كشفت التصريحات الخرقاء للسيد عبد القادر مساهل، وزير خارجية الجزائر، وهو يكيل الاتهامات المجانية وعبارات الكراهية للمغرب المستوى الحقيقي للطغمة الحاكمة في الجزائر ودرجة الإفلاس الأخلاقي الذي وصلت إليه. وبما أنه يعاني من عقدة التفوق الجزائري فلم تسلم دول، مثل مصر وتونس وليبيا، من لغة الاستصغار والاحتقار التي استعملها رئيس الدبلوماسية الجزائري بعيدا كل البعد عن الأعراف الدبلوماسية والسياسية. إن ما صرح به الوزير الجزائري يعبر عن حقد دفين تجاه ما يعرفه المغرب من تحولات سياسية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية كبرى، وتدفق الاستثمارات الكبرى في بلادنا سواء الأجنبية أو الوطنية، ومن الدور الجيو إستراتيجي الذي أصبحت تضطلع به المملكة على مستوى القارة الإفريقية، والنجاحات المبهرة التي تحققها الاستثمارات المغربية في العديد من الدول الإفريقية في إطار شراكة رابح رابح، بالإضافة إلى ريادة بلادنا في محاربة الإرهاب في القارة الإفريقية، والتقدير الكبير الذي يحظى به المغرب في المحافل الجهوية والدولية، كل هذا أصبح يشكل عقدة ومحل انزعاج كبير لمريدي قصر المرادية الذي بات عاجزا عجزا تاما عن مجاراة المغرب في هذه الدينامية غير المسبوقة، والتي جعلت من بلادنا نموذجا للدول الصاعدة. ومن ثمّ، استعمل الوزير الجزائري عبارة "المغرب ما غديش يخلعنا"، وهو محاولة يائسة للالتفاف حول هذه الحقيقة التي تدعمها الأرقام ومؤشرات التقارير الدولية والوطنية. تصريحات الوزير الجزائري تأتي في سياق جولة السيد هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء، للدفع بحلحلة الوضع، خصوصا أن المغرب قدم عرضا سياسيا كبيرا لحل هذه القضية المصطنعة والمتمثل في الحكم الذاتي، وهي المبادرة التي لاقت تجاوبا كبيرا من لدن المنتظم الدولي ووصفتها الدول الكبرى بأنها جدية وذات مصداقية، في الوقت الذي تحاول فيه الجزائر في كل مرة اصطناع عراقيل واستفزاز المغرب بهدف التهرب من مسؤوليتها المباشرة والأخلاقية باعتبارها طرفا أساسيا في هذا النزاع المفتعل، ولا تترك أي فرصة إلا وتستغلها لأعمال الاستفزاز بما فيها القضية الساخرة التي تذكرنا بتسلل الحمير إلى التراب الجزائري. لم يجد الوزير مساهل ما يستدل به لتبيان عقدة التفوق سوى تقرير البنك الدولي حول مناخ الأعمال "doing business"، ومن المضحك أن هذا التقرير الذي تعلق به السيد الوزير يضع ترتيب الجزائر وراء المغرب. وهكذا، وبالرجوع إلى تقرير سنة 2017 نجده يصنف الجزائر في المرتبة ال156 من بين 190 دولة، بينما صنف المغرب في المرتبة ال68 عالميا في مجال الإصلاحات التي تهم مجال الأعمال والاستثمار، أي أن المغرب يتفوق على الجزائر في هذا المجال ب88 رتبة. فعن أي ريادة وعن أي تفوق يتحدث عنه الوزير الجزائري؟ وعلى مستوى التنافسية، يثبت تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2017 فيما يتعلق بالدول الأكثر تنافسية أن المغرب يتفوق على الجزائر، حيث يصنفه في المرتبة ال71 عالميا متقدما على الجزائر التي تحل في المرتبة ال86. وعلى مستوى التنافسية السياحية، يحتل المغرب المرتبة ال65 على المستوى العالمي في هذا الترتيب الذي يشمل لائحة من 136 بلدا، بينما تحتل الجزائر المرتبة ال118 عالميا. وعلى مستوى مؤشر الابتكار العالمي لسنة 2017 الصادر من جامعة كورنيل، والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (الإنسياد)، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، حل المغرب في المرتبة ال72 عالميا، بينما صنفت الجزائر في المرتبة ال108 من أصل 127 دولة وفي المركز ال12 عربيا أي ما قبل الأخير. لقد أصبحت الجزائر على وشك الإفلاس العام، وعلى أبواب أزمة خانقة تنذر بانهيارها، بفعل حالة الفساد المستشري في اقتصادياتها وفي ميزانياتها التي تعتمد على النفط والغاز بنسبة تصل إلى 65 في المائة. وتشير بعض التقارير إلى أن درجات نهب المال العام تصل إلى مستويات مخيفة، إذ بلغت ملايير من الدنانير، كفضيحة صفقات سونطراك الأولى والثانية وفضائح الطرق السيارة ناهيك عن مئات قضايا الرشاوى والفساد، والتهرب الضريبي، وغيرها من المؤشرات التي تجعل الجزائر على شفا الهاوية. وتصنف الجزائر في المرتبة ال108 ضمن الدول الأقل شفافية والأكثر فسادا في العالم، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية. ويصل معدل البطالة في الجزائر إلى 12.5 في المائة بينما لا يتجاوز 10 في المائة بالمغرب، ويعيش ثلث الجزائيين تحت عتبة الفقر.. هذه بعض الأمثلة فقط، وهناك عشرات الأرقام والمؤشرات التي تبين الواقع المفلس التي أصبحت تعيشه الجارة الشرقية للمغرب جراء الفساد السياسي واستشراء الفساد المالي والاقتصادي واستحواذ الطغمة الحاكمة على خيرات البلاد وتبييض الأموال وتهريبها للخارج، في تآمر فاضح على بلد المليون شهيد، وعلى الشعب الجزائري الشقيق الذي استنكرت مكوناته تصريحات مساهل. أما المغرب، الذي سيظل يشكل عقدة لحكام الجزائر، فإنه ماض بثبات في بناء مستقبله الواعد بمواصلة أوراشه التنموية وإصلاحاته الهيكيلية الكبرى على المستويات الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وفي انفتاحه على محيطه القاري والدولي، وفي أولوياته الرامية إلى الارتقاء بالإنسان المغربي تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.