واصلت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، مساء اليوم الأربعاء، مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2014 بطرح فريقي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والفريق الاشتراكي لثلاث مداخلات، ركزت في مجملها على الحاجة إلى إصلاحات شمولية وتدابير اقتصادية ناجعة لمعالجة الإشكالات التنموية المطروحة. وهكذا اعتبر رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي، أن مشروع قانون المالية لسنة 2014، وإن كانت الحكومة قد احترمت الآجال الدستورية لوضعه في ظرفية اقتصادية صعبة، فإنه لا يستجيب لانتظارات مختلف الفاعلين الاقتصاديين، بسبب عدم تضمنه لمعطيات واقتراحات مرقمة، تهم مختلف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، مبرزا أن هذه الوثيقة يتعين أن تعيد ترتيب الأولويات المطروحة في مختلف القطاعات، بناء على دراسات معمقة ودقيقة من أجل تعزيز أوراش التنمية وتنفيذ مختلف الإصلاحات الاقتصادية والتحكم في عجز الميزانية والحفاظ على القرار السيادي للمغرب أمام الوكالات الدولية. وبعدما عبر عن انخراط حزب التجمع الوطني للأحرار في الأغلبية حتى نهاية الولاية الحكومية الحالية، شدد الطالبي العلمي على تشبث الحزب بمواقفه التي قال إنها "مبدئية وواضحة، ولا تتغير بتغير المواقع". وفي هذا الصدد، دعا إلى تضمين مشروع قانون المالية معطيات واقتراحات مرقمة كفيلة بالاستجابة لتطلعات مختلف الفرقاء والفاعلين الاقتصاديين، وتحديد الأولويات الاقتصادية حسب درجة أهميتها، وعدم تأجيل الإصلاحات القطاعية الهامة، بهدف التحكم في عجز الميزانية والتضخم، والرفع من وتيرة الاستثمار العمومي، وإعطاء أهمية قصوى للقطاعات الاجتماعية للاستجابة للانتظارات المتزايدة للمواطنين. من جهته، انتقد عبد اللطيف وهبي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، افتقاد مشروع القانون المالي لسنة 2014 لÜ"نموذج اقتصادي وتنموي فعال" مؤطر بإجراءات وتدابير "واقعية"، معتبرا أن ما يتضمنه المشروع من إجراءات "لا يمكن بأي حال أن تسهم في تعزيز الدورة الاقتصادية وتنمية القطاعات الاجتماعية (سكن، صحة، تعليم، نقل)". وبعدما وصف هذه الإجراءات بÜ"البعيدة كل البعد عن انتظارات المواطن"، انتقد وهبي غياب تصور ومنهجية عامة تؤطر المشروع، بسبب إغفاله وعدم انكبابه على تنفيذ الإصلاحات الموعود بها، سواء تعلق الأمر بصندوق المقاصة، أو العدالة الضريبية، أو تفعيل القوانين التنظيمية. أما عبد العالي دومو عن الفريق الاشتراكي، فانتقد بدوره افتقاد مشروع قانون المالية لسياسة اقتصادية "إرادوية" لمعالجة الإشكالات التنموية المتزايدة، مشيرا إلى أن المشروع في حد ذاته، "انتقائي" ويفتقد لمرجعية "مذهبية اقتصادية واضحة، لأنه ليس بقانون تقشف لمواجهة الظرفية الاقتصادية الصعبة، لأن نفقات التسيير لم يتم تخفيضها (ارتفاع كتلة الأجور ب6 في المئة) وليس بقانون إقلاع اقتصادي بسبب خفض ميزانية الاستثمار العمومي". وفي هذا السياق، اعتبر دومو أن المشروع يكرس "منهجية الاستمرارية غير المنتجة"، ويغفل مبدأ "التحفيز والتقويم الاقتصادي"، كما أنه يفتقد لسياسة نقدية لتشجيع الاقتصاد بسبب احتوائه على خليط من الإجراءات الاقتصادية غير الواضحة والمبنية على قراءة غير دقيقة لنمط التنمية الذي نستسيغه". ورأى أن المشروع يرتكز على برنامج حكومي أعد خارج أي إستراتيجية للإصلاح، متضمنا أهدافا غير واضحة، معتبرا أن الكلفة المالية والاقتصادية لتأخير الإصلاحات، ستكون "باهظة وستسهم في تعطيل عجلة التنمية". وكانت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب قد استهلت اجتماعاتها صباح اليوم بمداخلتين لفريقي العدالة والتنمية والاستقلالي للوحدة والتعادلية بسط من خلالهما كل فريق رؤيته وتصوره لهذا المشروع والتي توزعت بين فريق أول وصف المضمون "بالتنموي ويذهب نحو الاصلاحات الكبرى" وبين فريق ثان اعتبره "تقشفيا وإداريا ويفتقر للمسة السياسية".