لا حديث بين عشاق الفن السابع هذه الأيام، إلا عن الفيلم الهندي "حياة الماعز" الذي أثار ضجة كبرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب عرضه على منصة "نتفلكس"، وذلك على خلفية تناوله موضوع "الكفالة" الذي يعتبر من الطابوهات المسكوت عنها في بعض دول الخليج، لارتباطه بزمن الرقيق والاستعباد. في ذات السياق، فقد تم إصدار فيلم "حياة الماعز" أو "The Goat Life" في ال 28 مارس 2024، وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن صناعه نجحوا حتى الآن في تحقيق إيرادات قياسية، فاقت ال 19 مليون دولار أمريكي، موضحة أن هذا العمل بات اليوم، ثالث أعلى فيلم تحقيقا للربح في تاريخ السينما الهندية، وثاني أعلى فيلم هندي مشاهدة في عام 2024. ويعد نظام "الكفالة" من الأساليب أو العقود الشائعة في سوق الشغل ببعض دول الخليج، وكثيرا ما يعتمدها أرباب العمل، في طريق جلب مستخدميهم من دول أخرى، في الغالب تكون فقيرة، حيث يكون رب العمل هو المسؤول الأول عن كل حركات وسكنات "مكفوله" أو عامله، من الإقامة إلى ظروف مكان وساعات العمل، وهي تفاصيل في الغالب لا تخدع لمواثيق الشغل الدولية التي تحفظ الحد الأدنى لكرامة المستخدمين. لأجل ذلك، يحاول هذا الفيلم السينمائي الهندي، استعراض جوانب مظلمة وأخرى مؤلمة من هذا النظام "الاستبدادي"، الأمر الذي قوبل بكثير من الغضب والامتعاض في بعض الدول التي تعمل بنظام "الكفيل"، رغم أن صناعه استهلوا "جينيريك" هذا العمل بلفت انتباه المشاهدين، أن "الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق". هذا وقد اختلفت ردود أفعال المشاهدين والمتابعين، بين مؤيد لأفكار هذا الفيلم الهندي ورسائله المبطنة، وبين ما قال أن الفيلم هو مجرد إبداع سينمائي يسلط الأضواء على هذا الموضوع في قالب درامي، دون ربطه بأي حدود جغرافية، على اعتبار وجود نماذج كثير عبر العالم من نظام "الكفالة" الاستبدادي، بأشكال وأنماط مختلفة ومتعددة. ومن منظور حقوقي، يرى "عادل تشيكيطو"، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن لهذا الفيلم "دلالات فلسفية وأخرى صوفية أبعد وأكبر من مجرد تسليط الضوء على نظام الكفيل". في ذات السياق، شدد "تشيكيطو" عبر تعليق فيسبوكي على أنه: "من يعتقد أن الفيلم هاجم السعودية فهو خاطئ"، مشيرا إلى أن العمل قدم السعودية كمجتمع فيه الصالح والطالح، حيث أوضح قائلا: "النصاب صاحب الماعز الذي تلاعب بالبطل وصديقه حكيم، قابلته شخصية سعودية أخرى طيبة أنقذت البطل من سطوة الصحراء وأعادت إليه الحياة". وأشار الفاعل الحقوقي إلى أن: "الفيلم خلص إلى أن حقيقة المجتمع السعودي هي نفس حقيقة كل المجتمعات، فيها الطيب والشرير"، وتابع قائلا: "مع الأسف، الأغلبية ممن يناقشون الفيلم ربما لم يشاهدوه، أو ربما ركزوا على رسائله السطحية، و تغافلوا عن حقائق مرتبطة بجشع الإنسان وتناقضاته وازدواجية معاييره عندما يكون الضحية أو عندما يكون صاحب قطيع رضيعة، ثم كيف يمكن للطبيعة أن تهزم الإنسان وأن تذعنه أكثر مما يمكن للبشر أن يفعل بغيره".