مَوقفٌ محرجٌ ومأزقٌ حقيقيٌ تواجههما الجزائر سببهما دعوة جامعة الدول العربية جميع المنظمات والهيئات المنضوية تحت لوائها إلى اعتماد خريطة موحدة في جميع التظاهرات التي تنظمها، مرفقة بصورة لخريطة الدول العربية، ضمّت خريطة المغرب كاملة. هذه التوصية تزامنت مع رغبة "الجارة الشرقية" في تنظيم هذه القمة في مارس المقبل، من أجل التعبير أنها حاضرة بقوة في محيطها الإقليمي والمغاربي والعربي؛ بيد أن دعوة الجامعة نفسها أربك أوراقها ووضعها في موقف لا تحسد عليه؛ إما أن تنظم القمّة بخريطة المغرب كاملة غير مبتورة من أقاليمها الجنوبية؛ وإما أن تعتذر عن تنظيمها في آخر المطاف. وفي هذا السياق، يرى إدريس قصوري، محلل سياسي وأستاذ جامعي، أن "الجامعة العربية تنظر بإيجاب إلى القمة المقررة تنظيمها في الجزائر؛ وهذه الأخيرة مجرد بلد محتضن فقط، والجامعة تتكلف بكل الترتيبات"، مشيرا إلى أن "البروباغاندا التي أحدثتها 'الجارة الشرقية' ليست لصالح فلسطين كما تدعي؛ وإنما لفائدة صنيعتها البوليساريو قصد التشويش على المغرب، الذي يسير بخطى ثابتة نحو إنهاء هذا النزاع لصالحه". وتابع قصوري، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "البوليساريو كنقطة غير مطروح في جدول الأعمال، ورغم ذلك يبدو أن 'الجارة الشرقية' ما تزال مستمرة في تعبئتها وتحركاتها لفك العزلة عن جزائر تبون"، مردفا أن "سبب هذه التوصية العربية يكمن في لفت انتباه الجزائر حتى لا ترتكب حماقات، من قبيل حذف المغرب بكامله من خريطة الدول المشاركة في القمة جراء حقدها الكبير تجاه المغرب". المحلل السياسي تابع، كذلك، أن "التوصية تشمل جميع الأنشطة حتى لا تنظم الجزائر نشاطا وتبتر من خريطة المغرب أقاليمه الجنوبية وتزعم أنه مجرد نشاط موازٍ"، مقرا أن "هذه التوصية بمثابة خارطة طريق رسمها مسؤولو الجامعة العربية، من أجل وضع حد لأي مناورة قد تصدر من الجارة الشرقية في أية لحظة". وأردف الأستاذ الجامعي أن "الجزائر ردت على هذه التوصية بخروج 'رمطان العمامرة'، وزير الخارجية، بتصريح قال فيه إنه لا وجود للحدود بين الدول، حتى لا يعتبر هذه المذكرة صفعة وهزيمة جديدتين للنظام العسكري الجزائري، بعدما تيقن نظام 'الجارة الشرقية' أنه لا تراجع عن هذا القرار الصادر عن جامعة الدول العربية"، مشددا على أن "كلمة البوليساريو غائبة كليا عن الخريطة". قصوري تابع حديثه بشرح أن "المناطق المتنازع عليها تكون عادة بلون رمادي أو مغاير للون المعتمد في الخريطة"، موردا: "نلاحظ أن الخريطة تتضمن اللون الأخضر فقط، وفي الأقاليم الجنوبية ليس هناك لون رمادي أو مغاير، وهذا دليل على أن الصحراء في ذهنية وتصور الجامعة العربية مغربية". كما أضاف المحلل السياسي بالقول: "أمام هذا المعطى؛ فإن الجزائر ستخضع لأمر الواقع ما دامت الجامعة متشبثة بقرارها، لاسيما وأن دول مجلس التعاون الخليجي اصطفت إلى جانب المغرب في هذا النزاع المفتعل وعبّرت عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب كحل واقعي وجدي حول الصحراء المغربية".
وتمنى الأستاذ الجامعي نفسه أن "تعقد الدورة بالجزائر وفي وقتها"، خالصا في ختام تصريحه إلى أن "إصدار بيان من داخلها يعترف بمغربية الصحراء سيكون ضربة قاضية لها".