قال وزير السياحة السيد لحسن حداد٬ اليوم الأربعاء بالرباط٬ إن السياحة بالمغرب أبانت٬ رغم الأزمة الاقتصادية والأحداث السياسية٬ عن مناعة كبيرة نتيجة النضج الذي حققه القطاع. وأوضح السيد حداد٬ الذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء لمناقشة موضوع "رهانات السياحة المغربية أمام الأزمة الاقتصادية"٬ أن المغرب عرف تطورات عدة أثرت سلبا على السياحة المغربية٬ كحربي الخليج والربيع العربي والاعتداءات الإرهابية وغيرها٬ لكنها سرعان ما أستعادت عافيتها٬ مما يعني أن هذا القطاع الاستراتيجي وصل مرحلة نضج لا يتأثر فيها بالأحداث والأزمات. وأبرز أن السياحة شهدت في 2012 استقرارا هاما جدا رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية والربيع العربي بزائد 2 في المئة٬ مشيرا إلى حدوث انتعاش للقطاع في 2013٬ حيث ارتفع عدد الوافدين الأجانب ب9,4 في المئة وعدد ليالي المبيت ب20 في المئة خلال مارس الماضي٬ وارتفع عدد السياح الوافدين ب3,4 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة. وأضاف أنه في ظل الأزمة التي يعرفها الشركاء الأوروبيون وحرب الأسعار الدولية٬ "لا نضمن أن ترتفع عائدات السياحة كثيرا٬ لأن السياح الأوروبيين رغم توافدهم ينفقون أقل من السابق". وبخصوص تأثير قرار تجميد 15 مليار درهم من الاستثمارات العمومية من قبل الحكومة٬ قال الوزير إن لذلك بعض التأثير على القطاع على مستوى المدخلات ولكن ليس على مستوى النتائج٬ موضحا أن القطاع سيتفاعل مع هذا المجهود ولكن بنجاعة كي لا تكون آثاره سلبية. وعلى مستوى إنجازات الحكومة في القطاع٬ أشار السيد حداد إلى أنه "تم الحفاظ على نصيب المغرب من الأسواق التقليدية بشكل كبير (فرنسا وإسبانيا) إلى جانب التركيز على بريطانيا ودول البينيلوكس وألمانيا والانفتاح على أسواق جديدة كبولونيا والنفاذ للسوق الروسية وضمان تواجد أكبير في الشرق الأوسط والمراهنة على سوقي الصين والبرازيل. كما حافظت الحكومة على جاذبية الوجهة المغربية من خلال الاستثمارات التي توقع أن تصل إلى 20 مليار في 2013 (مقابل 14 مليار درهم في 2012)٬ فضلا عن تخصيص صندوق ب420 مليون درهم لدعم تنافسية وجودة خدمات المقاولات٬ خاصة الصغرى والمتوسطة٬ وضخ 500 مليون درهم في "رينوفوتيل" الخاص بإعادة تأهيل الوحدات الفندقية. وأضاف أنه يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة على القانون المنظم لوكالات التنمية السياحية٬ مشيرا إلى أن أولى المنتديات الجهوية للسياحة ستنطلق بعد غد الجمعة وسيتم خلالها وضع الصيغ النهائية لعقود البرامج الجهوية الخاصة بتفعيل رؤية 2020 ومن ثم التوقيع عليها. من جهة أخرى٬ أكد الوزير أن طبيعة الحكومة الحالية٬ التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي٬ لا تطرح مشكلا على مستوى صورة المغرب في الخارج بالنسبة للسياح الأجانب٬ مجددا التأكيد على أن الحكومة تؤمن بالحقوق الأساسية والحريات الفردية والتسامح. وأبرز السيد حداد أن الإشكاليات الحقيقية في جلب السياح الأجانب تتعلق بالأحرى بالقدرة الشرائية للسياح الأوروبيين بفعل الأزمة ثم التنافسية الحادة بين البلدان. من جهة أخرى٬ عزا الوزير عدم تمكن المغرب من جلب السياح الذين فقدتهم السوقين التونسية والمصرية بفعل الأزمة السياسية إلى أن هذا الصنف من السياح المرتبط بمتعهدي الرحلات يتطلب طاقة إيوائية ضخمة غير متوفرة حاليا بالمملكة ويتميز بأسعار منخفضة جدا غير مربحة بالنسبة للسياحة المغربية. وبخصوص رؤية 2020٬ قال السيد حداد إن هناك انخراطا أكبر في مقاربة مجالية ومندمجة للسياحة وكذا في ابتكار منتوجات جديدة لجعل المغرب أحد الوجهات السياحية العشرين الأولى عالميا ووجهة مرجعية للسياحة المستدامة التي تحافظ على الموارد الطبيعية والبيئية وتؤثر إيجابا على الساكنة المحلية. وأبرز الوزير أن تحقيق هذا الهدف رهين بتطوير الطاقة الاستيعابية الوطنية التي يرتقب أن تصل إلى 375 ألف سرير مقابل 185 ألف حاليا في إطار رؤية 2020. وتراهن رؤية 2020 أيضا على مضاعفة عدد السياح الأجانب مرتين٬ ومضاعفة عدد السياح المغاربة بثلاث مرات كي ترتفع مساهمة السياحة الداخلية إلى 40 في المئة (مقابل 28 في المئة في 2012)٬ ورفع العائدات من 60 إلى 140 مليار درهم والرفع من مساهمة القطاع في الناتج الدخلي الخام وميزان الأداءات واحتياطي العملة الصعبة. وتتوخى المقاربة والمندمجة والمنسجمة التي تعتمدها الرؤية تطوير ست مجالات سياحية جديدة٬ إلى جانب قطبي مراكش وأكادير٬ يغلب على أربع منها الطابع الثقافي٬ حسب الوزير الذي أوضح أن هذه المقاربة متنوعة في العرض وتندرج ضمن مقاربة إعداد التراب الوطني ومقننة بآليات حكامة جديدة من خلال إحداث وكالات التنمية السياحية. من جهة أخرى٬ أكد السيد حداد على العلاقة الوثيقة القائمة بين السياحة وقطاع الطيران٬ مشيرا إلى أن تحقيق رؤية 2020 يتطلب رفع عدد الرحلات الجوية خارج مدينتي الدارالبيضاء والرباط إلى 1600 رحلة أسبوعية والموازاة بين الطيران المنخفض التكلفة والمؤجر والمنتظم. وتساهم السياحة ب8 في المئة من الناتج الداخلي الخام وثاني أكبر مساهم فيه بعد الفلاحة وثاني أكبر مشغل بنصف مليون منصب شغل وأول مصدر للعملة الصعبة (59 مليار درهم في 2012)٬ حسب الوزير. ويعد ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء موعدا شهريا تنظمه الوكالة حول قضايا الساعة ويعرف حضور ممثلين عن هيئات حكومية وسياسية ومنظمات مهنية وبعثات دبلوماسية ومنظمات دولية معتمدة في المغرب بالإضافة إلى ممثلي وسائل إعلام وطنية ودولية.