بدأت مساء الاثنين في المغرب أولى مشاورات حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم مع أحد أحزاب المعارضة لتشكيل غالبية جديدة، بعد ان انفض التحالف الحكومي رسميا بقبول العاهل المغربي استقالة خمسة وزراء كانوا قد قدموها إلى رئيس الحكومة المغربية أوائل يوليو/حزيران احتجاجا وفقا لما أعلنوه على سياسة رئيس الحكومة الإسلامي عبدالإله بن كيران في المجال المالي خاصة. وقال بلاغ للديوان الملكي إن العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي تبقى له الكلمة الحاسمة في قبول الاستقالات أو رفضها، "توصل من طرف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالاستقالات التي قدمها مجموعة من الوزراء الأعضاء بحزب الاستقلال حيث أعطى الملك موافقته عليها." وبقبول الاستقالات من طرف الملك محمد السادس، اصبح رئيس الحكومة مطالبا بأن يبحث عن حليف جديد في الائتلاف أو يدعو الى انتخابات مبكرة. واعلن عبد الله بوانو رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الاثنين ان المفاوضات لتشكيل أغلبية جديدة انطلقت رسميا مع حزب التجمع الوطني للأحرار (المعارض)، لتعويض حزب الاستقلال المنسحب من الحكومة. واضاف أن المفاوضات او المشاورات تتم مباشرة مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي سيبلغ في ما بعد أحزاب التحالف بملاحظات وانتقادات وطلبات حزب الأحرار، موضحا انه ليست هناك شروط مسبقة للتفاوض. وكان خمسة من وزراء حزب الاستقلال ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي قد قدموا استقالاتهم في التاسع من يوليو/تموز إلى رئيس الحكومة المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي في حين رفض سادس تقديم استقالته. وأكد الحزب أنه سيتخذ إجراءات تأديبية في حقه. وانتقد حزب الاستقلال سياسة الحكومة في المجال المالي خاصة في ظل تدهور الاقتصاد المغربي متأثرا بالأزمة المالية في منطقة اليورو. وقال الحزب إن انسحابه يأتي احتجاجا على خفض الدعم ومسائل أخرى من شأنها الإضرار بالفقراء. وجاء حزب الاستقلال في المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية الذي فاز بالانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2011 عقب اعتماد دستور جديد في إجراء اقترحه العاهل المغربي الملك محمد السادس. وعبر حزب "التجمع الوطني للأحرار" الليبرالي في بيان صدر بعد اجتماع لمكتبه السياسي الاثنين المنصرم عن رغبته المبدئية في المشاركة في الحكومة التي يقود تحالفها الإسلاميون، بدون ان يحدد رسميا شروطه للانضمام للتحالف. ويعد حزب التجمع الوطني للأحرار ثالث أكبر حزب في الانتخابات الأخيرة بعد حزبي العدالة والتنمية الإسلامي والاستقلال المحافظ، وله 52 مقعدا داخل الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، ما يجعل عدد مقاعده كافيا لتكوين غالبية حكومية جديدة مع الأحزاب المتبقية في التحالف. وتضم الغرفة الأولى للبرلمان المغربي 395 مقعدا، فاز حزب العدالة والتنمية نهاية 2011 ب107 مقاعد منها لم تكن كافية لتاليف حكومة غالبية، ما اضطره للتحالف مع حزب الاستقلال المنحسب أخيرا (60 مقعدا)، وحزب الحركة الشعبية (32 مقعدا) وحزب التقدم والاشتراكية (18 مقعدا). ولا يسمح النظام الانتخابي المغربي بحصول حزب ما منفردا على الغالبية المطلقة للمقاعد البرلمانية، ما يضطر الحزب الفائز الى الدخول في تحالفات قد توصف ب"غير المتجانسة" او "الهجينة"، كما حصل مع الحكومة الحالية التي تجمع محافظين ويساريين. وسبق لحزب التجمع الوطني للأحرار ان رفض المشاركة في حكومة الإسلاميين بعد فوزهم لأول مرة في تاريخهم بالانتخابات البرلمانية نهاية 2011، حتى انه صوت ضد البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران. وتسعى حكومة بنكيران الى تفادي تدهور مستوى المعيشة الذي من شأنه أن يؤجج الاحتجاجات في الشوارع. لكنها بحاجة الى خفض الدعم مع سعيها جاهدة إلى مواجهة الأزمة الاقتصادية وأزمة ديون منطقة اليورو الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، وايضا إلى مواجهة احتجاجات شعبية متنامية. وظهرت حركة احتجاجية جديدة أطلقت على نفسها "تمرد" المغربية، أسوة بحركة تمرد المصرية التي دعت إلى الاحتجاج في مصر في 30 من يونيو/حزيران وأسفرت احتجاجاتها عن إسقاط الرئيس محمد مرسي. وتقول "تمرد المغربية" التي خرجت من رحم موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" إنها ستنزل إلى الشارع المغربي في 17 من أغسطس/آب المقبل وهدفها الاحتجاج على غلاء المعيشة وإسقاط رئيس الحكومة عبدالاله بنكيران. في الاثناء، سيكون رئيس الحكومة المغربية مطالبا وفقا للدستور المغربي بحل مجلس النواب واجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، إذا ما فشل في تشكيل أغلبية جديدة خلال 60 يوما تعقب موافقة الملك محمد السادس على قبول رئيس الحكومة استقالة الوزراء.