحد من طرف مدبريه، فهما يجتمعان معا أو يرتفعان، وكل كلام عن الفصل المزعوم هو مجرد هراء وهدر نظري للاستهلاك المحلي، وما على من يرى العكس إلا أن يتواجد أمام الإعداديات والثانويات والكليات والمعامل، وخصوصا الفراغات و"المخابئ" المجاورة لهذه المؤسسات ليرى، وعلى مدار الساعة، وضعيات لا ترى إلا في الأفلام أو غرف النوم الواقعية.