في خضم التوترات الجيوسياسية والمنافسة الصناعية العالمية، أكدت تقارير إعلامية أن الساحة الدولية تشهد معركة جديدة بين فرنساوألمانيا حول تزويد المغرب بالغواصات الحربية. وتصدرت شركة ThyssenKrupp Marine Systems (TKMS) الألمانية المشهد حتى وقت قريب، حيث كانت المرشح الأبرز لتزويد البحرية الملكية المغربية بغواصاتها المتطورة "تايب"، غير أنها تواجه اليوم تحديات جيوسياسية جديدة تعزز موقف الشركة الفرنسية Naval Group في هذا السباق المحموم. وحسب التقارير ذاتها، يرجع هذا التحول في مجرى المنافسة إلى مصالح جيوسياسية واسعة النطاق، حيث تسعى الدول الكبرى إلى توثيق علاقاتها مع المغرب باعتباره لاعباً استراتيجياً في منطقة شمال إفريقيا، ومن هذا المنطلق، تتطلع ألمانيا إلى ترسيخ نفوذها العسكري والتجاري في المغرب، وقد برزت الغواصة الألمانية "تايب" كخيار محتمل لبناء سلاح الغواصات المغربي. وكان موقع "ديفينس عربي" المتخصص في أخبار الدفاع قد أكد أنه سبق للمغرب أن قام بتفقد هذه الغواصة، وهي تُعتبر من بين الأسلحة الأكثر تطورًا في الترسانة البحرية العالمية، ما يجعلها خياراً طبيعياً للبحرية الملكية. وفي هذا السياق، أكد السفير الألماني في المغرب شهر شتنبر الماضي، رغبة بلاده في توقيع اتفاقية دفاعية مع المغرب، وهي خطوة مهمة نحو جعل المغرب حليفًا رئيسيًا لألمانيا في إفريقيا وشمال إفريقيا، حيث أنها لا تقتصر فقط على إمداد المغرب بالأسلحة، بل تفتح الباب أيضًا أمام الشركات الدفاعية الألمانية للدخول إلى السوق المغربي من خلال شراكات صناعية واستثمارات استراتيجية. ومن بين أبرز الأسلحة التي قد يحصل عليها المغرب إذا فشلت فرنسا في استمالة المملكة، وإلى جانب الغواصات، نجد أنظمة الدفاع الجوي IRIS T قصيرة ومتوسطة المدى، والتي سبق وأن اشترتها مصر بأعداد كبيرة، بالإضافة إلى الشاحنات العسكرية من طراز "مان" ومدافع 155 ملم المتطورة، وعربات المشاة القتالية KF-41، وهي كلها أسلحة من الممكن أن يتم تصنيعها محلياً عبر شراكات صناعية، مما يعزز التعاون الدفاعي بين البلدين. وعلى الرغم من أن ألمانيا تواصل السعي للحصول على موطئ قدم أقوى في السوق الدفاعية المغربية، فإن المصالح الجيوسياسية قد تصب في صالح فرنسا، خاصة مع قوة العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بفرنسا، مما يجعل المنافسة بين TKMS وNaval Group محتدمة، مع ترقب نتائج هذا التنافس الذي قد يحدد اتجاه تسليح البحرية المغربية في المستقبل القريب. ويُظهر هذا الصراع التكنولوجي والعسكري كيف أن المصالح الجيوسياسية ليست محصورة فقط في المجال العسكري، بل تمتد لتشمل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، في وقت تسعى فيه الدول الكبرى لتعزيز علاقاتها مع المملكة وتوسيع نفوذها في مناطق استراتيجية مثل شمال إفريقيا من بوابة المغرب.