انعقاد الدورة ال 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب بمشاركة المغرب    المغرب يطالب بمواجهة الإرهاب والانفصال.. وهذه رؤيته لتحقيق الاستقرار في إفريقيا    "مشروع قانون المسطرة الجنائية ورهانات حقوق الانسان " موضوع ندوة وطنية بالقصر الكبير    حملة تضليلية تستهدف الملك محمد السادس    رئيس "الأنتربول" يؤكد ثقته في قدرة المغرب على تنظيم نسخة استثنائية لكأس العالم 2030    البطولة: الوداد البيضاوي يعمق جراح شباب المحمدية بخماسية في شباكه مقربا إياه من الهبوط للقسم الثاني    الحسيمة.. أحداث لا رياضية في ملعب ميمون العرصي    المضيق تسدل الستار على الدورة الخامسة لسباق 10 كم    الوقاية المدنية تواصل البحث عن شاب غريق بمرقالة طنجة بعد تحدٍّ خطير على تيك توك    العرائش تتألق في البطولة الوطنية المدرسية لكرة السلة بزاكورة وتتوج بلقبين    في إشارة لوزير العدل.. ابن كيران: هناك من يحرض النيابة العامة والرئاسة الأمريكية ضدي!    عبد اللطيف حموشي يوشّح بوسام الأمير نايف للأمن العربي    تعبئة 133 مليون درهم لحماية مدينة تطوان من الفيضانات    منتخب السيدات يواجه غانا وهايتي    تحيين جديد يخفض أسعار الغازوال ب 12 سنتيما .. والبنزين في استقرار    نتنياهو يتعهد بتنزيل "رؤية ترامب"    تصريحات بركة حول دعم الأضاحي تثير مطالب بتتبع عمليات الاستيراد    إجهاض محاولة لتهريب 12 ألف قرص مخدر بتطوان وتوقيف شخصين    سلا تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    تساقطات مهمة تعم إقليم ميدلت    "نفس الله".. رواية جديدة للكاتب والحقوقي عبد السلام بوطيب    لماذا لا تتحدثون عن شعرية النقد الأدبي؟    تعدد الأنظار إلى العالم    إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة بعد موافقة ترامب    المغرب أفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2025    لطيفة العرفاوي تغني لتونس    تقرير: المغرب يحصل على تصنيف أحمر في مؤشر إنتاج الحبوب    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يبرم اتفاقا بشأن الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة الغاز "الوحدة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حريق يلتهم 400 محل تجاري بسيدي يوسف بن علي مراكش    رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية تزور العيون والداخلة والرباط    ميارة: قانون الإضراب يساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص الشغل وفق تعاقد اجتماعي واضح    مسؤولون وخبراء يجمعون على أن المغرب يسير في اتجاه عصرنة وسائل النقل المستدام    أكادير.. افتتاح الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    بين الاحتفال بشعيرة الأضحية وإلغائها بسبب الجفاف.. "برلمان.كوم" يرصد آراء مواطنين مغاربة (فيديو)    التصويت في الاتحاد الإفريقي.. من كان مع المغرب ومن وقف ضده: مواقف متوقعة وأخرى شكلت مفاجأة في مسار التنافس    افتتاح الخزانة السينمائية المغربية في الرباط: خطوة هامة نحو حفظ التراث السينمائي الوطني    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين \" المؤامرة الخارجية \" ... و المؤامرة الداخلية‏

من تحصيل الحاصل القول إن نظرية المؤامرة تشكل مكونا بنيويا في نسق الفكر السياسي الكوني ، كما أنها ترتبط بالوجود الإنساني في مختلف الحقب التاريخية . و غني عن البيان الإشارة إلى أن العرب – في العصر الحديث تحديدا - كانوا بحق ضحايا المؤامرات الأجنبية ؛ و لعل اتفاقية سايس بيكو في مستهل القرن العشرين أتاحت للغرب إمكانية تفتيت العالم العربي ، و زرع إسرائيل في قلبه من أجل الحيلولة أن تقوم للعرب قائمة .. لا بل إنا قد نتفهم من يذهب الآن إلى أن حراك الشارع العربي الراهن هو وليد مخططات أمريكية و إسرائيلية و أطراف عربية ، من أجل خلق واقع سياسي مختلف يهيئ لمواجهة " قادمة " بين عرب السنة و النظام الإيراني . غيرأن إيماننا