نحن المغاربة ،و بكل أريحية ،و بدون نفاق ، نشكر الله عز و جل على أن وهبنا ملكا مقداما ، صريحا ،مواطنا ، متواضعا ، يفرح عندما يحس بفرحنا ،و يحزن عندما يشعر بحزننا ، ففي تواصله الدائم مع الشعب المغربي و المواطنين الأحرار و الوطنيين ،و ليس الخونة و الانفصاليين ، من خلال خطبه الموجهة و المعبرة عن تفانيه في واجباته الدستورية ،و التي من أهمها مخاطبة الأمة المغربية في المناسبات الوطنية ، الدينية و السياسية والثقافية ،و يأتي خطاب يوم الثلاثاء 20 غشت 2013 استمرار لهذا التواصل مع الشعب المغربي الوفي ، لقد كان الخطاب الذي استمر حوالي 15 ، عميقا في مواضيعه المتناولة ، و على رأسها ، قطاع التعليم المدرسي و الجامعي ، ولقد كان التعليم دائما أولوية بعد الوحدة الترابية للمملكة ، و لكن ما الجديد في خطاب اليوم ؟ ما هي القيمة المضافة للنهوض بقطاع التعليم بالمغرب حسب الخطاب الملكي ؟ ففيما يتعلق بالسؤال الأول ، بعد الإشادة بالانجازات المحققة على ارض الواقع بعد الإصلاح التعليمي منذ 2000 أي الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، إلا أنها غير كافية ، إلا درجة أنها انجازات ضعيفة ، ولم ترقى إلى مستوى الانتظارات التي كنا ننتظرها عند نهاية العشرية الأولى من تطبيق الإصلاح العام لمنظومة التربية التكوين مابين 2000 و 2010 ،مرورا عبر تقرير المجلس الوطني للتعليم 2008 الذي رصد الاختلالات العميقة الأفقية و العمودية للمنظومة التعليمية ، ثم جاء المخطط الاستعجالي 2009 و2012 ، وما رافق ذلك من صرف ملاييير الدراهم من ميزانية الدولة دون نتيجة ملموسة ، باستثناء ما جاء في الخطاب الملكي ،وهي ارتفاع معدل التمدرس ،وتوفير بعض التجهيزات كالمطاعم و دور الطلبة ، و اغلبها ناتج عن الشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية او مؤسسة محمد الخامس للتضامن ، بمعنى ان الانجازات الخاصة بالوزارة تكاد تنعدم ، ومن حقنا ان نتساءل ، ما هو مصير مثلا 140 مليار درهم لانجاز المخطط الاستعجالي ؟ وهذا السؤال نجد أن الخطاب الملكي قد طرحه أيضا ، من خلال قراءة طريقة أداء الخطاب التي تعبر عن وجود عدم الرضى لدى الملك في واقع التعليم اليوم ،حيث الأموال تصرف و المبادرات تطلق بدون نتيجة ، وهذا الأمر يشاطره الشعب المغربي ككل . كما أشار الخطاب الملكي – وفي الجواب على السؤال الأول - إلى نقطتين هامتين أيضا ، الأولى موجهة الى أباء و أولياء التلاميذ ، حول النظرة التقليدية للمدرسة ، على أنها هي الوكيل الأوحد عن التربية و التعليم لدى الناشئة أي الأبناء و التلاميذ ، فالمسؤولية مشتركة بين المدرسة و الأسرة حتى تتم التنشئة الاجتماعية متوازنة للتلميذ ، وعندما يصل إلى سن الثامنة عشر يكون قادرا على الانفتاح على العالم الخارجي بثقافته و جغرافيته المختلفة ، فيندمج بشكل يراعي فيه خصوصيات مجتمعه ، دون الانصهار ، ومع الأسف الحاصل الآن لدى التلميذ او الطالب المغربي هو الانصهار حيث ينتج التعليم المدرسي تلاميذ أصفار من حيث الأخلاق و التربية ،و ينتج التعليم الجامعي طلبة متشددين فكريا ، ومتمسكين بأفكار قديمة بائدة منذ سقوط جدار برلين ،و النقطة الثانية ، هي أساليب التعليم التقليدية التي لا تزال تدرس في الجامعات المغربية ،و خاصة ان هناك أساتذة و دكاترة جامعيين لا يزالون يدرسون الطلبة الأفكار السياسية و الاقتصادية القديمة الموروثة عن الفترة الشيوعية ،و فترة الصراع بين القطبين ، هذين