الجزائر والصراعات الداخلية.. ستة عقود من الأزمات والاستبداد العسكري    الإكوادور تُنهي وجود البوليساريو على أراضيها    بريطانيا بين مطرقة الأزمات الاقتصادية وسندان الإصلاحات الطموحة    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    منتخب U20 يهزم ليبيا في تصفيات كأس إفريقيا    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران        الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب: تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة        "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجهول الأب في نظام الحالة المدنية
نشر في أخبارنا يوم 20 - 09 - 2023

التشريع هو ركيزة الدولة والمجتمع معا لتحقيق دولة الحق والقانون. قوة هذا الأخير تتجلى كونه فوق الجميع. في نفس الوقت التطورات المجتمعية وطنيا ودوليا، والتداخل والتفاعل بين القواعد القانونية في الداخل والخارج تستوجب تكيف الترسانة القانونية القطرية (لكل بلد) مع المتغيرات المجتمعية، منتصرة بذلك لمبدأ المصلحة الوطنية العليا. في هذا الصدد، المملكة المغربية تعتبر من البلدان الرائدة في تطوير ترسانتها القانونية لجعلها في خدمة المصالح العليا للوطن ومصالح المرتفقين المشروعة.
في هذا السياق، تتوصل الإدارة المغربية ببعض الطلبات المشروعة إذا ما تم استحضار طابع المصلحة الشخصية، لكنها تسعى في العمق لتطويع أو تغيير قاعدة قانونية سارية المفعول. تقع الاجتهادات في بعض المؤسسات ويبقى إنصاف القاعدة القانونية بدلالاتها النبيلة وتقديسها أمانة يتحملها الممارس المسؤول في كل الدواليب المؤسساتية المعنية.
وهنا أطرح ظاهرة "الابن مجهول الأب" الباحث عن إثبات نسبه. عند ولادته تصرح به أمه لدى مكتب الحالة المدنية المختص داخل المملكة أو خارجها، فتختار له اسم أب وجد من أسماء العبودية واسم عائلي يجسد الخصوصية المغربية، مع التمتع بحقها في تمكينه من اسمها العائلي. تتطور وضعية ومصالح الوليد وأمه، وتتلاقى في بعض الأحيان مع مصالح الأب البيولوجي، فتنضج الفكرة عند هذا الأخير بدافع وضغط مصلحة الأطراف الثلاث (الوليد، الأم والأب البيولوجيان)، فيقبل منح نسبه لابنه أو ابنته بمقتضى إقرار ببنوة مكتوب. يتقدم إلى السلطة القضائية، ويستصدر حكما باسم جلالة الملك يتوج بتضمين بيان هامشي في رسم ولادة الطفل المعني. تستكمل مقومات هويته على هامش رسم ولادته الذي يعكس في شكله ومضمونه أنه كان قبل صدور الحكم طفلا مجهول الأب.
ومع تطور قانون نظام الحالة المدنية المغربي نتيجة حرص الدولة على إنجاح رقمنته، طرح عدد من الآباء والأمهات البيولوجيين ومواليدهم من هذه الفئة مطلب حق الطفل على هوية خالية من أثار الماضي السلبية بتمتيعه برسم ولادة طبيعي لا يعكس الأوضاع السابقة للأطراف الثلاث، ويمتع الطفل بهوية عادية. يتطلعون إلى أن يتغير القانون مرة أخرى لصالحهم بإتاحة إمكانية نقل رسم ولادة الطفل الرافض لصفة "مجهول الأب" التي التصقت به منذ ولادته إلى السجل الإلكتروني للسنة الجارية مع تضمين بيانين هامشيين (النقل على أساس حكم قضائي بإقرار بنوة)، الأول يحرر على هامش رسم الولادة الأصلي بمثابة إلغاء، والثاني (الجديد بمثابة ترسيم) يشار على هامشه كونه ناتج عن نقل رسم ولادة (رقم/السنة/المكتب) بمقتضى حكم قضائي (رقم، ملف، تاريخ، المحكمة المختصة).
أما بالنسبة للمواليد من هذه الفئة الذين سبق تسجيلهم خارج أرض الوطن، فقد أتاح القانون لأوليائهم الحق بنقل ولاداتهم من بلد الإقامة إلى القنصلية العامة للمملكة المغربية المختصة وفي أجل غير محدد، ورفع دعوى قضائية لإثبات نسبهم بمقتضى إقرار ببنوة. كما يبقى من حقهم كذلك، رفع نفس الدعوى لدى السلطة القضائية ببلد الإقامة لإضافة بيانات الأب البيولوجي في رسم الولادة الأجنبي، ومن تم نقله بهوية متكاملة إلى القنصلية المغربية السالفة الذكر. أكثر من ذلك، فقبل يوم 6 يوليوز 2023، كان متاحا لنفس الأولياء رفع دعوتين قضائتين في مكان السكن بالمغرب، الأولى لنقل الرسم الأجنبي ببياناته الكاملة إلى مكتب الحالة المدنية المختص داخل المملكة، والثانية لإقرار النسب بمقتضى إقرار ببنوة. تتوج العملية بترسيم ولادة الطفل في السجلات المغربية في رسم ولادة يجسد وضعيته منذ ولادته إلى أن تم الإقرار بنسبه (نقل الرسم الأجنبي بياناته الكاملة وإضافة بيان هامشي لإثبات النسب). بنفس الدوافع، هذه الفئة من الأولياء والأطفال يطمعون في رسم ولادة جديد يتضمن بيانات المولود وأبيه وأمه ومراجع الأحكام القضائية بدون أن يعكس أي عبارة متعلقة بوضعية السابقة خاصة ما يفيد أنه كان مجهول الأب.
وأختم هذا المقال بالقول أن هناك اجتهادات قضائية جريئة في هذا الصدد. منطوقها يأمر ضابط الحالة المدنية بنقل ولادة أجنبية مجهولة الأب إلى السجلات المغربية المفتوحة مع تحديد هوية الوالدين بمقتضى إقرار ببنوة أثناء تحرير رسم الولادة إلكترونيا. على المستوى العملي، هذا النوع من الأحكام يطرح صعوبة في التنفيذ محليا، ويحتاج إلى استشارة مركزية. النقل نقل لرسم أجنبي، والإقرار ببنوة إثبات لنسب بمقتضى اعتراف مكتوب وحدث لاحق زمنيا (الواقعتان مرتبطتان بزمنين مختلفين)، ليبقى إدماج القضيتين في حكم واحد يحتاج إلى صيغة واضحة لمنطوقه (نقل ثم إثبات نسب بإقرار بنوة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.