منذ إعلانه عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب من جانب واحد في غشت 2021، والنظام العسكري الفاشل والفاسد يتخبط في أوحال الحقد والكراهية. إذ لا يكاد يخرج من ورطة حتى يدخل في أخرى أكبر وأخطر، ولاسيما في ظل توالي الانتكاسات وتعدد الضربات الموجعة التي ما انفكت تنهال على رأسه في القمم والمؤتمرات والمنتديات والتجمعات الإقليمية والدولية، في الأممالمتحدة ومجلس الأمن واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وفي اللقاءات مع أغلب الدول الشقيقة والصديقة للمغرب. فالانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب تباعا بفضل السياسة الرشيدة لعاهله المفدى محمد السادس، المشهود له دوليا بالحكمة والتبصر، وتوالي افتتاح القنصليات في الأقاليم الجنوبية وتحديدا في مدينتي الداخلة والعيون، أفقدت الطغمة الحاكمة من جنرالات العسكر في قصر المرادية صوابها، ولم يعد بإمكانها معالجة الأمور بما يلزم من الرصانة والتبصر وإعمال العقل، وجعلها تصر على رفض الانصياع للأمر الواقع والامتثال لقرارات مجلس الأمن، ضاربة عرض الحائط بما يمكن أن يترتب عن تعنتها من عواقب وخيمة وعقوبات قاسية على الجزائر، التي تسير إلى الهاوية بسبب الأزمات المتراكمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا... والنظام العسكري الجزائري الجائر الذي فقد مصداقيته وتآكلت شعبيته، جراء سوء التدبير واستشراء الفساد في أرجاء البلاد، وما أبداه من عجز صارخ عن إيجاد السبل الكفيلة بالخروج من النفق المظلم، حيث أصبحت الجزائر اليوم تعيش على إيقاع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة كما يتضح ذلك من خلال عدة مؤشرات، من بينها طوابير الحليب والزيت والطحين، وارتفاع معدلات البطالة بنسب غير مسبوقة تتراوح ما بين 25 و30 في المائة خلال السنوات الأخيرة، وهي مرشحة لمزيد من التفاقم مستقبلا بسبب تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والمالي، فيما تجاوز الدين الخارجي 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لصعوبة الوضع الاقتصادي والمالي، وعرف الميزان التجاري ارتفاعا في العجز إذ بلغ حوالي 73,4 في المائة في سنة 2020، فضلا عن تصاعد معدلات الفقر حيث أصبح قرابة 73 في المائة من الجزائريين غير قادرين على العيش اعتمادا فقط على رواتبهم الشهرية، ومعطيات أخرى كثيرة. فلم يجد "الكابرانات" من وسيلة أمامهم لإلهاء الشعب وتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية، والتملص من مسؤولياتهم عدا الهروب إلى الأمام في اتجاه خلق عدو خارجي يهدد أمن واستقرار الجزائر، الذي ليس سوى البلد الجار: المغرب. فمعاداة المغرب من ثوابت عقيدة "الكابرانات" منذ عقود، جاعلين منه مصدر كل الشرور والأزمات التي تلاحق بلادهم، ولا أدل على ذلك أكثر مما تؤكد عليه الكثير من الصحف الدولية الواسعة الانتشار، من كون السلطات الجزائرية تحشد كل جهودها لمعاكسة المغرب في شأن قضيته الأولى: الصحراء، عوض تركيز اهتماماتها على إيجاد أنسب الحلول لمشاكلها الداخلية والاستجابة لتطلعات شعبها الذي لا يستحق حياة البؤس والحرمان المفروضة عليه بالحديد والنار. وقد ارتفع منسوب سعارها لما بات عليه مقترح المغرب حول الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية من إجماع دولي، فضلا عما قال ملك البلاد محمد السادس في أحد خطاباته: "إن المغرب لا يتفاوض على مغربية الصحراء، بل يتفاوض على وضع حل لهذا النزاع المفتعل" وزاد مشددا على أن "مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها واعتراف دولي واسع" وأمام هذا الإفلاس الفكري والأخلاقي، لم نجد من مقولة تنطبق على تمادي "العصابة" في التنصل من مسؤولياتها وإصرارها على تبديد الوقت في نسج الأكاذيب ومحاولات التضليل لتوريط المغرب، مسنودة بأبواقها الإعلامية المأجورة، سوى تلك التي تقول: "طاحت الصمعة علقو الحجام"، ففي بيان لرئاسة الجمهورية بتاريخ فاتح نونبر 2021 تم اتهام المغرب بقتل ثلاثة من مواطنيها بقصف جوي في المنطقة الحدودية بين موريتانيا والصحراء "الغربية" المتنازع عليها، متوعدا بأن الأمر لن يمر دون عقاب، واتهامه أيضا بتنفيذ هجوم آخر على قافلة شاحنة في ذات المنطقة الحدودية، واتهامه كذلك بمحاولة إفساد العلاقات الجزائرية/السعودية، واتهامه بدعم جماعة إرهابية ضد المصالح الجزائرية وما إلى ذلك من الاتهامات الباطلة. ثم أليس من الخبث منع وفد إعلامي مغربي بمبررات واهية من دخول التراب الجزائري لتغطية فعاليات الدورة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط بمدينة وهران، وإقالة مدير جريدة "الشعب" بدعوى ارتكابه خطأ فادحا، لمجرد وضع صورة المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة المشارك في فعاليات وهران 2022 بدل المنتخب الجزائري، فيما تم التغاضي عن التلاعب بالنشيد الوطني المغربي وعن الحكم الذي أعلن خسارة ملاكمة مغربية رغم فوزها؟ إن "عصابة الشر" بقيادة الحاكم الفعلي للجزائر السعيد شنقريحة وخادمه المطيع عبد المجيد تبون الرئيس الصوري الذي أضحت نهايته وشيكة بعد أداء دوره القبيح، التي أنفقت ملايير الدولارات من أموال الشعب الجزائري على صنيعتها البوليساريو بدون جدوى، وظلت ترفض بشدة تلك اليد البيضاء الممدودة إليها من أجل طي صفحة الماضي وتسوية جميع الخلافات، لن يكون بمقدورها مهما بلغت ممارساتها الدنيئة من دهاء تقويض جهود المغرب في حماية أراضيه، لأنه يملك من القوة ما يجعل أقوى الجيوش عاجزة عن دحره، من حيث التلاحم المقدس بين الشعب والعرش، والإصرار الدائم على عدم التفريط في حبة رمل من الصحراء المغربية، بل ومجموع ترابه من طنجة إلى لكويرة.