الشهرة، في نظري، لا تعني التميز لأن الجمهور المتميز قليل. فكم من شخص مشهور على مواقع التواصل له جمهور و أتباع و هو لا يقدم أي محتوى يستحق الإشادة، بل قد تجده يقدم محتويات هدامة و مع ذلك يلقى الترحيب و القبول لدى فئة عريضة من الناس. هذه الفئة يمكن أن نسميها ب " الجماهير". فهل للجماهير ذوق رفيع يمكنها من تمييز الصالح و الطالح؟ و هل تعتمد على معايير جمالية و أخلاقية لتصنيف الأشياء أم إنها مهووسة بالاستهلاك دون استخدام المنطق؟ إن ما يميز الجماهير أنها اندفاعية في تعاملها مع الحياة بصفة عامة، و مع محتويات السوشل ميديا بصفة خاصة. فالجماهير تستهلك المحتويات الرقمية دون تخطيط مسبق و دون أهداف مسطرة، تفتح هوافتها فتشرع في التهام كل ما يقع على عيونها، و بهذا تتشكل ثقافتها دون وعي و دون استخدام للمنطق. قد ندافع عن الجماهير و نصطف إلى جانبها من باب العاطفة و ضدا في استبداد النخبة، لكن في الكثير من المواضيع يصبح عدم انتقادها شعبوية. فالذوق الجماهيري ليس رفيعا و لا متفردا، بل خليط من تأثيرات مختلفة تأتي أساسا من الإعلام الذي يخضع للأنظمة الحاكمة. إن أكبر خطر يواجه المجتمعات هو الثقافة الجماهيرية المنمطة التي تخضع لأنساق ثقافية بنيت بإحكام و لأغراض محددة. هذه الأنساق ذات طابع سياسي، بحيث تخدم بشكل كبير الطبقة المهيمنة التي تفضل أن تتحكم في جمع غفير من الناس تقوده عواطفه و نزواته بدل التعامل مع نخبة مفكرة تسائلها و تطالبها دوما بالتغيير. و قد يستعين المستبد بالثقافة الجماهيرية لقتل المثقفين العضويين رمزيا أو أحيانا يصل الأمر إلى استخدام الجمهور في التصفية الجسدية