أكد الحبيب المالكي أن مناقشة مشروع قانون المالية هو لحظة دستورية متميزة وتشكل فرصة للاختبار في كل ما له علاقة بالسياسة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وقدرتها على الإنصات الى المعارضة من خلال التنصيص على حوار جدي يتلاءم ومفهوم المعارضة في الدستور. وقال المالكي في اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق الإشتراكي حول مشروع قانون المالية برسم 2013 يوم الأربعاء 31/10/2012 بمقر البرلمان, أن الحكومة لا تستشير أحدا و تستمر في نهج أسلوب الانفراد لتدبير كل الملفات, وهذا ما يفسر امتعاض وردود فعل سلبية من كل الشركاء المعنيين بتجديد قانون المالية. وأضاف المالكي أنه من خلال قراءة متأنية لمشروع قانون المالية, أنه ليس هناك خيط ناظم يجعل المشروع واضحا في رؤيته في المجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي ، ورؤية الحكومة للخمس سنوات المقبلة. وكشف المالكي في قراءته غياب الانسجام في مكونات الأغلبية مما يعكس التضارب في الوثيقة نفسها موضوع النقاش، واعتبر المالكي مشروع قانون المالية مجرد» بريكولاج» لجمع الشتات.إضافة إلى أنه مشروع يفتقد الجرأة والإرادة السياسية لمواصلة الإصلاحات، وأن هذا المنحى القلق الذي تسير فيه الحكومة والمتوج بمشروع قانون للمالية والذي تشوبه العديد من الإختلالات، يطرح سؤالا كبيرا حول طبيعة التناوب السياسي, فإذا كان هذا الأخير لا يغير شيئا على مستوى التوجهات والاختيارات ومنهجية العمل فما الفائدة منه .وأكد المالكي أن الحياة السياسية ترتكز على معادلة تربط بين التناوب السياسي والعمل على إرساء توجهات وقواعد واختيارات وسياسات جديدة، وأن هذه الأمور غير واردة في التناوب الحالي الذي لا نعرف بالضبط ما هي طبيعته، وضمن أي أفق يمكن وضع هذه التجربة التي يقودها حزب أغلبي له مرجعية دينية. وأشار المالكي أن هذه الإختلالات هي التي تفسر التعثر الحاصل في كل ما له علاقة بتطبيق الدستور الجديد، مما يؤشر على أن الواقع الحاصل هو التملص من المسؤولية وغياب الرغبة والإرادة للإعمال بدستور 2011 على مستوى القوانين . وأكد المالكي أن مشروع قانون المالية الجديد لا يتضمن أي إصلاح للملفات الكبرى والتي هي موضع اهتمام الرأي العام، وأعطى مثالا بإصلاح النظام الضريبي وصندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، مبينا أن الحكومة لا تعطي أهمية للعامل الزمني، علما أن الزمن جوهري في عملية الإصلاح بصفة عامة.وأكد الحبيب المالكي أن 2012 كانت سنة شبه بيضاء ، وفي غياب الإصلاح ستكون سنة 2013 تكرارا لها، مما يفسر أن مشروع المالية بدون أفق ويلتجئ لحلول سهلة تتعامل مع الضريبة بمنطق رقمي يفتقد الرؤية لإصلاح عميق.