أصدر مرصد العمل الحكومي التابع لمركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، (أصدر) تقريره الثاني حول رصد ومناقشة ومصادقة البرلمان على قانون المالية 2022؛ إذ قدم التقرير رصدا مفصلا لمختلف المراحل التي مر منها مشروع القانون داخل المؤسسة التشريعية. التقرير نفسه، الذي توصل موقع "أخبارنا" بنسخة منه، انتقد هيمنة الأغلبية الحكومية على الرقابة البرلمانية، وعدم تكافؤ المدة الزمنية المخصصة للمناقشة بين فرق الأغلبية والمعارضة، مشيرا إلى الارتباك المسجل فيما يتعلق بالانسجام بين فرق الاغلبية داخل مجلس النواب . وثمّن التقرير ذاته تقديم التعديلات المشتركة لفرق الأغلبية والمعارضة داخل مجلس النواب، واصفا الخطوة بالعمل المركز الذي سيساعد في كسب الوقت وخلق الانسجام الضروري بين مكونات المعارضة من جهة، ومكونات الحكومة من جهة أخرى. كما انتقد التقرير عينه عدم تسجيل أي تعديلات تمس أسس توجهات وجوهر مشروع قانون المالية من طرف فرق المعارضة والأغلبية على حد السواء، واقتصار التعديلات المقدمة على بعض الإجراءات الضريبية والجمركية. المرصد المذكور عبّر عن تخوفه من هشاشة الفرضيات الاقتصادية الخاصة بالمحروقات، التي يقوم عليها قانون المالية 2022، وعدم مطابقتها للواقع الاقتصادي ولتوقعاته الممكنة خلال سنة 2022، معللا ذلك بالارتفاع المتزايد لأثمنة المحروقات (تجاوز أسعار البترول ل80 دولار مع توقعات بمزيد من الزيادة، وتأرجح أسعار الطن من الغاز بين 466 و720 دولارا، بمتوسط 606 دولار خلال الفترة ما بين يناير وأكتوبر 2021)، مدعومة بالاستعادة القوية للنشاط الاقتصادي في مختلف الأسواق العالمية، ووجود شح فيما يتعلق بالعرض. كما أعرب المرصد في تقريره السالف الذكر عن ارتياحه لتوجه الحكومة نحو خفض عجز الميزانية، بينما أبدى تخوفه من عدم القدرة على إنتاج محصول زراعي من الحبوب مقدر ب80 مليون قنطار المعلنة في قانون المالية 2022 (زيادة عن المعدل المتوسط المعلن في مخطط المغرب الأخضر والمقدر في 75 مليون قنطار)، مفسرا ذلك بالمؤشرات الفلاحية السلبية التي تلوح في الأفق خلال موسم 2022، خاصة مع معدل التساقطات المطرية غير المطمئن المسجل في بداية الموسم. من جهة أخرى، اعتبر التقرير أن نسبة النمو المحددة في 3.2 في المائة تبقى ضعيفة وغير قادرة على مواكبة الانتظارات الكبرى للشعب المغربي، ومسايرة التوقعات العديدة للحكومة فيما يخص التشغيل والإقلاع الاقتصادي، والبرامج الاجتماعية التي تنوي الحكومة إنجازها. وفيما يخص الاستثمار الحكومي، أكد المرصد على ايجابية استمرار تركيز الحكومة على استعادة النشاط الاقتصادي، من خلال الرفع من ميزانية الاستثمار ب6.5 في المائة بالمقارنة مع سنة 2021 (230 مليار درهم)، لتصل إلى 245 مليار درهم سنة 2022. وأشار التقرير نفسه إلى ما سماه بضبابية الإجراء الخاص بخلق 250 ألف منصب شغل الذي رصد له قانون المالية 2 مليار و250 مليون درهم، في ظل نوعية عقود التشغيل (محددة المدة) التي سيتم الإدماج من خلالها، والجهة التي ستتكفل بالإدماج (جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات)، مشيرا إلى أن هذا الإجراء قد يكرس وضعية تشغيل هشة لدى الفئات المستهدفة (المقصيون من سوق الشغل) من جهة مدة العمل والأجر، وقد يخلق نوعا من التوتر الاجتماعي في المستقبل القريب. كما أشاد التقرير بإيجابية التسريع في تعميم التأمين الإجباري عن المرض لفائدة الفئات الهشة والفقيرة، من خلال تخصيص 2.2 مليار درهم في إطار صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وإيجابيات التوجه نحو مواصلة أوراش البنية التحتية الكبرى والمشاريع الطاقية (المركبات الريحية، السدود، الطرق، الموانئ). وفي السياق ذاته، انتقد مرصد العمل الحكومي ما سماه غياب أي تدابير مالية مخصصة لمحاربة الفساد، رغم آثاره الكبيرة على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية الحكومية فيما يخص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وعدم توضيح مسالك صرف الاعتمادات المالية المخصصة لهذا الغرض (500 مليون درهم).