برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    الملك يعين عددا من السفراء الجدد    الرباط.. انعقاد الاجتماع ال 11 للجنة العسكرية المشتركة المغربية-الإسبانية    مشكل انقطاع الكهرباء: إسبانيا تشكر المغرب    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    رئيس الحكومة الإسباني.. استعدنا التيار الكهربائي بفضل المغرب وفرنسا    وزير العدل يعلن نهاية الجلسات العامة في قضايا الأسرة وتحويلها إلى اجتماعات سرية    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    مهنيو الصحة بأكادير يطالبون بحماية دولية للطواقم الطبية في غزة    وزير الأوقاف: "دعاية فاسدة من منتسبين إلى الدين تؤدي إلى التطرف"    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    قضايا الإرهاب .. 364 نزيلا يستفيدون من برنامج "مصالحة"    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    أورونج المغرب تعلن عن اضطرابات في خدمة الإنترنت بسبب انقطاع كهربائي بإسبانيا والبرتغال    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ويرفض أي مساس بسيادة المغرب على كامل ترابه    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    توقف حركة القطارات في جميع أنحاء إسبانيا    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    لماذا المغرب هو البلد الوحيد المؤهل للحصول على خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي؟ محلل اقتصادي يجيب "رسالة 24"    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    حمودي: "العدالة والتنمية" نجح في الخروج من أزمة غير مسبوقة ومؤتمره الوطني تتويج لمسار التعافي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الماء بين دلاح زاكورة ومجهول تافيلالت
نشر في أخبارنا يوم 08 - 07 - 2022

متلفعا بالأخضر والأبيض جاء يمشي على استحياء، استهوته منطقة زاكورة فحطّ الرحال بها، استقبله أهلها بحفاوة، أكرموا وفادته، طاب له المقام فأقسم أن لا يرحل ضاربا بعرض الحائط مقولة " ضيافة النبي ثلاثة أيام". ذلك هو الدلاح أو البطيخ الأحمر الذي تمت زراعته في العقدين الأخيرين بضواحي مدينة زاكورة على نطاق واسع، اكتسح مساحات شاسعة من الأراضي التابعة للخواص وللجماعات السلالية. عمد زارعوه الى شراء الأراضي أو كرائها ، ومنهم من استفاد من تلك الاراضي على سبيل التفويت. تلك هي شرعة الاستثمار التي باركها المنتخبون المحليون وكبار الفلاحين.
اكتسب هذا المنتوج الفلاحي شهرة واسعة داخل المغرب وفي وقت قياسي حتى غذا "ماركة مسجلة".
- المشهد الأول:
شاحنات محملة بالدلاح تتوجه نحو جميع جهات المملكة.
- المشهد الثاني:
أصوات الباعة تتعالى في الأسواق: دلاح زاكورة الحلاوة ديال بالصّح، ذوق قبل ما تشري...
لم تمر سوى سنوات قليلة حتى طمح دلاح درعة الى مغادرة التراب الوطني لتجريب حظه في أسواق أوروبا، فكان له ما أراد. وكان ذلك دليل نجاح زراعته، على الأقل بالنسبة لمنتجيه.
- المشهد الثالث:
إنه موسم العطش بزاكورة والنواحي، قبل سنوات قليلة خرج سكان زاكورة والنواحي في مظاهرات حاشدة احتجاجا على ندرة الماء وقلة الماء الشروب، ليثار السؤال بحدّة:
من يكون المسؤول يا ترى عن هذا الوضع الكارثي المنذر بأزمة لا مثيل لها ؟
هناك من قال: إنه الجفاف الذي تسبّب في قلة المياه الجوفية وتراجع منسوب الفرشة المائية، فيما أشار آخرون بأصبع الاتهام للمنتوج الوافد:" الدلاح "، مدّعين أن إنتاج دلاحة واحدة يكلف أربعة أضعاف وزنها من الماء، فلو أخذنا فرضا دلاحة تزن 10 كيلو غرام فإنها تتطلب استهلاك 40 لترا من الماء. وبحسب بعض المعطيات المتأتية عن دراسة مُنجزة حول الإنتاج الزراعي والتدبير المائي في المنطقة ، تمّ استنتاج أن كيلو غرام واحد من البطيخ الأحمر يستهلك 45 لتر من الماء في حالة الاعتماد على تقنية سقي عصرية ( عملية التنقيط)، وهذا يعني أن دلاحة تزن 10 كيلو غرامات تستهلك 450 لتر من الماء.