إضافة إلى أن هذه الميزانية غير واقعية لأنه من الصعب أن نصل الى المعدل المشار اليه 4،5 لأن شريكنا الذي هو الإتحاد الأوروبي يعيش أزمة خانقة جدا، والمضاعفات السلبية ستحد من حركية التنمية في بلدنا، وبالنسبة للعجز الذي تحدد في 4،8 ينطبق عليه نفس الشيء. وأكد المالكي أن قانون المالية لا يقدم مبادرات جريئة فيما يخص التشغيل, خصوصا لدى شبابنا الحامل لشهادات عليا، زد على ذلك غياب الإشارة الى كل ما له علاقة بتنافسية الاقتصاد الوطني، كما غياب الإشارة الى الاقتصاد المهيكل رغم وزنه داخل الاقتصاد الوطني وقدرته على خلق مناصب شغل بطرق متعددة، لكن لا يمكن تدبير ذلك في غياب إجراء جديد أو حتى استمرارية في الإجراءات التي اتخذت في السابق في إدماج الاقتصاد غير المهيكل. وختم المالكي أن هذا المشروع لا يحمل أي جديد وهو عاجز عن مواجهة الأزمة الحالية في جميع المجالات الاقتصادية والمالية و الإجتماعية ، بل الأكثر من ذلك- يضيف المالكي- هناك لجوء الى ما يسمى بالطريق الثالث وإذا كانت هذه الميزانية هي ميزانية الطريق الثالث فإننا نعتبر هذا الطرق طريق شارد لأنه لا يستجيب لمتطلبات الظرفية الحالية انطلاقا من توجهات الحكومة. وأ كد المالكي أن هذا المصطلح الذي يوظفه الحزب الأغلبي أي « الطريق الثالث» لا بد أن نعي اتجاهه كفريق إشتراكي بعده الإيديولوجي والسياسي ، فهو تغليف للسياسة الليبرالية التي لازالت لم تأخذ طريقها الصحيح، وهذا المصطلح لا علاقة له بواقعنا بصفة عامة وهو هروب إلى الأمام ولذلك نعتبر بأن ميزانية الطريق الثالث هي ميزانية الطريق الشارد. وفي مداخلته أكد عبد العالي دومو أن مشروع قانون المالية يندرج في سياق الاستمرارية الساذجة للسياسات القطاعية حيث لا يوجد أي تقييم وتقويم لهذه الأخيرة مما يؤجل جيل جديد من الإصلاحات التي تفرضها مرحلة النمو في بلادنا, سواء على مستوى القطاعات أو على مستوى المالية العمومية, إضافة إلى أن هذا مشروع يخضع لمنهجية انتقائية هاجسها توفير الموارد المالية بدون مراعاة للمنطق الاقتصادي والمالي الذي يتحكم في الإصلاحات الاقتصادية والمالية. وذكر عبد العالي دومو في هذا الاتجاه بالمزايا التي تحكمت في رؤية تدبير المالية العمومية ما بين 1998 و2011، والتي ارتكزت على تحسين المداخيل وتوسيع الوعاء الضريبي وتخفيض الضغط والرفع من المردودية، حيث مكنت هذه الإصلاحات التي جاءت مع حكومة التناوب من تحسين تنافسية المقاولة ورفع القدرة الشرائية للمواطنين وتمويل سياسات استثمارية، مكنت بدورها من تحسين البنيات الأساسية وكذلك الخدمات العمومية. وذكر عبد العالي دومو بالمؤشرات المكرو-اقتصادية التي انعكست عن مزايا هذه الرؤيا، مدللا ذلك بالأوراش الكبرى التي فتحت واستكملت في قطاعات مختلفة أو التي مازالت تحتاج إلى استكمالها، متسائلا في كلمته التي ألقاها في اليوم الدراسي الذي كان الفريق الاشتراكي سباقا إلى تنظيمه عن ما قامت به هذه الحكومة الآن, خصوصا وأن انتظارات المغاربة اليوم وقبل أي وقت مضى تطرح بإلحاح بعد حراك سياسي عرفته البلاد وأعطى صلاحيات كبرى للحكومة من أجل الإصلاح. إلا أن قانون المالية جاء مخيبا للآمال فهو قانون ،يضيف -عبد العالي دومو- يغيب فيه التصور الاقتصادي والمالي المنسجم وتتضارب فيه التصورات ناهيك أنه لأول مرة منذ 1998 وحتى 2011 نلاحظ محاولة للرفع من الضغط الضريبي في نفس الوقت على المقاولة وعلى الأسر. ومن جانبه وقف محمد رضى الشامي عند الضريبة كآلية لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية, مستعرضا مجموعة من التجاوزات والاختلالات التي تبرز أن هذا المشروع