احتقان غير مسبوق يعيش على وقعه قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سببه مضامين "النظام الأساسي الجديد"، الذي صادقت عليه الحكومة قبل أسابيع وسارعت إلى نشره في الجريدة الرسمية. هذا النظام لم يرق رجال ونساء التعليم في المغرب، ما دفعهم إلى تنظيم، أمس الثلاثاء 7 نونبر الجاري، مسيرة حاشدة في العاصمة الرباط، يقدر عدد المشاركين فيها بأزيد من 100 ألف أستاذ وأستاذة قدموا من كل حدب وصوب؛ الغاية منها إيصال صوت رفض مضامين النظام الأساسي، ثم العمل على تعديله وإعادة صياغته، بما يليق بالوضع الاعتباري للأساتذة ويصون كرامتهم. في المقابل؛ يدافع الوزير بنموسى عن مستجدات النظام الأساسي، مؤكدا أنه نظام سيخدم المنظومة التربوية وسيمضي بها قدما، نظرا إلى ما يتضمنه من بنود في صالح الشغيلة التعليمية والمتعلمين على حد سواء. وأمام هذا التوتر الحاصل بين الأساتذة ووزارة التربية الوطنية لما يزيد عن شهر من الزمن؛ دخل رئيس الحكومة عزيز أخنوش على الخط، عبر لقاء النقابات منفردة لمدارسة الملف، فضلا عن لقاء وزير الشغل يونس السكوري، هو الآخر، الهيئات النقابية الأكثر تمثيلية، لمحاولة حل ملف الأساتذة، وعودة التلاميذ ورجال ونساء التعليم إلى الأقسام لاستئناف العملية التعليمية التعلمية. دخول يونس السكوري على الخط فهمه بعض المراقبين على أن ملف الأساتذة "سُحب" من شكيب بنموسى، وسط تأويلات وقراءات تتوقع حدوث تعديل حكومي لاحقا، نظرا إلى ما لملف قطاع التربية الوطنية من أهمية داخل المجتمع المغربي، واستمرار الحال على ما هو عليه لن يكون في صالح المنظومة التربوية بمختلف أطرها ومصالحها. عباس الوردي، محلل سياسي وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط، "لا يتفق مع الطرح الذي يقول بسحب الملف من الوزير شكيب بنموسى"، مشيرا إلى أن "أخنوش يروم من خلال هذا التدخل شد عضد الوزير الوصي على قطاع التربية الوطنية". وزاد الوردي، وفق تصريح له خص به موقع "أخبارنا"، أن "الاحتقان الذي يعرفه قطاع التربية الوطنية لا يرقى إلى مستوى حدوث تعديل حكومي"، لافتا إلى أن "وزارة بنموسى بين المطرقة والسندان؛ بين ضمان استمرار المرفق العمومي على أساس دستوري؛ وبين تدبير هذا الاحتقان بشي من الذكاء، عبر فتح نقاش عمومي مشروط". أستاذ القانون العام قال إنه "لا ضير في سحب النظام الأساسي الذي أثار كل هذا اللغط في صفوف رجال ونساء التعليم، وإعادة تدبيره بما يخدم المدرسة العمومية والمؤسسات التربوية الوطنية"، واصفا هذا الوضع ب"النشاز الذي يجهز على الحق في التعليم". "إن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يخدم لا المنظومة التربوية ولا المنظومة المرفقية"، يشرح الوردي قبل أن "يحمل الحكومة المسؤولية"، داعيا إياها إلى "فتح حوار جاد وبناء مع المركزيات النقابية والأساتذة الغاضبين من مضامين النظام الأساسي". هذا ورفض المحلل السياسي نفسه أن "يكون التلاميذ ضحايا هذا التوتر الحاصل بين الوزارة والأساتذة"، شارحا أنهم (المتعلمون) "سيؤدون ثمن الزمن الدراسي الضائع والمهدور"، مطالبا وزارة بنموسى ب"أخذ المبادرة لفتح نقاش معقول لتهدئة الأوضاع، وتسوية ملف الأساتذة المضربين عن العمل، حتى يعود أبناء الشعب المغربي إلى حجراتهم الدراسية للاستفادة من حقهم في التعليم".