قال "رشيد الطالبي العلمي"، رئيس مجلس النواب، إنه سيحيل قانون المسطرة المدنية على المحكمة الدستورية لتقول رأيها فيه، وذلك بعد استيفاء مسطرة التشريع في مجلس المستشارين. قرار رئيس الغرفة الأولى سالف الذكر، جاء تفاعلا مع حملة التشكيك في مشروعية هذا القانون التي أطلقتها المعارضة بمعية محامين ومفوضين قضائيين، اعتبروا أنه مخالف للدستور، ما دفع "الطالبي العلمي" إلى الفصل في هذا السجال عبر تفعيل الرقابة الاختيارية على دستورية القوانين بناء على صلاحيات المؤسسة التشريعية. في ذات السياق، اعتبر الدكتور "عمر الشرقاوي"، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أن النقاشات التي تصاحب عملية المصادقة البرلمانية على مشروع قانون المسطرة المدنية، عملية صحية من شأنها تجويد مشروع القانون الذي له مكانة خاصة في ضمان الحقوق وتجويد منظومة العدالة، وفق تعبيره. وشدد ذات المتحدث عبر تدوينة نشرها على حسابه الفيسبوكي على أن: "قوانين مثل المسطرة المدنية أو الجنائية أو مدونة الأسرة أو القانون الجنائي، تعد من القوانين التي تعمر طويلا ولربما يفوق سنها سن الدساتير التي تعتبر أسمى وثيقة قانونية في الدولة"، وتابع قائلا: "لأجل ذلك، فما يثار من نقاش بين الحكومة من جهة والمعارضة من جهة ثانية وهيئات المحامين من جهة ثالثة حول دستورية أو عدم دستورية المشروع الذي لازال يخضع للمسطرة التشريعية بالغرفة الثانية لا يمكن إلا أن يصب في اتجاه اعتماد مسطرة مدنية تتميز بحماية حقوق المتقاضين". وعلى ضوء ما سلف ذكره، اعتبر "الشرقاوي" أن إعلان رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي تحريك الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور واتخاذ قرار مسبق بإحالة المشروع على المحكمة الدستورية بعد المصادقة النهائية، يعد مبادرة ذكية سياسيا ودستوريا لأربع اعتبارات، أولها أنه: "سينقذ سمعة البرلمان من مزاعم التواطؤ مع الحكومة لتمرير نص قد يحمل شكوكا بعدم الدستورية". الاعتبار الثاني، يضيف المحلل السياسي، أن القرار "سينقذ الحكومة من الاتهامات التي طال مشروعها بكونه غير دستوري، وهذا الأمر يقول "الشرقاوي"، يبقى من اختصاص القاضي الدستوري الذي سيحدد توجهه من المشروع بناء على ما توفرت له من قناعة دستورية. أما فيما يتعلق بالاعتبار الثالث، فيكمن بحسب المتحدث ذاته في "التفاعل الإيجابي والمؤسساتي مع موقف هيئات المحامين، التي أطلقت منذ إحالة المشروع على البرلمان وابلا من التشكيك في دستورية بعض مقتضيات مشروع المسطرة المدنية"، حيث قال في هذا الصدد: "ما دام أن قرارات المحكمة الدستورية نهائية وغير قابلة للطعن فسيكون لقراراتها بالمطابقة أو عدم مطابقة الدستور مفعول الاطمئنان تجاه باقي المؤسسات الدستورية". وختم الدكتور "عمر الشرقاوي" تدوينته بالتطرق للاعتبار الرابع، حيث أكد أن قرار إحالة القانون سالف الذكر على المحكمة الدستورية فيه "طمأنة للمواطن (المتقاضي) حول مصداقية القانون الذي ينظم كل صغيرة وكبيرة في عملية تقاضيه داخل المحاكم، مشيرا إلى أن ما "ستعلن عنه المحكمة الدستورية من قرار بالدستورية أو عدم الدستورية سيكون له أثر إيجابي على الأمن القانوني الذي يجعل من مقاصده الأولى حماية المراكز القانونية للمتقاضين". لأجل كل ما سلف ذكره يقول ذات المتحدث: "لا أحد ينبغي أن يخاف أو يتوجس من إحالة المشروع على المحكمة الدستورية، فهي وحدها دون غيرها لها حصرية إضفاء ستار الدستورية على القوانين التي تحال عليها اختياريا أو اجباريا".