لم يصل بعد إلى تحقيق الإصلاح المالي الذي طالما طالب به الفرقاء الاجتماعيون والاقتصاديون ولا تبدو فيه أية ملامح للإصلاح الضريبي، بل هو مجرد إجراءات مبسطة وتبسيطية وسهلة غير أن انعكاساتها على التنمية وعلى الاقتصاد الوطني ستكون قوية, لكن في الاتجاه السلبي. ذلك أن المالية العمومية تشكو من ضعف الموارد البشرية المنوط بها المراقبة الضريبية كما أن 2% فقط من الاشتراكات تؤدي ما يصل إلى 80% من الضرائب المفروضة عليها، لذلك فإن كل إصلاح للنظام الضريبي في أفق تحقيق العدالة الضريبية ومن خلالها العدالة الاجتماعية -يقول الشامي- يفرض حتما التعامل مع ذلك بنظرة شمولية تستحضر كل الأبعاد المرتبطة بالتنمية وتقوية الاقتصاد الوطني وحسن توزيع الثروات، وبلغة أخرى فإن ما يجب القيام به هو توسيع الوعاء الضريبي دون الرفع من نسبة الضغط على الملزمين، كما يمكن -يضيف الشامي- القيام بإحصاء وحصر وضبط المواد الضريبية والملزمين وفق خريطة شمولية قادرة على تحقيق الشفافية والنزاهة والمنافسة الحقيقية. وبدوره أكد عبد العزيز العبودي أن النموذج الحالي لمشروع قانون المالية هو نموذج مبني على الطلب الداخلي والاستثمار العمومي. ولكي يكون قانون المالية لسنة 2013 ذو بعد استراتيجي ويستجيب للتنمية المستدامة, لابد من إصلاح بنية الدولة وتنظيمها جهويا, الشيء الذي يمكن أن يفتح آفاقا مهمة للإقلاع الاقتصادي و النجاعة في تدبير المالية العمومية وتنفيذ السياسات الحكومية مع إصلاح المنظومة الضريبية وكذلك إصلاح القانون التنظيمي المالي انسجاما مع خطاب 9 مارس لملك البلاد ودستور فاتح يوليوز من أجل وضع أسس وعلاقة أكثر توازنا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في أفق تمكين البرلمان من مراقبة المال العام مما فيه خير لهذا الوطن. وكان رئيس الفريق أحمد الزيدي قد افتتح هذا اليوم الدراسي بالقول أن مشورع قانون المالية 2013يجسد بالملموس عجز الحكومة عن فتح ملف الإصلاحات الأساسية التي تعتبر ضرورية وفق منطق تراكم الاصلاحات . وأشار إلى أن إمعان الحكومة في تأجيل إصلاح صندوق المقاصة والنظام الضريبي تعتبر عناوين أساسية لهذا العجز, خاصة وان ملفات أساسية في هذا المنحى قد تتحول الى معضلات بنيوية وبالتالي الى محور اصطدام بين الدولة والمجتمع. المعارضة توجه انتقادات لاذعة لقانون المالية 2013 سعيد شبعتو يدعو الحكومة الى التحلي بالشجاعة في قول الحقيقة للمغاربة,ويقدم لبنكيران مقترحات لإنقاذ المغرب من السكتة القلبية انطلق سعيد شبعتو باسم الفريق الاشتراكي في الجلسة السياسية الأولى لمناقشة قانون المالية, بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية أول أمس، من الخاصيات التي أعلنتها الحكومة في برنامجها الحكومي لقراءة مشروع قانون المالية2013، ليكشف في عرض تدخله العديد من التناقضات والمفارقات التي تؤشر عن خلل واضح قدمه المتحدث باسم الفريق الاشتراكي بالجمل والأرقام التي تبين الاختلالات الكثيرة في سير العمل الحكومي من جهة وفي ضبابية أفقه في السنوات المقبلة. وقال شبعتو أن ما جاء في بداية مسلسل التصريحات وفي البرنامج الحكومي نفسه من كون الحكومة الحالية