لازال خبر إقدام النظام العسكري الجزائري عبر وزارة التعليم العالي والبحت العلمي في الجارة الشرقية المغلوبة على أمرها، الداعي إلى تنفيذ أمر عسكري فوري بانسحاب الأساتذة الجامعيين الجزائريين من عضوية اللجنة العلمية لمجلة مغربية متخصصة في الدراسات والأبحاث القانونية والقضائية و"منع أية مشاركة جزائرية في المؤتمرات والندوات التي ينظمها المغرب"، بل وأيضا "عدم نشر أي مقالات او أبحاث علمية في المجلات المغربية" كما جاء بالحرف في الأمر العسكري الذي تم إخراجه من خلال الوزارة المكلفة بالشأن الجامعي الجزائري. فما هو السبب والدافع الى هذا القرار الجديد الذي انضاف الى سلسلة من القرارات السابقة لماذا انتقلت سياسة "القطيعة" التي ينهجها هذا النظام تجاه بلادنا من البر والبحر والجو ومن السياسة والاقتصاد لتمتد الى الفكر والعلم والثقافة؟ وما المطلوب فعله حسب هذا القرار من السادة الأساتذة الجامعيين الجزائريين؟ -1-الجواب عن ذلك واضح لا لبس ولا غموض فيه وهو مكتوب في الرسالة التي وجهتها وزارة التعليم العالي والبحت العلمي الجزائرية الى أساتذة وباحثين في جامعاتها. لنتأمل جيدا في العبارات التالية التي جاءت في القرار الموجه الى نخبة من الأساتذة في القطر الجزائري الشقيق. -"فللإشارة فقد سبق للمجلة المذكورة (يقصدون المغربية) أن نشرت مقالات معادية للجزائر "، لاشك أن من قرأ أو سمع هذا الكلام سيعتقد ان هذه المجلة المغربية مست رمزا من رموز الدولة أو الشعب الجزائري أو تطاولت على سيادة هذا البلد أو اي شيء من هذا القبيل، فماذا جاء في هذه المقالات التي نشرتها المجلة المغربية والمعادية للجزائر؟ إنه وكما جاء في القرار «تدافع على الأطروحة المغربية بشأن قضية الصحراء الغربية"، والتي نعتبرها نحن المغاربة صحراء مغربية بقوة التاريخ والجغرافية، يا له من كلام لا يمكن لأي عقل أو أي منطق ان يقبله إلا إذا فقد صوابه وأصبح لا يميز بين الأشياء ولا يعرف ما يقول مثل عقول من يحكم في هذا البلد. الموقف الوطني السليم لدى كل شعب من شعوب العالم هو أن يدافع عن وطنه وبلده وعن أي جزء من أراضيه وأي شبر من ترابه ان الدفاع عن الأطروحات المغربية بشأن قضاياه التي يعتبرها مشروعة وعادلة ومنها قضية الصحراء في الأقاليم الجنوبية للمغرب حتى الحدود مع دولة موريتانيا الشقيقة. إن الدفاع عن ذلك من حق جميع المغاربة وكل المنابر الإعلامية والفكرية والثقافية. إن ما قامت به تلك المجلة المغربية يعتبر واجبا وطنيا. فهل كان حكام الجزائر ينتظرون من هذه المجلة ان تدافع عن أطروحاتهم المعادية لوطنهم المغرب؟ لن يفعل ذلك إلا المغرر بهم الذين خانوا بلدهم وتنكروا لوطنهم. -جاء ايضا في نفس القرار: "فعلى سبيل المثال لا الحصر المقال الصادر في العدد 42 في شهر ماي 2022، تحت عنوان أسباب طرد الجمهورية الوهمية (البوليساريو) من الاتحاد الأفريقي". ماذا يريد عساكر الجزائر وحكامها من هذه المجلة وغيرها من المنابر المغربية؟ هل يريدون الدفاع عن الانفصال وعن العصابات الإرهابية وقطاع الطرق. ان طرد هذه العصابة من الاتحاد الإفريقي هو ما يجب فعلا أن يكون، انه تصحيح للخطأ التاريخي الذي ارتكبته هذه المنظمة الإفريقية عام 1984 في ظرفية دولية لم تعد موجودة الآن في هذا الربع الأول من القرن الواحد والعشرين. إن طرد هذا الكيان المصطنع من طرف النظام الجزائري شيئ حتمي لأن الدول الافريقية الشقيقة لا تريد أن يستمر هذا الخرق للميثاق الإفريقي الذي أسسه زعماء ومحرري افريقيا الكبار سنة 1963 حينما أسسوا منظمة الوحدة الإفريقية انذلك (الاتحاد الإفريقي حاليا). إن الحقيقة الحتمية ليست فقط إزالة هذه العصابة الإجرامية من المنتظم الدولي وإنما زوالها نهائيا من الوجود، لأن المستقبل للشعوب الأصيلة المرتبطة بالأرض وللدول العريقة المتجذرة في التاريخ. -2- ماذا يريد حكام الجزائر من وراء هذا القرار؟ هناك أربع رسائل يتعين على الوزارة الوصية على التعليم العالي الجزائري تبليغها للأساتذة والباحتين الجزائريين الأجلاء وسنكتفي بتلات فقط: - " الانسحاب الفوري "من عضوية اللجنة العلمية لهذه المجلة ". - "منع اية مشاركة للأساتذة والباحتين الجزائريين في المؤتمرات والندوات التي ينظمها المغرب". - عدم نشر أي مقالات وأبحات في المجلات المغربية . ماذا يمكن أن نستنتج من كل هذا ؟ يمكن القول: - أن النظام الجزائري الحاكم يحارب بقوة وبكل الوسائل كل ما له علاقة بالمغرب وكل من يدافع عن سيادته على كافة أراضيه. - امام الانتصارات الميدانية والسياسية التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة وتزايد الاعتراف الدولي بالصحراء المغربية، اضطر قصر المرادية ومن يحركه من العساكر الى الإعلان صراحة بأن دفاع المغرب عن صحرائه يعني نهج سياسة عدائية تجاه الجارة الشرقية. - ان الإجراءات والمواقف الاخيرة لحكام الجزائر كشفت ما كان مستورا وما كان المغرب يؤكد عليه منذ استرجاع اقاليمه الجنوبية سنة 1975 و1979 بأن الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية هو من صنع الجزائر، وبان ما يسمى بالجمهورية" الكارتونية" الوهمية وتقرير المصير ما هي إلا أساطير وأوراق جزائرية بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى. -أخيرا نقول للنظام الحاكم في الجزائر بأن الشعبين المغربي والجزائري لهم من التاريخ والمصير المشتركين ما سيؤدي الى تقوية العلاقات في مجال البحث العلمي والفكري وتبادل الدراسات والأبحاث في شتى المجالات والاستفادة المتبادلة من الطاقات والإمكانيات التي يزخر بها البلدان الشقيقان من اجل مستقبل مشترك ومشرق. ملاحظة لها علاقة بما سبق :
بعد كل هذا لم يبق لهذا النظام إلا المجال الرياضي الذي يعمل على نشر قيم السلم والحوار ومبادئ الإخاء والتعايش والتضامن بين الشعوب، ولايجب أن نستغرب في أي وقت من الأوقات، منع الأندية والفرق الرياضية الجزائرية من التباري مع نظيرتها المغربية.