يعتبر الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الرقمي، وهي تطرح صعوبات في السيطرة على تأثيراتها السلبية، وتحقيق توازن بين فوائدها ومخاطرها، بسبب سرعة تطور هذه الشبكات وقدرتها على الوصول إلى عدد هائل من الأفراد من مختلف الفئات والأعمار. وفي الفترة الأخيرة، شهد المغرب نقاشًا واسعًا حول شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بالحدود بين حرية التعبير والتشهير، والآثار السلبية لهذه المنصات على القاصرين والأطفال، وكذلك انتشار محتوى يعتبره العديد من المواطنين تافها ويتعارض مع قيم المجتمع. في هذا السياق، وفي إطار السعي لفهم آراء وانطباعات المغاربة حول استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، أجرى "المركز المغربي للمواطنة" استطلاع رأي لاستقصاء آراء المغاربة حول التواصل الاجتماعي. يندرج هذا الاستطلاع ضمن مبادرة «بارومتر المواطنة» الذي أطلقه المركز سنة 2024. وقد كشف التقرير أن امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء تعرضت للتحرش الجنسي، مقابل 4.3 %بالنسبة للرجال. ويرى 94.6 % من المشاركين، حسب التقرير، أن الأسر المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي. كما أكد 32.7 % تعرضهم للسب والقذف، و27.5 % لخطاب الكراهية بسبب التعبير عن آرائهم الشخصية، و19.7 % لاختراق حساباتهم الشخصية، و10.5 % للتنمر، و9.1 % للابتزاز، و8.0 % للتحرش الجنسي، و7.8 % للتشهير. ويرى 95.8 % من المشاركين أن منصة تيك توك في المرتبة الأولى من بين المنصات التي تسبب ضرراً للمجتمع والأجيال الصاعدة، يليها سناب شات بنسبة 52.3 %، وإنستغرام بنسبة 50.3 %، وفيسبوك بنسبة 39.7 %، ويوتيوب بنسبة 31.6 %، وتيليغرام بنسبة 9.8 %، وتويتر بنسبة 8.4 %، ولينكد إن بنسبة 5.0 %. كما سجل التقرير أن 94.6 % من المغاربة يرون أن هناك حاجة لتشديد القوانين لمكافحة التشهير والقذف على منصات التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، صرح "لأخبارنا" الأستاذ اسماعيل بوهمو، الباحث في الشؤون القانونية، قائلا، أن "التحرش، والابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هي جرائم يعاقب عليها القانون المغربي. ومع التقدم التكنولوجي، تتطور هذه الجرائم أيضًا. لذلك، تسعى المنظومة القانونية في بلادنا لمواكبة هذا التطور من خلال إصدار قوانين جديدة لردع المخالفين، بالإضافة إلى إنشاء منصات للتبليغ لتشجع الضحايا على كسر صمتهم". مضيفا أنه من الجدير بالذكر، أن "المادة 447 من القانون الجنائي تنص على العقوبة التي تقع على الشخص الذي يبتز غيره باستخدام الصور دون موافقته أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص، حيث تصل إلى السجن لمدة 3 سنوات، أما الغرامة المالية فتصل في العديد من القضايا إلى عشرين ألف درهم، بقصد المس بالحياة للأشخاص أو التشهير بهم". هذا، ويمكن للتحرّش الرقمي أن يتخذ أشكالًا عديدة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: رسائل البريد الإلكتروني الجنسية الصريحة، والرسائل النصية (أو عبر الإنترنت)، والتصرفات غير اللائقة أو المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي أو منصات المحادثة، والتهديدات بالعنف الجسدي و / أو الجنسي عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية (أو على الإنترنت).