حكومة سياسية لا ينعكس في التحضير لمشروع قانون المالية، حيت توجهت الحكومة في هذا الجانب الى التحضير على مستوى الميزانيات القطاعية من أجل وضع ميزانيات أفقية مندمجة، بينما الأفيد في العمل السياسي -يضيف شبعتو- هو البداية بالانطلاقة السياسية باعتبارها المحدد للتوجهات الكبرى سياسيا ، ومطالبة بعد ذلك الفريق التقنو- سياسي لوضع ميزانية أفقية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار التعادلية المجالية والتعادلية بين الفئات والتعادلية بين الأجيال الحالية و المستقبلية، مما يؤشر على أن هذه الحكومة ليست سياسية. وأضاف سعيد شبعتو الذي كان يتحدث باسم الفريق الإشتراكي بلجنة المالية والتنمية الإقتصادية بحضور وزير المالية والوزير المنتدب لدى وزير الإقتصاد والمالية المكلف بالميزانية, أنه كان من المفيد أن تكون هذه الحكومة سياسية و ديمقراطية، وأن تبدأ هذه الديمقراطية من البرلمان بإشراك المعارضة، وأشار شبعتو في هذا الاتجاه الى الخطاب الملكي الأخير, مؤكدا أن الحكومة ليست لها أية نية في إشراك المعارضة وأنها تكتفي فقط بالعمل بمنطق الإخبار وليس منطق التحضير. وانتقل شبعتو للحديث عن عدم انسجام الحكومة دون التقليل من كفاءة بعض عناصرها التي تضيع وسط التركيبة المتضاربة لجسم الحكومة، وقال إن حديث نزار البركة عن «ميثاق الأغلبية» في عرضه يعتبر انسجاما من نوع آخر، وأضاف : «إذا كان لنا مخطط للإصلاحات وتخطيط تشريعي فيجب أن ينعكس ذلك بالملموس في مشروع قانون المالية» وأعطى شبعتو أمثلة حية على هذا الخلل الكامن في المشروع: قائلا :» إذا كانت الانتخابات في 2013، فإن الأمر يستدعي موارد مالية للوحدات الترابية، وإذا لم يتم ذلك, فإننا سننتظر 2014، الشيء الذي يتطلب بدوره تهيء الميزانية مما يعني الانتظار الى حدود يوليوز من نفس السنة. ولهذا فترك وحدات ترابية بدون موارد يعتبر أمرا غير معقول وينطبق الأمر نفسه على مسألة ترسيم الأمازيغية». وأكد شبعتو أن الفريق الاشتراكي سيطالب بمناقشة قانونين، الأول متعلق بالجهوية والقانون التنظيمي للمالية , إضافة الى ميثاق اللاتركيز،وأن إعطاء الاختصاصات للجهات دون الموارد المالية والبشرية سيشكل خللا كبيرا أمام غياب الوسائل، الشيء الذي يدعو الى التساؤل عن كيفية وضع هذه الموارد في الميزانية العامة.وانتقد شبعتو إشارة فريق العدالة التنمية على لسان عبد الله بوانو في قوله أن المغرب إزاء تحول كبير، مذكرا أنه فعلا هناك تحول كبير, لكن بين المجتمع وخطاب 9 مارس الى حدود التصويت على دستور فاتح يوليوز، ولكن المغاربة لم يجدوا هذا التحول في الممارسة الحكومية وهذه هي المفارقة التي ينبغي الوقوف عندها.مؤكدا ان التحول الذي وقع بالفعل هو التحول الذي شهدته حكومة التناوب. وقدم شبعتو مقارنة باللأرقام والتفاصيل، مشيرا إلى أن حكومة التناوب جاء على رأسها حزب تاريخي له رصيد نضالي قدمه خدمة لإنقاذ الوطن من السكتة القلبية.فسنة 1999-يقول شبعتو- كانت أسوأ سنة فلاحية في تاريخ المغرب ورغم ذلك سددت حكومة عبد الرحمان اليوسفي5،5 مليار درهم لبنك المغرب والتي كانت تسبيقا في حكومة الفيلالي.