أحالت وزارة العدل والحريات، على الأمانة العامة للحكومة، الخميس 31 يناير 2013 ، مشروع قانون يتعلق بمسطرة الأمر بالأداء. ويعتبر الفاعلون الاقتصاديون والخبراء نظام تحصيل الديون بالمغرب أحد أهم عوائق الاستثمار في المغرب. وسجل مشروع القانون أن «الممارسة القضائية لمسطرة الأمر بالأداء، أظهرت منذ سنها، سواء على مستوى المحاكم الابتدائية أو المحاكم التجارية، اختلالات بنيوية حالت دون تمكينها من تحقيق الغاية التشريعية من سنها». وسجل التقرير الأخير لممارسة الأعمال لعام 2013، الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، تراجع المغرب في حماية المستثمرين بنقطتين كما صنفه في الرتبة 97 من حيث سهولة ممارسة الأعمال، من بين 185 دولة شملها التقرير الدولي، ويرتب التقرير الدول على أساس الجوانب الأساسية للإجراءات الحكومية المنظمة لأنشطة الأعمال بالنسبة للشركات. واحتل المغرب بخصوص مؤشر «تنفيذ العقود» المرتبة 88 عالميا، وهو المؤشر الذي يقيس مدى كفاءة الجهاز القضائي في الفصل في نزاع تجاري، وأفاد التقرير بأن معدل المدة الزمنية بالأيام التقويمية، من اللحظة التي يقرر فيها المدعي رفع دعواه أمام محاكم المملكة المغربية وحتى لحظة سداد الدين، يبلغ 510 أيام، وتراجع المغرب ب16 مرتبة في التصنيف العالمي بخصوص مؤشر «تسوية حالات الإعسار»، أي «العقبات البيروقراطية والقانونية التي يتعين على صاحب منشأة الأعمال التغلب عليها». ويأتي تقديم مشروع القانون المذكور، تنفيذا لخلاصات أعمال اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، التي صادقت في الاجتماع السنوي الأول، الذي ترأسه عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، يوم 22 ماي المنصرم، على برنامج عمل يتمحور حول 9 أهداف استراتيجية تمت ترجمتها إلى ما يفوق 30 إجراء عمليا، وعقدت اللجنة لقاء ثانيا قبل أسابيع، للوقوف على مدى تقدم إنجاز «برنامج العمل». واعتبرت وزارة العدل أن تطور الاستثمارات الأجنبية والوطنية، سلبا و إيجابا، مرتبط بمدى تطور المساطر الرامية إلى تحصيل الديون، وتطوير آليات حل المنازعات التجارية، مؤكدة بأنه «كلما قلت تكلفة هذه المساطر من حيث الوقت والمصاريف، كلما كان حجم هذه الاستثمارات أكبر، على اعتبار أن ثقة المقاولات في الحصول على حقوقها تؤدي إلى المزيد من الاستثمارات وإلى تزايد رقم المعاملات التجارية». واعتبر أبو العرب عبد النبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة مونديابوليس، أن مشروع القانون الجديد، جاء في «الوقت المناسب»، وشدد أبو العرب في تصريح ل»التجديد» على أن «هناك مجموعة من المخاطر تهدد الاستثمارات الوطنية والأجنبية بالمغرب»، وقال «مسألة أداء الديون هي من بين الأمور التي تعيق نشاط المستثمرين داخليا وخارجيا، فالمستثمر يستثمر أموالا ضخمة ولا يستطيع استخلاص الديون ثم يضطر إلى اللجوء للمحاكم»، وأكد أستاذ الاقتصاد أن مشروع القانون، «يلبي مطلب الكنفدرالية العامة لمقاولات المغرب، وستمكن من تأمين الأمن الاستثماري بالمغرب». ويرى أبو العرب، أن ما يتعلق بالأداء من جانب المؤسسات العمومية، يعتبر «نقطة سوداء في مجال الأعمال بالمغرب»، يضيف المتحدث، «أي ما يتعلق بالصفقات العمومية وأداء مؤسسات الدولة لمستحقاتها تجاه الشركات والمقاولات»، مشيرا إلى أن «هناك احتقانا كبيرا جدا على مستوى مقاولات عديدة خاصة المقاولات الصغرى، فهي تنتظر أن توفي الدولة بالتزاماتها، ومنها من تختنق وتحتضر في انتظار تمكينها من مستحقاتها من طرف مؤسسات الدولة»، وشدد أبو العرب على أن أول نقطة يجب أن يحسم فيها مشروع القانون الجديد، هو «إلزام المؤسسات العمومية بالأداء وتحمل تبعات كل تأخير من حيث العقوبات التي تترتب عنها»، وختم أستاذ الاقتصاد تصريحه ل»التجديد» معتبرا أن «هذه الخطوة جبارة، في أفق توفير الأمن الاستثماري والتجاري والقانوني والمالي للمستثمرين بالمغرب، بشرط أن تنضبط لها المؤسسات العمومية». وقالت وزارة العدل والحريات، في المذكرة التقديمية لمشروع القانون الذي تتوفر «التجديد» على نسخة منه، أن «الممارسة القضائية كشفت أن بعض المدينين الذين صدرت في حقهم أوامر بالأداء لا يلجؤون إلى ممارسة الطعن بالاستئناف إلا بغاية التسويف والمماطلة»، يضيف المصدر، «كما تبين أن سكوت القانون عن بيان حدود اختصاص محكمة الاستئناف التي تنظر في استئناف الأمر بالأداء، نتج عنه تضارب واختلاف في العمل القضائي الصادر عن هذه المحاكم»، وهو ما دفع الوزارة إلى التفكير في إعادة النظر في المقتضيات المنظمة لمسطرة الأمر بالأداء، حتى تكون «أداة ناجعة لتحصيل الديون المستحقة، خاصة في الميدان التجاري». وينص مشروع القانون المذكور، على تعديل مقتضيات الفصول 155 و156 و158 و159 و160 و161 و162 و164 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية، وذلك بإلغاء مرحلة الطعن بالاستئناف في الأمر بالأداء وتعويضها بالطعن بالتعرض على الأمر المذكور، «توفيرا للوقت وحفاظا على مبدأ التقاضي على درجتين»، يضيف مشروع القانون، «وتوحيدا للمسطرة المعمول بها في إطار الأمر بالأداء بين محاكم المملكة»، حيث ستصبح الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الابتدائية مشمولة بالنفاذ المعجل، على غرار الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم التجارية، كما ستصبح الإقرارات الثابتة بمقتضى السندات العرفية الصادرة بين التجار، تقبل مسطرة الأمر بالأداء أمام المحاكم التجارية، وهو «ما سيرفع من نجاعة وفعالية مسطرة الأمر بالأداء». وتقول وزارة العدل والحريات، أنها تنتظر من مشروع التعديل التشريعي، أن «يرفع من تنقيط المغرب في التقرير السنوي الذي ينجزه البنك الدولي حول مناخ الأعمال في مختلف دول العالم، والذي يتضمن ترتيبا سنويا للدول بحسب درجة استجابتها لحاجيات الاستثمار، معتبرة أن ذلك «سيكون له أثر إيجابي على جلب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار الوطني».