أما في حالة السقي التقليدي فإن إنتاج الكيلو غرام الواحد من الدلاح يتطلب112 لترا من الماء العذب ، مما يعني ان دلاحة تزن 10 كيلو غرامات تستهلك 1120 لتر من الماء.
أمام اتساع الأراضي المستغلة في انتاج هذا البطيخ، فإنه من الطبيعي أن يتم تسجيل خصاص مهول في مادة الماء، خاصة إذا علمنا أن مدينة زاكورة تنتمي جغرافيا الى جهة درعة تافيلالت، التي يسودها مناخ شبه جاف، يتميز أساسا بقلة التساقطات المطرية وعدم انتظامها.
وبالموازاة مع انتشار هذه الضيعات الفلاحية الخاصة بإنتاج الدلاح في منطقة درعة، ظهرت ضيعات موازية في منطقة تافيلالت، خاصة على مستوى محور مسكي- بوذنيب حيث شغلت مساحة تقدّر ب 8 آلاف هكتار، تمّ تخصيصها لزارعة النخيل وبالأخص الصنف المدعو ب" المجهول". اضافة الى الضيعات المستحدثة على مستوى محور أوفوس – أرفود والريصاني.
في درعة كما في تافيلالت أقدمت عدة فعاليات منها جمعيات وتعاونيات فلاحية على دق ناقوس الخطر، منددة بهذا التهافت على إنشاء الضيعات الفلاحية ، وما يترتب عن ذلك من استغلال غير معقلن للماء، من دون الارتكاز على دراسة علمية تسهم في ترشيد استعمال الماء والحيلولة دون استنزاف الفرشة المائية للجهة، خاصة في ظل توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات ، وكذا انخفاض حقينة السدود الخمسة للجهة، وهو الانخفاض الذي أصبح معه شبح العطش يتهدد المنطقة ككل، وبالتالي سيؤثر لا محالة على النظام الواحي بالمنطقة والذي يشكل 46 % من مجموع الواحات بالمغرب.
نحن إذن أمام خيارين أو رهانين متعارضين:
1- رهان الاستثمار: الذي يدعي أصحابه الارتكاز على تنمية النشاط الفلاحي بالمنطقة، خاصة من خلال التشجيع على المزروعات المدرة للدخل، والتي تسهم في تشغيل اليد العاملة وبالتالي في تحقيق التنمية المحلية للجهة
2- رهان تدبير المياه: والذي يرى أنصاره أن مسألة الاقتصاد في مجال استغلال الماء، أصبحت تفرض نفسها كتحدّ أساس، في جهة تقلّ فيها التساقطات ويسود فيها التصحر، مما ينبغي معه ترك المزروعات التي يتطلب انتاجها وفرة في الماء ، وكذا مراقبة استهلاك أصحاب الضيعات للمياه...
وعليه فلقد بات من المستعجل إيلاء هذه المسألة ما تستحق من اهتمام من خلال إجراء دراسات ميدانية، تسعف أصحاب القرار إن محليا، أوجهويا، أو حتى وطنيا في اتخاذ الاجراءات المناسبة، والتي تأخذ بعين الاعتبار خدمة الصالح العام من جهة، والمساهمة أولا وأخيرا في التنمية المحلية لجهة درعة تافيلالت التي تعتبر من أفقر جهات المملكة، من دون الاضرار برصيدها ومخزونها المائي ، والذي قد يسبب في حال استنزافه الى تنامي عامل الهجرة نحو مدن الداخل مع ما يرافق ذلك من مشاكل بنيوية جمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.