كما ساهمت حكومة التناوب في إعادة هيكلة صندوق التقاعد ب11مليار الدرهم، وقلصت من الديون الخارجية والداخلية ,مذكرا بالبرنامج الذي وضعته حكومة التناوب لمواجهة آثار الجفاف والذي كلفاها 7،5 مليار الدرهم. وتحدث شبعتو عن النمو المرتقب الذي جاء في مشروع قانون المالية والمعادل ل 5،4.قائلا» إذا كانت السنة الفلاحية متوسطة فسوف نحقق 5،2 والقطاعات الفلاحية ستحقق 2 في المائة، في حين أن حكومة التناوب الى حكومة الفاسي 2007 حققت القطاعات الفلاحية 6 في المائة» من هذا المنطلق تساءل شبعتو عن رقم 7 في المائة الذي جاءت به الحكومة، ومتى كانت هذه الزيادة في النمو, مضيفا أن الأزمة بدأت تلقي بظلالها في 2011 نوفمبر.وهل الرقم وضع في غفلة من الخبراء أم أنه وضع قصدا خدمة لأغراض أخرى.لأن رقم 7 في المائة لا يمكن أن نخطئ فيه في سنة كسنة 2011، في حين كان بالإمكان أن يغفر الخطأ في سنة 2010 أو 2009. وقال شبعتو أن مفهوم النمو والتضامن الذي جاء به المشروع لا يمكن تحقيقه إلا بإصلاح صندوق المقاصة، وكان بإمكان المصادقة على قانون الضريبة على الثروة أن تكون له فعالية مالية أكثر من الضريبة على الفئات المتوسطة، وهنا تكمن الشجاعة السياسية. وحول خاصية مفهوم حكومة ليبرالية اجتماعية انطلق شبعتو من قطاع الفلاحة وتساءل هل من حق المغاربة المنتجين للقمح أن يصدروا منتوجهم، مجيبا بالنفي لأن هناك حيفا كبيرا يمارس على الفلاح الصغير وكان على الميزانية الحالية أن تراعي هذا الجانب بتقليص عجز ميزان الأداءات والزيادة في دخل الفلاح الصغير.متسائلا من جديد عن الشعارات المرفوعة من طرف الحكومة حول إنصاف المواطن البسيط. وقال سعيد شبعتو إذا قالت الحكومة أنها تشتغل للأجيال المقبلة, فكان على مشروع القانون وميزانيته أن يأخذ في عين الاعتبار متطلبات هذه الأجيال وتفادي إثقالها بالديون, لأن ذلك من شأنه أن يرفع مفهوم الميزانية السياسية والمالية لتصبح ميزانية للسيولة من أجل حل المشاكل الظرفية وإذا لم تكن الحكومة تعمل بشجاعة سياسية, فإنها لن تستطيع التوجه الى هذا المستقبل بالممارسة الفعلية على حماية الأفق كحكومة سياسية واقعية تتفادى رسم خريطة مثقلة بالمشاكل لهذا المستقبل الذي هو ملك للأجيال المقبلة والتي تتحدث حكومة بنكيران بإسمها.واقترح المتدخل بإسم الفريق الاشتراكي على هذه الأخيرة -إن أرادت أن تتحدث بالفعل باسم هذه الأجيال المستقبلية- ملفين أساسين وهما غير تقنيين الأول يتعلق بتكوين العنصر البشري ثم استعمال العقار والمجال. وخلص سعيد شبعتو إلى أنه على الحكومة أن تراجع خاصياتها للقيام بإصلاحات كبرى, مؤكدا أن الفريق الاشتراكي تريث كثيرا, لكن المسؤولية تقتضي أن نكون صادقين وأن نقول الحقيقة للمغاربة لأن التمثيلية الصادقة تدعو الى ذلك, ومن هذا المنطلق فإن التركيبة وتكوين الحكومة رغم نزاهة وكفاءة عدد من الوزراء فيها، هي حكومة بتحالف هش دفع الى عدم القيام بالإصلاحات الكبرى . ووجهت فرق المعارضة انتقادات بالأرقام والمعطيات للحكومة ولمشروع المالية، واكد رشيد الطالبي العلمي باسم فريق التجمع الوطني للأحرار على أن المشروع غير واقعي وتغيب عنه المنهجية في توضيح المفاهيم التي أعطت لمضمونه شتاتا يطرح أسئلة من أجل تفكيكه وفهم سياسته التدبيرية التي بإمكانها أن تربك العديد من القطاعات.