مرة أخرى، أكد المغرب تفوقه على النظام الجزائري في القدرة على التخطيط الجيد على المديين المتوسط والبعيد، واستباق خطوات الجنرالات، مما يجعل مناوراتهم التي تستهدف مصالح المملكة وأمن شعبها، مآلها الفشل. فمنذ افتعال أزمة إغلاق معبر الكركرات عبر استعمال مرتزقة البوليساريو لقطع الطريق البري الذي يربط بين المغرب وعمقه الإفريقي عبر موريتانيا، أدرك المغرب الخطة التي يعد لها الكابرانات، والتي كانت تنص على إجبار الجيش المغربي على التدخل لطرد قطاع الطرق، واستغلال ذلك لإعلان البوليساريو الحرب على المملكة بحجة خرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، والعودة إلى تنفيذ عمليات عسكرية خاطفة تكبد المغرب خسائر بشرية ومادية وتعزع استقراره، وهو ما كان بالفعل، لكن مع فارق جوهري، هو أن الرباط كانت على علم بذلك ومستعدة له. ففي هذا الصدد، سارعت القوات المسلحة الملكية أولا إلى توسيع الجدار الرملي الدفاعي ليشمل الكركرات أيضا، لمنع استعمال ذلك المنفذ من طرف مرتزقة البوليساريو في عمليات كر وفر، كما تم التنسيق مع الجانب الموريتاني لمنع استغلال ترابها الوطني في شن هجمات على المملكة كما كان يحصل في فترة الحرب، والأهم من ذلك، هو حصول المغرب قبل ذلك بمدة على أحدث التكنولوجيات العسكرية، ونخص بالذكر طائرات الدرون الحربية، التي أصبحت كملك الموت بالنسبة للانفصاليين، وربطها بأنظمة رصد راداري جد متقدمة. فقد مكنت هذه التطورات الجيش المغربي من قلب قواعد اللعبة رأسا على عقب، حيث عجزت البوليساريو، رغم التدريب المكثف الذي تلقته من قبل الجيش الجزائري والميليشيات الإيرانية، والأسلحة التي حصلت عليها من عرابتها، عن الاقتراب من الجدار الدفاعي المغربي، إذ وبمجرد توغل مرتزقتها داخل المنطقة العازلة، يتم رصدها من طرف الرادات المغربية، وعلى الفور تتحرك طائرة مسيرة لتحييد العدو، ملحقة به خسائر بشرية جسيمة في لمح البصر، والأهم من ذلك هو الرعب الذي يعشش حاليا في نفوس الانفصاليين بمجرد التفكير في وضع أقدامهم بالمنطقة المذكورة. المخابرات الجزائرية نفسها، وحسب تقرير نشره موقع "مغرب أنتلجنس"، أبدت تخوفا كبيرا من عزم القوات المسلحة الملكية، اعتبارًا من فبراير المقبل، نشر عدد آخر وغير مسبوق من الطائرات بدون طيار التي حصلت عليها من إسرائيل، في إطار اتفاقية تعاون عسكري شامل بين البلدين، لكون الدرونات الإسرائيلية التي بدأت بالفعل في التحليق فوق الحدود الجزائرية المغربية في العديد من المناطق الحساسة للغاية، تمتلك تكنولوجيا متطورة، وقدرات قتالية لا قِبل لجبهة البوليساريو بها، وبالتالي فإن الرهان على استعمال إرهابيي البوليساريو في حرب بالوكالة على المملكة الشريفة، فشل قبل أن يبدأ.