يُعتبر عيد الأضحى المبارك شعيرة من شعائر ديننا الحنيف الذي تحتفي به جميع البلدان الإسلامية لكونه سُنّة من سنَن المُصطفى صلى الله عليه و سلّم. و قد سُنّ عيد الأضحى في السنة الثانية للهجرة، وفق أقوال العلماء، ففي هذه المناسبة العظيمة يستحضر المسلمون قصة سيدنا إبراهيم و ابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث رأى في المنام أنه يجب ذبحه و لكن الله فداه بذِبح عظيم. و ذلك ما أشار إليه تعالى في كتابه "فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم". (سورة الصافات) الآيات 102-107. و بعد صلاة العيد يتمّ ذبح الأضاحي و التي هي من الأنعام الخالية من أي عيب، و تمرّ هذه الأيام في فرح و سرور و ابتهاج. ومن المقاصد الشرعية للعيد، ترسيخ روابط الأخوة بين الناس، والتذكير بفضل الله و نعمه على عباده، بالإضافة إلى تعظيم شعائر الله، و هو مناسبة للتسامح بين الناس و محو كل أشكال النزاعات والشحناء، وإدخال السرور والفرحة على الناس، والتوسعة على الأسرة، وتمتين روابط المحبة والرحمة والتعاون والتضامن بين أفراد المجتمع. و خلافاً لمقاصد الأضحى الشرعيّة تجِد أنّ المغاربة قد اتخذوا هذه الشعيرة تقليداً و عادة ورثوها من أسلافهم أكثر منه شعيرة دينية تسير وفق شرع الله و تحقيق المقاصد التي سُنّ من أجلها هذا العيد، ف(العيد الكبير) بالنسبة لهم هو التنافس بينهم في شراء أفضل الأضحية و أحسنها، فيجب أن يكون (الكبش) ذا قرنين كبيريْن، ضخماً فخماً أفضل من (كبش) الجيران و الأقارب مِمّا يجعل كلّ واحدٍ، عند اقتراب هذه المناسبة، لا يشغل بالَه إلّا الأضحية خصوصاً في أوساط الطبقة الفقيرة و المُعوِزة، التي يلجأ البعض من أفرادها إلى بيع بعض أثاثه المنزلي من أجل شراء الأضحية الفخمة و الضخمة لمواجهة انتقادات جيرانه و أقربائه ناسياً أنّ أضحية العيد ما هي إلّا سنّة يُمكنه الاستغناء عنها و عدم تحمُّل كلّ هذه المَتاعب لشرائها. و هناك من الناس من لا يؤدّي الفرائض الدينية التي فرضها الله عليه، من صلاة و صوم و غيرهما في حين يتشبَّت بهذه الشعيرة السّنّة اعتباراً منه أنها من تقاليد و عادات الآباء و الأجداد لا يمكن التخلّي عنها رغم ما يعانيه من ضيق الحال و صعوبة العيش، و خاصّة في وقتنا الحاضر الذي تعرف فيه الأسعار ارتفاعاً غير مسبوق. لهذا فمن واجب عُلمائنا و فُقهائنا تخصيص حيّزاً من الوقت من أجل توعية الشعب المغربي عبر منابر الإعلام و المَساجد بغية تخفيف العبء على الفقراء و المساكين في هذا البلد السعيد.