إن الحديث عن الأحياء الشعبية البيضاوية لا يمكن أن ينطلق دون أن نقف جميعا أمامها وقفة إجلال وإكرام.فهي التي شكلت منطلق المقاومة المغربية في مواجهة المستعمر الغاشم بفضل أزقتها الضيقة ومداخلها الملتوية المتقاربة وأبوابها المفتوحة كرما حينا وملجأ للفارين من الملاحقات البوليسية حينا آخر أيام الإنتفاضات الشعبية ضد غلاء الأسعار وفساد السياسيات. إن أبناء المقاومة ومدرسة النضال سطروا تاريخ بطولاتهم وأمجادهم في دروب المدينة القديمة ودرب غلف ودرب السلطان والحي المحمدي ....ولعل دلالة إسمها المرتبط بالشعب تجعل لها أثرا عميقا في نفوسنا جميعا ففيها اجتمع أبناء الفقراء ليطلبوا العلم ومنها حصلوا على شواهدهم العليا ومناصبهم الإجتماعية المميزة. واليوم نعود لها في نهاية الأسبوع والعطل الدراسية إما واصلين لرحم الآباء والأمهات أومتفقدين لأصحاب ورفاق أو مشيعين لجنازة جار أو حبيب. ولكم أصبحت حسرتنا أكبر وألمنا أعمق ونحن نسمع عن ارتفاع معدلات الإجرام وانحراف القاصرين وفساد القاصرات بأحيائنا الشعبية، لنتأسف عن زمان كنا نعد فيه المعربدين والمجرمين على رؤوس الأصابع. لقد أصبح الولوج لهذه الأحياء اليوم صعبا إن لم نقل مستحيلا نظرا لارتفاع العدد المهول للباعة المتجولين المستقرين الذين استغنوا عن عجلات عرباتهم وتوزعوا بين عاطل باحث عن لقمة العيش وبين مروج للمخدرات والمهلوسات اختفى وراء البطاطس والطماطم. إن قلوبنا تتألم كمدا حين نشاهد قاصرين لا يتجاوز سنهم السادسة عشر يتزعمون عمليات السطو والسرقة والإدمان على المخدرات،لا يتقنون البتة ألعابا تنافسنا فيها أيام صبانا خلال عطلنا وتذكروا معي حابا و مالة وكارطة والبي والنك ... إن الغيرة على هذا الوطن الحبيبب تدعونا اليوم لتحرك مجتمعي عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى نحمى تاريخنا وتراثنا ونصون مستقبلنا قبل فوات الأوان