تستمر طهران في دعم نظام الرئيس بشار الأسد عسكريًا ليصمد في مواجهة محاولات الإطاحة به من جانب المعارضة المسلحة، إلا أنها بدأت تقوم ببعض التحضيرات الخاصة بسيناريوهات ما بعد سقوط الأسد. اعتبرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن التذمّر الإيراني من قرار جامعة الدول العربية بمنح منصب سوريا الشاغر للمعارضة في القمة، التي استضافتها الدوحة أخيرًا، هو الجانب الدبلوماسي من الحرب الميدانية المشتعلة في سوريا بالوكالة، في وقت يتلقى فيه الطرفان أسلحة من قوى خارجية خلال الأشهر الأخيرة.
يكفي ما قاله في هذا الخصوص الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأممالمتحدة لدى سوريا، حيث أوضح أن "الصراع السوري بات ساحةً للقوى الإقليمية المتنافسة".
الأسد صامد ومع تواصل المكاسب، التي يحققها الثوار على صعيد الأراضي التي يسيطرون عليها، وكذلك قواعد النظام العسكرية والمعدات، بدأ يتكهن عدد قليل من المحللين بأن نظام الأسد سيصمد في هيئته الحالية، أو أن الرئيس سيعيش حين ينتهي الصراع.
ورغم الدعم الشعبي الواضح في إيران لنظام الأسد، إلا أن الصحيفة أكدت من جانبها أن الجمهورية الإسلامية بدأت تتهيأ هي الأخرى لمرحلة ما بعد الرئيس بشار.
ومضت تنقل في هذا الإطار عن مهدي خلجي المتخصص في الشأن الإيراني لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قوله: " تسلك إيران نهجاً ناجحاً حتى الآن، فمن دون الأموال والمساعدة الاستراتيجية التي تقدمها إيران إلى دمشق، لكان الأسد قد انهار منذ فترة طويلة. لكن من منظور سياسي، أرى أن لدى الإيرانيين خطة بديلة.. لذلك حتى إن سقط الأسد، فإن إيران ستنجح إلى حد ما في المحافظة على مصالحها".
ثم أشارت الصحيفة إلى أن تلك الخطة البديلة ربما تتوقف على إحدى الميليشيات الداعمة للنظام، التي ساعدت إيران على إنشائها، ويطلق عليها "الجيش الشعبي". ويمكن لها أن تحمي علويي سوريا، إن هبطت إلى جزء فقط من البلاد في شمال غرب سوريا على طول الساحل المؤدي إلى الحدود مع لبنان. ويحتمل ألا يحظى أي جانب بميزة حاسمة.
الجيش الشعبي نُقِل عن قائد الحرس الثوري الإيراني تأكيده أن الجيش الشعبي، وهو عبارة عن مزيج بين مجموعات شيعية وعلوية، صُمِّم على غرار ميليشيا الباسيج الأيديولوجية في إيران، التي تعد أكبر قوة تطوعية، يتم استخدامها في قمع اضطرابات الشارع.
لكن خطة إيران البديلة مع الميليشيا المؤيدة للنظام تعني أنه إذا تمت الإطاحة بالأسد، فإنه سيكون لا يزال بمقدور إيران أن تحافظ على علاقاتها المباشرة بالجماعات المسلحة.
خط مفتوح مع المسلحين هنا عاود خلجي ليقول: "ومن خلال مساعدة تلك الجماعات، سوف تتأكد إيران من أن بعض أجزاء سوريا يمكن استخدامها كجسر لبلوغ لبنان والأراضي الفلسطينية".
ثم مضت الصحيفة تنقل عن رئيس المعارضة السورية الشيخ معاذ الخطيب، بعدما شغل منصب بلاده في القمة العربية الأخيرة في الدوحة قوله: "نحن نطلب كل أنواع الدعم من أصدقائنا وأشقائنا، بما في ذلك حقنا الكامل في الدفاع عن أنفسنا". وفي مقابل ما تتحصل عليه المعارضة، تكثف إيران هي الأخرى بشكل كبير من الدعم العسكري، الذي تمنحه للأسد، وفقاً لتقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء في منتصف الشهر الجاري.
وقال كينيث كاتزمان، وهو محلل لدى خدمة الأبحاث التابعة للكونغرس في واشنطن: "لن تلعب أي من تلك الأسلحة التي تمنحها إيران لسوريا أي دور حاسم في هذا الصراع، وسيخسر الأسد في الأخير. وأتصور أن النتيجة لن تتغير إلا بأشياء باهظة الثمن".
ونوهت الصحيفة كذلك بحقيقة بدء تراجع المخزون العسكري لبشار بشكل بطيء، في وقت يتم فيه إسقاط الطائرات والمروحيات، وفي وقت يتم فيه اختطاف كثير من الدبابات، بينما يستولي الثوار على بعضها، ويستخدمونها ضد القوات الحكومية.