بهذه المسلمات " البديهية " شيء ، و تعليق خطايانا و مسلكياتنا الدراماتيكية على مشجب " المؤامرة " الخارجية شيء آخر . فمهما كان وقع المؤامرات الأجنبية و مفعولها ، لا يمكن أن تلحق أي ضرر إذا كانت الجبهة الداخلية محصنة على الوجه الأمثل . و هذا لعمري لم يحصل في جل الأقطار العربية " الرجعية " منها و " التقدمية " . لقد كان الأمل معقودا على ما بعد " استقلال " الدول العربية ، إثر تضحيات جسام و معارك رجولية و ضعت حدا للاستعمار الغربي طيلة النصف الأول من القرن الماضي ، بيد أن المسار الذي اتخذه الواقع العربي كان مناقضا لتطلعات الشعوب و أحلامها في الاستقلال و الوحدة و التقدم . حيث انقسمت الدول العربية إلى محمرين اثنين : محور المعسكر الشرقي" المدافع" عن الوحدة و الاشتراكية و القضاء على إسرائيل في إطار جبهة " الصمود و التحدي " ، و محور المعسكر الغربي " المدافع " عن الديمقراطية و الرأسمالية و القيم الليبرالية ، و قد تجسد هذا المعطى " التاريخي " في مناخ ما سمي بالحرب الباردة . و بعد عملية حشو مريعة لعقول صغار المواطنين و كبارهم بالعناوين الطنانة و الشعارات الجوفاء و القمم " المنحدرة " ، تكتشف الشعوب العربية أنه غرر بها من قبل زعمائها " أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو " . مرت خمسة عقود – تقريبا – على خروج الاستعمار الأوروبي ليتيقن الشعب العربي أن حكامه كانوا فعلا في ميدان " التصدي و المواجهة " : تصديهم لشعوبهم و أحلامهم بالعيش الكريم و مواجهة كل من سولت له نفسه أن يطالب بحقه في التعبير و العمل و السكن و الأمن .. و أضحت خيرات العالم العربي الكبير تحت الأرض و فوقها من نصيب الأسر الحاكمة المتحكمة ، تلك الأسر التي مارست مختلف أنواع التنكيل و التعذيب و الترهيب في حق شعب ذنبه الوحيد أنه لا ذنب له . و الآن وبعد أن دقت ساعة الحقيقة ، و بفضل ثورة تكنولوجيا الاتصالات و ثورة المعلوميات ، و انتشار الخبر و سهولة التواصل ، و اليقين المطلق
بأن " الحكام " العرب عاجزون عن تحقيق ما وعدوا به ليلة قبضهم على كرسي الزعامة ، بعد الانقلابات العسكرية و مجيئهم فوق ظهر الدبابة في الغالب الأعم ، نهض الشارع العربي بغض النظر عن العوامل الجيوستراتيجية المصاحبة ، من أجل استرجاع حقوقه المغتصبة من قبل الحكام المتآمرين ؛ و الذين أبانوا عن ساديتهم و نزعتهم الدموية و استماتتهم في الدفاع عن أنفسهم بشتى وسائل القمع البوليسي و العسكري . و ما يقع الآن في ليبيا "ملك ملوك إفريقيا" و اليمن غير السعيد و سورية " الأسد " على شعبه فقط ، دليل ناصع على بشاعة المؤامرة الداخلية .
فأين هي المؤامرة الخارجية ؟ أليس من حق الشعوب التي جردت من أبسط الحقوق المادية و المعنوية أن تصرخ ؟ أليس من حقها أن تدق باب " الصهريج " ؟ ثم ألم يكن أمام هؤلاء " الزعماء " المجانين أي حل آخر سوى إراقة الدماء و تدمير المعبد بمن فيه ؟ هل حدث في تاريخ البشرية قديما و حديثا أن " خاطب " رئيس شعبه و هو يقهقه و ينفجر ضحكا ( بشار الأسد ) ، في اللحظة التي يسبح فيها المتظاهرون السلميون في دمائهم و تحت وابل الرصاص الحي ؟ لقد آن الأوان لوضع "نظرية المؤامرة الأجنبية " جانبا ، من أجل التعاطي مع المؤامرة الداخلية ؛ مؤامرة الإبقاء على قانون الطوارئ و رفض التعددية الحزبية و قمع الحريات الإعلامية و تقوية جهاز المخابرات .. إننا لا نطلب أكثر مما تتمتع به الشعوب التي تستحق هذا الإسم ؛ نظام سياسي ديمقراطي عصري يقوم على ما قدمته البشرية من اجتهادات و مواثيق و قرارات ملزمة ، و توزيع عادل للثروة و مراقبة و محاسبة الحاكم و المحكوم على حد سواء ، فهل سيستجيب زعماؤنا " المبجلون " لمطالب الشعب الملحة و المنسجمة ومنطق العصر ؟ أم أنهم سيخلفون الميعاد كدأبهم على ذلك ، و يخطئون قراءة التاريخ و يرحبون ب " المواجهة إذا فرضت " حسب تعبير الرئيس السوري " الضاحك " ؟!

*باحث في قضايا الفكر و السياسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.