يعتبر المغرب وأنغولا دولتين إفريقيتين استراتيجيتين تربطهما علاقات ود وصداقة منذ أمد بعيد ، كما تحذوهما إرادة قوية من أجل المضي قدما نحو إعطاء التعاون الثنائي توجها جديدا من شأنه أن يساعد ، إلى حد كبير، على تأسيس محور رئيسي للتعاون بين شمال و جنوب إفريقيا وبالتالي إعطاء مضمون ملموس للتعاون جنوب- جنوب. وقد تم تجسيد هذا التوجه ، رغم عقبة البعد الجغرافي بين البلدين ، من خلال عقد الدورة الثانية للجنة المشتركة للتعاون المغربية الانغولية في لواندا في نونبر الماضي، وهو الحدث الرئيسي في العلاقات بين الرباط ولواندا في عام 2013. وخلال هذا الاجتماع الهام، الذي تأسست عليه آمال كبيرة، شدد الوفدان المغربي برئاسة وزير السياحة ، السيد لحسن حداد ، والانغولي الذي قاده وزير الإسكان ، خوسيه أنطونيو دا كونسيساو إي سيلفا على ضرورة بذل كل الجهد الممكن لجعل التعاون الثنائي فعالا في جميع المجالات والقطاعات ، خاصة تلك التي يمكن أن تشكل مجالا للتكامل بين البلدين. وبالإضافة إلى ذلك، التقى السيد حداد مع وزير الخارجية الأنغولي جورج ريبيلو بينتو شيكوتي ، حيث تناولا القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي و الدولي. وأعرب المسؤولان عن مشاعر التقدير و الاحترام المتبادل التي تميز العلاقة بين قائدي البلدين ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس خوسيه ادواردو دوس سانتوس. وإذا كان واقع التبادل التجاري الثنائي دون إلامكانيات الحقيقية لاقتصاديات البلدين ، فإن هذا الامر شكل ، مع ذلك، حافزا للطرفين المغربي والانغولي من أجل العمل على مضاعفة الجهود و استغلال الفرص في سبيل إقامة شراكة اقتصادية مفيدة للطرفين ، خاصة في ظل التقارب والتفاهم الذي أصبح خلال السنوات الاخيرة يميز العلاقات بين رجال الأعمال في أنغولا والمغرب. وتحقيقا لهذه الغاية ، قدم الطرف المغربي أمام نظيره الأنغولي مشروع اتفاقية للتجارة التفضيلية ، كما اتفق الوفدان على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتعزيز التجارة الثنائية وإقامة شراكة نوعية بين البلدين. وفي هذا السياق ، قرر الطرفان البدء في مفاوضات بشأن مشروع اتفاقية لتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات خلال الربع الأول من سنة 2014. كما تم توقيع برنامج عمل بين الطرفين يشمل قطاعات الزراعة و تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك البحرية والبيئة ومكافحة التصحر ، والصناعة، وقطاع السياحة . كما تم استعراض مختلف أوجه التعاون في قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيا المعلومات والمعدات و النقل والكهرباء والطاقات المتجددة ومجالات أخرى لاستكشاف مواطن القوة والضعف فيها وما يمكن عمله من أجل الارتقاء بها. وناقش الطرفان أيضا المجالات المتعلقة بالماء الشروب والصرف الصحي والمعادن ، فضلا عن التعاون في مجال الشؤون الداخلية واللامركزية، والعدالة ،والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وتعزيز وضع المرأة والإسكان و التنمية الحضرية والتعليم العالي و التربية الوطنية ، والاتصال والإعلام. وقد أكد الطرفان على أهمية النتائج التي تمخضت عن هذه الاجتماعات، مما جعلهما يقرران إقامة لجنة مشتركة لمتابعة نتائج الأشغال ، ستعقد اجتماعها الأول في 2014 بلواندا. ومن الجلي ، الآن ، أن العلاقات بين الرباط ولواندا أخذت أبعادا جديدة بفضل الإرادة المعلنة من الجانبين لتجاوز القضايا العالقة والمضي قدما نحو جعل العلاقات بين البلدين مثالا ونموذجا للتعاون جنوب الجنوب، وبإمكانها مواجهة التحديات الكبرى و تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.