وتساءل رشيد الطالبي عن التزام الحكومة بالتصريح الحكومي مشددا على غياب تمفصلاته الكبرى في صياغة مشروع قانون المالية الذي غاب فيه اللون السياسي لحكومة يستعصي عليها التعامل مع تداعيات الأزمة العالمية، معتبرا مشروع قانون المالية مشروعا عاديا لا يستطيع مواجهة التحديات الكبرى الممثلة في التحديات العالمية والمستقبلية للمغرب, كما التحدي الموجود في قانون المالية نفسه الذي تشوبه ارتباكات لا تؤشر عن القدرة في معالجة الاختلالات الماكرو-اقتصادية تضمن استقلالية المغرب وسيادته. وهاجم فريق الأصالة والمعاصرة على لسان عبد اللطيف وهبي الأغلبية التي تريد أن تتقمص دور المعارضة والأغلبية في نفس الوقت وهي حالة يقول وهبي تقتضي دراسة سوسيولوجية وقانونية وحتى نفسية لمعرفة هذا التوجه السياسي في العملية السياسية لإدارة الدولة ومكوناتها وهنأ الأغلبية بمعارضتها كما هنأ - بطريقة ساخرة -المعارضة بمعارضتها مقترحا تغيير الفصل 10 من مقتضيات الدستور للقول» أن هناك معارضة أغلبية ومعارضة أقلية» من أجل فهم سلوك وممارسة ما يجري داخل هذه الأغلبية، التي اعتبرها فريدة من نوعها. كما انتقد وهبي رئيس الحكومة الذي صرح في ستراسبورغ قوله بأنه « حزب مضطهد» أي مضطهد من طرف أغلبيته، ووجه انتقادا الى الأغلبية التي ترفع شعار الديمقراطية قائلا أن من أسس البناء الديمقراطي هي المعارضة الحقيقية، كما أن البناء الديمقراطي مرتبط بالرأي الآخير، وأن وجود هذا الأخير لا يعني التشويش ولا يعني البلبلة وإلا فلنغير الفصل العاشر من الدستور ونقول» مجموعة التشويش والبلبلة عوض المعارضة» وبدا من خلال تدخل عبد اللطيف وهبي أنه يرد على تدخل عبد الله بوانو عندما استشاط هذا الأخير غضبا في صبيحة النقاش وهو يدافع عن الحكومة ضد أعدائها الذين قال عنهم أنهم يوجدون في كل المجالات. ووقف وهبي عند تفاصيل المشروع ليكشف عن الاختلالات التي يبدو أن المعارضة منسجمة في تحديدها. وبدوره أكد رئيس الفريق الدستوري أنه كان من المفروض أن يكون مشروع المالية الحالي بديلا لسابقه في الاختيارات الكبرى، واعتبر الشاوي بلعسال أن هذه الوثيقة موضوع النقاش ليس بإمكانها مواجهة التحديات الكبرى التي يعيشها المغرب في الأزمة الاقتصادية والمالية منها العجز المتفاقم في ميزان الأداءات وضغط السيولة مما يشكل قلقا كبيرا في القدرة على مواجهة الانزياحات الماكرو-اقتصادية ومعالجة الثغرات التي أصابت التوازنات.واعتبر الفريق الدستوري أن قانون المالية 2013 لا يشكل منعطفا جديدا بل يندرج في منطق الاستمرارية.علما أن الوضع الحالي الذي تفرضه الأزمة العالمية وخصوصا الوضع في الاتحاد الأوروبي شريك المغرب الاستراتيجي، كذلك التوتر في منطقة الشرق الأوسط ومواقع أخرى في العالم يتطلب البحث عن الحلول البديلة بإعادة النظر في التحولات التي تشهدها الأسواق الدولية. والجريدة قيد الطبع تتواصل أشغال اللجنة في متابعة مناقشة مشروع قانون المالية والتي ستنتهي يوم7 نونبر 2012 لتستمع اللجنة الى رد وزير المالية والاقتصاد للشروع في مناقشة مواد المشروع. ولنا عودة.