ضربة أخرى تلك التي تلقاها النظام العسكري الجزائري المتغطرس ومعه آلته الإعلامية الصدئة، التي طبلت وزمرت كعادتها لوصول السفاح زعيم عصابات البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي الملقب بابن بطوش، إلى الأراضي الكينية يوم الثلاثاء 13 شتنبر2022 لحضور مراسيم تنصيب الرئيس الكيني وليام صامويل روتو. إذ أنها لم تتأخر في التعبير عن بهجتها بما اعتبرته انتصارا دبلوماسيا، وهي تنقل بزهو عبر شاشاتها كيف تم استقبال "الكركوز" ابن بطوش من قبل وفد حكومي رسمي بمطار العاصمة نيروبي، ثم دخوله إلى ملعب كاسارالي لكرة القدم، حيث سيؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية رئيسا خامسا لكينيا، دخول القادة الفاتحين وهو يلوح بيديه لتلك الجماهير الغفيرة التي جاءت للاحتفال برئيسها الجديد. وتكمن قوة هذه الضربة في أن الرئيس الكيني الجديد وليام روتو، لم يلبث أن أقدم غداة تنصيبه رئيسا لكينيا ومباشرة بعد تسلمه رسالة تهنئة من العاهل المغربي بواسطة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة وإجراء محادثات معه، على إلغاء اعتراف بلاده بالجمهورية الوهمية، ونشر في تغريدة له صباح يوم الأربعاء 14 شتنبر 2022 في حسابه على "تويتر" يقول فيها: "إن كينيا تلغي اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وتتخذ الإجراءات اللازمة للحد من وجود هذا الكيان على أراضيها". فيما أورد الموقع الإلكتروني لقصر رئاسة الجمهورية نص البيان المغربي الكيني المشترك، الذي يقول مضمونه إنه "احتراما لمبدأ الوحدة الترابية وعدم التدخل، تقدم كينيا دعمها التام لمخطط الحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية الذي اقترحته المملكة المغربية، باعتباره حلا وحيدا يقوم على الوحدة الترابية للمغرب" وهو ما يدل على أن الدبلوماسية المغربية ماضية في حشد الدعم لقضيتها الوطنية الأولى والتصدي لمناورات "العصابة" الحاكمة في قصر المرادية ونسف مخططاتها العدائية، بعيدا عن البهرجة وقرع الطبول. وهي الضربة التي شكلت انتكاسة حقيقية لجبهة البوليساريو الانفصالية وراعيتها، ولاسيما أن القرار بإلغاء الاعتراف بالجبهة الصحراوية جاء في أقل من 24 ساعة على نهاية حفل تنصيب الرئيس المنتخب، مما اضطر معه السفاح إبراهيم غالي إلى حزم حقائبه ومغادرة كينيا على الفور مذلولا وبذات السرعة التي فر بها من إسبانيا إلى الجزائر في 2 يونيو 2021 إثر انكشاف أمره، وذلك بعد أن كان دخل إليها بجواز سفر دبلوماسي جزائري مزور وبهوية مزيفة تحت اسم "محمد بن بطوش" بدعوى تلقي العلاج. وبهذا القرار غير المتوقع، تنهار إحدى الركائز الداعمة للانفصال في القارة الإفريقية، وتنتهي مسرحية تسفير ابن بطوش على متن طائرة رئاسة الجمهورية الجزائرية بذلك المشهد الدرامتيكي، ويعود السفاح من حيث أتى يجر أذيال الخيبة وراءه، ليس فقط بسبب تراجع الجمهورية الكينية عن الاعتراف بجمهورية الوهم والهم، بل كذلك بالشروع العاجل في إغلاق مكاتبها بنيروبي. وهو الموقف الذي شكل صدمة قوية للحالمين بإرساء جمهوريتهم المزعومة، وانضاف إلى مواقف دول أخرى تدعم الموقف المغربي والتي أعلن بعضها في وقت سابق عن افتتاح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، بعد اكتشافها زيف ادعاءات عصابات البوليساريو الإرهابية ومن يدعمها بالمال والعتاد لأغراض توسعية دنيئة. وجدير بالذكر أن الصفعة التي تلقاها النظام العسكري الجزائري المتسلط وعصاباته في نيروبي، ليست هي الأولى، إذ تلتها صفعة أخرى على يد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من خلال تصريحه لوكالة الأنباء القطرية بالقول: "إن وحدة التراب وعدم دعم الميليشيات الانفصالية المسلحة هو أساس كل تعاون مرتقب". فضلا عن صفعة أخرى، المتمثلة في تجديد المبعوث الخاص لدولة الإمارات العربية المتحدة بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، دعم بلاده لسيادة المغرب على صحرائه وهو يقود مجموعة من 35 دولة تدعم هي الأخرى الموقف المغربي في قضية النزاع المفتعل. وإلى جانب هذه الصفعات المتوالية هناك أيضا صفعة رياضية، حيث أنه بدل انخراط الجزائر ضمن اتحادات كرة القدم بالقارة السمراء في اتجاه تطوير اللعبة عبر تقديم مقترحات مجدية، جاء رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، جهيد زفزاف، إلى تنزانيا حيث يوجد مقر عقد أشغال الدورة "44" للجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، حاملا معه ملفا ثقيلا لا يتضمن سوى مقترح واحد ووحيد، وهو طلب إدراج ما يسمى بفريق ميليشيا البوليساريو ل"الكاف"، الذي تم رفضه من قبل أعضاء الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الذين صوتوا ضده. ولاسيما أن رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، كان قد اقترح قانونا يمنع عضوية الدول والكيانات التي لا تدخل في قائمة الأممالمتحدة، توم التصويت عليه بالإجماع في وقت سابق بالرباط، حتى من طرف رئيس الاتحاد الجزائري السابق خير الدين زطشي، الذي أعفي بسبب ذلك من منصبه. فأي عزلة إقليمية وعربية أصبحت تعيش في كنفها الجزائر، بفعل غطرستها وسياستها العدائية تجاه المغرب؟ وإلى متى ستظل تتلقى الصفعات الموجعة وتحصد في الهزائم النكراء؟ إننا وفي انتظار أن يحل الموعد الحاسم لطرد الكيان الانفصالي من الاتحاد الإفريقي، الذي بات وشيكا وبدأت ملامحه الكبرى تتشكل بفضل الدبلوماسية الملكية ذات الرؤية الواضحة والشاملة، نأسف كثيرا للإصرار الكابرانات على التمادي في استنزاف أموال الشعب الجزائري من أجل معاكسة مصالح المغرب ومطاردة السراب، وهم الذين بسبب تعنتهم وتعسفهم يجوز فيهم قوله تعالى في (سورة البقرة الآية 7): "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم".