يعتبر وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري من أبرز مؤيدي جبهة البوليساريو في الولاياتالمتحدة وتزعم حملة لصالح تقرير المصير في الماضي. ورغم عدم احتلال نزاع الصحراء المغربية أهمية في أجندة دبلوماسية واشنطن، فهناك تساؤل هل سيكون برغماتيا في مواقفه ويراعي الاعتدال أم سيحدث العكس. وسيبدأ جون كيري نشاطه الخارجي بزيارة فرنسا خلال بداية الأسبوع المقبل وبعدها سينتقل الى الشرق الأوسط. ونظرا للحضور القوي للولايات المتحدة في العالم، فكل دول العالم تتساءل عن رؤيته للملفات المشتركة ومن هذه الدول المغرب الذي يتساءل عن رؤية جون كيري للعلاقات المغربية-الأمريكية وأساسا ملف نزاع الصحراء المغربية. ويعوض جون كيري في المنصب الوزيرة هيلاري كلينتون التي تعتبر من أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين التي دافعت عن مصالح المغرب في البيت الأبيض طيلة تاريخ العلاقات المغربية-الأمريكية، ويشكل رحيلها خسارة للمغرب خاصة في وقت دخل فيه نزاع الصحراء مرحلة حساسة للغاية. وشكلت كلينتون توازنا للتقليل من رؤية الرئيس باراك أوباما غير الودية كثيرا للمغرب بسبب نزاع الصحراء. ولمعرفة رؤية جون كيري للمغرب، يمكن الاعتماد على رؤيته للقضايا العربية ثم رؤيته للمغرب ونزاع الصحراء المغربية. وعلاقة بالموضوع الأول، يعتبر كيري من أبرز المنتقدين للأنظمة العربية. وأدلى بتصريحات داعمة للربيع العربي واعتبر هذا الربيع مرحلة حاسمة في تحرر الشعوب العربية. وهذا الموقف ليس بغريب عن كيري الذي تزعم حملة ضد الحرب الأمريكية في الفيتنام. وعلاقة بالموضوع الثاني، أي المغرب، فكيري ينتمي الى جناح الحزب الديمقراطي المتشدد في نزاع الصحراء المغربية. وقد وجه خلال أكتوبر 2001 رفقة مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ منهم إدوارد كينيدي رسالة الى وزير الخارجية وقتها كولين باول يطالبونه "بضرورة عودة الولاياتالمتحدة الى موقفها الكلاسيكي المتمثل في دعم تقرير المصير". في الوقت ذاته، تجمعه علاقة وطيدة بعائلة كينيدي، حيث نسق مع كيري كيندي في عدد من ملفات حقوق الإنسان. وتترأس كيري كيندي مؤسسة روبر كينيدي لحقوق الإنسان التي زارت الصحراء المغربية الصيف الماضي وأنجزت تقريرا لم يصب في مصالح المغرب. ولا يمكن للمغرب الارتياح لموقف عميد الدبلوماسية الأمريكية الجديد الذي سينحاز بشكل أو آخر الى مبدأ تقرير المصير في نزاع الصحراء المغربية وإن كان بشكل غير علني بحكم أن البرغماتية تحتم عليه إيجاد توازن. وقد يعيد جون كيري في مجلس الأمن موقف الولاياتالمتحدة في يوليو 2003 عندما كاد السفير الأمريكي جون نيغروبونتي أن يفرض على المغرب مشروع جيمس بيكر الذي ينص على الحكم الذاتي لمدة أربع سنوات والانتقال لاحقا الى استفتاء تقرير المصير.