القطبين الآن في القرن 21 اتحدا في إطار المصالح الجيو-سياسية ، وأساتذة في الجامعات يدرسون فترة الصراع و الخلاف و كأنها في القرن 21 ، أساتذة جامعيون لم يكتبوا ولو نصف جملة في ميدان تخصصهم لأزيد من عشرين سنة ،و الذين حولوا الجامعة إلى متاجر لبيع الشواهد العلمية الفارغة من المحتوى،و خاصة الإجازة و الماستر و الدكتوراه ، فبالله عليكم كيف بطالب موجز ،او ماستراو دكتوراه ، يرفض امتحانا بسيطا في مجال تخصصه من اجل الوظيفة ،و يطالب بالتعيين المباشر ، لسبب انه له مستوى عال في الدراسة ، و اعتقد هذا يتقاطع مع إشارة في الخطاب الملكي حول التناقض و الهوة الفاصلة بين مجال التكوين و التربية و عالم الشغل ، الطلبة يتلقون تكوينا جامعيا و مهنيا بعيدا عن متطلبات عالم الشغل في 2013 ، أي أن السادة الأساتذة الجامعيين لا يتحملون عبء البحث الجامعي المستمر ، رغم أنهم يتلقون مبلغا إضافيا قدره حوالي 8000 درهم شهريا عبارة عن أتعاب البحث العلمي و التاطير الجامعي، وفي الحقيقة لا تاطير و لا هم يحزنون، (إلا الأساتذة و الدكاترة الشرفاء ) وهذا التناقض هو سبب تراكم أفواج من العاطلين سنويا ، الذين غالبا ما يحملون المسؤولية للدولة ،و يتهمونها بالتعمد في عدم تشغيلهم ، ويسمون أنفسهم كذبا و بهتانا ب" المعطلين '' و ينسون انهم كانوا ضحايا فكر و تكوين تقليدي للاساتذتهم في الجامعة . و أما السؤال الثاني ، الذي يتعلق بالقيمة المضافة في التعليم من خلال الخطاب الملكي ، فلا شك ان الرسالة قد وصلت إلى المسؤولين ، من أساتذة جامعيين ، الذين ظلوا مختفين ، وكان واقع منظومة التربية و التكوين المدرسي و الجامعي لا يهمهم ،و الخطاب الملكي لأول مرة يحملهم المسؤولية بشكل مباشر ، من خلال مخرجات الجامعة من طلبة بشواهد بعيدة عن عالم الشغل 2013 ، بسبب طرق و آليات و أساليب التعليم الجامعي التقليدي و الناتج عن عدم التكوين المستمر و تجديد المعارف و الكفاءات لدى الأساتذة الجامعيين ، و أيضا للنهوض بالمدرسة العمومية لا يد من انخراط الجميع وخاصة الأسرة و المجتمع المدني و الشركاء في النهوض بالمدرسة العمومية ، ولابد من احترام المدرسة و إعادة الثقة حيث كان المجتمع يحمي المدرسة ،و المدرسة تحمي المجتمع أيضا من خلال مخرجات أي طلبة وتلاميذ محترمين و مؤدبين و ذوي أخلاقا عالية و تكوين فكري و معرفي ووجداني و مهاراتي كبير جدا . و انا لا انقص من القيمة العلمية للأساتذة الجامعيين ، أو احمل الخطاب الملكي مالم يتضمن ، فالأمر أولا مجرد قراءة شخصية ، قد أكون مخطئا تماما ،وقد أكون وقفت في واحدة و أخطأت في أكثر، ثم إنني اكن الاحترام و التقدير لكثير من الأساتذة الجامعيين الذين كان لهم الفضل الكبير في تاطيري و تكويني أثناء سنوات الدراسة الجامعية أو خلال فترة التكوين التربوي،و الاحترام أيضا لكل أستاذ جامعي شريف كون و يكون أجيالا من الشباب الطموح و المواطن . و خلاصة القول ، يدق الخطاب الملكي من جديد ناقوس الخطر في واقع التربية و التكوين في المغرب في مختلف مسالكه من السلك الابتدائي إلى السلك الجامعي ، سواء أكانت مؤسسات او كليات او معاهد للتكوين ، مع ضرورة تنبيه السادة الأساتذة بالجامعات و المعاهد إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الله اولا ، و المبالغ المالية الباهظة - أي الأجرة الشهرية – و أمام واجباتهم القانونية و الدستورية في تكوين طلبة تكوينا حديثا،يرفع من نسبة ودرجة ولوجهم عالم الشغل